أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في سلوك النظام و المعارضة.. قراءة سريعة... مؤيد اسكيف*

 اندلاع الثورات العربية في كل من تونس و مصر و ليبيا و اليمن استحضر النظام السوري مختلف السيناريوهات الممكنة للتعامل مع أي ثورة محتملة في سوريا سواء من حيث تجديد المصطلحات الخاصة باتهام المناوئين له أو الخطاب الإعلامي ككل أو من حيث إدارة العمليات على الأرض .. و أعتقد أنه يخطئ كل من يقول أن النظام السوري لم يتعلم من تجارب الأنظمة في تلك الدول بل أكاد أجزم أنه استفاد منها و بدأ يعد الخطط المختلفة للتعامل مع أي حراك شعبي يطالب بإسقاطه , و هذا لا يعني حالة الشلل التي اصيب بها النظام , و بالطبع في مثل هذه الحالة فإن أي نظام استبدادي شمولي متمسك بالسلطة إلى هذه الدرجة لن يقوم بالتجاوب لمطالب الشعب سواء بإجراء سلسلة إصلاحات سريعة أو غيرها و لن يقوم بتسليم السلطة , و لايوجد من حل أمامه سوى الهروب إلى الأمام خاصة و الذهاب نحو آخر الاحتمالات و هو يدرك أنه سوف يكون خاسرا في النهاية لكن خيار الآلة العسكرية هو الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تطيل عمره و لو لفترة مؤقتة , و يمكن الاستدلال على ذلك فيما حدث في الحريقة حيث رأى النظام في مظاهرة الحريقة بالون اختبار و هذا الاختبار ليس له بمقدار ماهو بالون اختبار للشعب و لكيفية التعامل مع أي تحرك شعبي حيث أن حضور وزير الداخلية و محاولته لامتصاص الجماهير الغاضبة جعل النظام يرى نفسه ضعيفا في عيون الشعب فأراد أن يثبت العكس كي لايسمح بالمزيد مما يسميه " تمادي " فاعتمد استخدام القبضة الحديدية و الخيار القمعي و منذ اليوم الأول قام النظام بالتجييش ضد كل
من يطالب بالحرية معتمدا خطابا طائفيا مبطنا و آخر تخوينيا واضحا في ظل غياب تصور حقيقي لدى قوى المعارضة على الجهة المقابلة في كيفية التعامل مع مثل هذا الخطاب حتى أن بعض القوى و الشخصيات المعارضة انزلقت إلى ذلك المطب الذي جهزه لها النظام و عوضا عن قيامها بدور إيجابي بمواجهة الطريق الذي يريد النظام أن نسلكه قامت مثل تلك الشخصيات و القوى بصب الزيت على النار في ممارسة للعمل السياسي من زاوية الكراهية و ليس من زاوية الحنكة لأجل إنجاح الثورة و أعتقد أن غوصنا في مثل هذا الموضوع سوف يقودنا إلى مفاصل سأحاول الابتعاد عنها كي لا نتعرض للمزيد من الطعن من بعض المعارضين الذين يفاجئهم هذا الكلام و عوضا عن التفكير به و إيجاد الحلول يقومون بمهاجمة كل من ينتقد تصريحات و سلوكيات بعض تلك القوى المعارضة ما يوقعنا في المزيد من الأخطاء ..

أختصر هذه النقطة لأقول لو أن قوى المعارضة جميعها قامت بالتوحد و بتوجيه خطاب سياسي عقلاني موازي للخطاب الثوري على الأرض في ترجمة ناضجة لمطالب الشعب لتمكنا من إسقاط النظام في وقت مبكر و لكن حالة التخبط و التجاذب و الانقسام في قوى المعارضة السياسية قادنا إلى هذا الطريق المسدود الذي يعاني منه النظام أيضا , و لكن الطريق مسدود أمام النظام بفعل شجاعة شبابنا و إصرارهم على تحقيق مطالبهم , و ليس بجهود تلك القوى المعارضة .. و لا أريد أن يفهم كلامي على أني مصاب بالإحباط .. على العكس تماما كل يوم أزداد تفاؤلا بزوال هذا النظام و لكن أمكننا تحقيق ذلك بكلفة أقل لو لم يكن هناك تشويشا على ما يقال ..

بعيدا عن النظام الذي يحاول حرف ثورتنا عن مسارها  فقد درجت في الآونة الأخيرة الكثير من الأصوات التي تريد إسكات كل من  ينتقد المعارضة أو أي سلوكيات خاطئة على الأرض بحجة الحفاظ على وحدة المعارضة و أعتقد أن هذا السلوك يتنافى تماما مع الحرية التي نطالب بها أولاً , و مع أهمية الحفاظ على الثورة و انتصارها و الحرص عليها من أن تغير وجهتها ثانياً .. و من يستعين بالكلمة و الرأي كي يوجه نصائحه أو ملاحظاته ليس مسؤولا عن أي خلل في العمل السياسي المعارض أو تخبطه .. بل المسؤول هي تلك القوى الفاعلة التي تؤسس مجلسا سياسيا منافسا للمجلس الوطني أو تقوم بالتشويش عليه و على مطالب الشعب أو تلك القوى التي تخطئ على مستوى قراءة الخريطة الديموغرافية للشارع السوري و عوضا عن فكفكة الحاضن الاجتماعي للنظام تقوم بدفعه للتمسك بالنظام بشكل أكبر و مثل هذه التصرفات التي لا يمكن وصفها إلا بالرعونة تزيد من تعقيد المشهد السوري و مشهد الثورة السورية .. و بالطبع هناك الكثير على مثل هذه الأمثلة ..

إن قوى المعارضة مطالبة اليوم و أكثر من أي وقت مضى بالوقوف وقفة جادة و مسؤولة من أجل العمل على ترجمة الشارع الثائر و مواجهة التحديات المختلفة كي لا نسير في طريق يؤدي إلى المزيد من القتل المجاني لحساب النظام و ينبغي أن تتبنى أفكاراً عملية بعيداً عن المواقف الفضفاضة على أن تنتج هذه الافكار تقدماً على الأرض , كما أنه على قوى المعارضة جميعها الابتعاد عن بث سموم الإيدولوجيات و الاستمرار بها و يجب أن تكون غيدولوجيتنا الوحيدة هي سوريا الحرة خاصة غذا ما علمنا أن ثورتنا قامت ضد الطغيان و هذه الثورة تحديدا كما هي ثورات الدول العربية الأخرى ليست ثورات لتحقيق أهداف إيدولوجية ما بل هي ثورات وطنية قامت لأجل إعلاء قيمة الإنسان و تحقيق حريته و كرامته في بيئة افتقدت العدل .. من هنا انطلقت الحناجر بهتافاتها و من هنا انطلقت الصدور العارية في تلقف الرصاصات .. لم ينتفض أحدا من ابناء شعبنا من أجل تحقيق أهداف علمانية أو أخرى إسلامية أو أخرى قومية بل يمكن القول أن هذا الجدل و هذه الإيدولجيات كانت عراقيل في وجه ثورتنا .. 

  

كلمة أخيرة :

أعتقد .. أن العنف و الإقصاء يسببان ردة فعل لدى الآخر الذي مورس عليه ذلك العنف و ذلك الإقصاء , و من هنا يعمل كل طرف على خلق رموزه و أيقوناته الخاصة بانتظار مهديه المنتظر .. و هذا يولد انغلاق من قبل كل طرف على ذاته , و الإمعان في العنف و الإنغلاق يولد التعصب , و هذا التعصب هو ماينتج التطرف , فيصبح لدى كل آخر سلوك سلفي .. هكذا تتولد عقلية القطيع و هكذا تتم صناعة المنحبكجية .. و هكذا تتم صناعة الشبيحة .. و هكذا تهدم الأوطان.. إنه " فن " صناعة الاستبداد السياسي و الإجتماعي و الديني ..

الحرية هي المصل المضاد لكل ما ذكر أعلاه ..

 

صحفي وناشط سوري*

(104)    هل أعجبتك المقالة (105)

الفريدو

2011-11-29

معك كل الحق. وهو ما ننادي به منذ مدة من أن الأزمة السورية هي أزمة ثقافية أيضاً وبالدرجة الأولى. ثقافة فهم الآخر وقبوله غير موجودة أصلاً في مجتمعاتنا ولا في أدبياتنا فكيف نطالب المعارضة بفهمها. لا نريد استبدال المادة الثامنة بأخرى يحل فيها المجلس الوطني مكان حزب البعث..


سامر كعيدي

2012-02-11

أعجبني.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي