أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لماذا لا يفكر عناصر المخابرات السورية بالمستقبل؟... ميخائيل سعد

كنت جالسا في زاوية القاووش في سجن المخابرات السورية في طرابلس عام ١٩٨٩، عندما فتح الباب ودخل اربعة عناصر من المخابرات ثم اغلق الباب خلفهم. بدآ ت العناصر بالتنكيل بالسجناء من ضرب الى رفس الى تسخيرهم بتنظيف زاوية ليناموا فيها، ولسوء الحظ اختاروا اقرب مكان لي. عرفت فيما بعد انهم يمضون عقوبتهم العسكرية معنا لعدم وجود غرفة سجن لهم. تحول القووش الى جحيم بفضلهم.

خلال اربعة وعشرين ساعة لم انطق بكلمة خوفا …من ان آهان. كنت استمع الى احاديثهم الى ان توضحت لي هوية احدهم وهو عمر من حمص ومن باب الدريب، اي بعد بيتي بمئات الامتار. جاءت المناسبة عندما سآلني آمرا: وانت من وين؟ قلت من حمص.

التفت الى جيدا وقال: من اي حي؟ قلت : من سوق الحشيش.فكانت ككلمة السر. اعتدل في جلسته وصوته وتعارفنا. في اليوم التالي قام بضرب احد السجناء واغلبيتهم من الطرابلسيين والفلسطينيين، ثم عاد الى مكانه. بعد قليل قلت له: هل انت مجند يا عمر؟ قال نعم وباقي لي في الخدمة ستة اشهر. سآلت وبعد ذلك، ماذا ستفعل؟ قال سآبقى في طرابلس وابحث عن عمل. قلت له: ستبقى في طرابس كمدني اليس كذلك؟ قال طبعا. قلت له: هل فكرت يا عمر انه يمكن ان تصادف في المدينة احد هؤلاء الذين ضربتهم، وهم من ابناء المدينة، وماذا يمكنه ان يفعل بك؟ قال لا.

قلت امامك يومان حسن علاقتك بهم واحسب حساب المستقبل، وانك لن تبقى طوال العمر في المخابرات التي تحتمي بها الان.
تغير عمر تغيرا كاملا لانه بدآ يفكر في المستقبل

فيس بوك
(98)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي