منذ بدايات الثورة السورية ونحن نحاول أن نقنع الشارع بتنفيذ إضرابات عامة تعمّ كافة أرجاء سوريا.
وحتى نكون صادقين مع أنفسنا فإن هذا الجهد لم ينجح حتى الآن بالشكل المطلوب، إلا على نطاق ضيق في بعض المناطق المشتعلة.
الهدف الأول الذي كنا نسعى إليه بتوجيه دعوات الإضراب العام هو تصعيد الضغط الاقتصادي على النظام ، فيصبح عاجزا" عن تمويل آلته القمعية التي تزهق أرواح الأبرياء.
من جانب آخر، فإن أحد استراتيجيات النظام السوري، ذو الغباء المعهود، هو الإستمرار في حشد مسيرات إجبارية مؤيدة له، مثل مسيرة البارحة.
علما" أن هذا التصرف الأبله أصبح اسطوانة مشروخة، حيث لم يعد هنالك شخص واحد عاقل في هذا العالم يؤمن بعفوية هذه التحركات.
المهم، الحشد لهذه المسيرات كما هو معروف يتمّ عن طريق المشاركة القسرية للشعب:
يتم إخراج طلاب المدارس والمعاهد والجامعات ، فتتوقف الدراسة
يتم إشراك الموظفين في وزارات الدولة، فيحدث شلل إداري شامل
يتم إرسال موظفي المصارف، فتتعطل الحركة المصرفية والتجارية قاطبة
يتم سحب العمال من القطاعين العام والخاص، فيتوقف الإنتاج.
ويتم قطع الطرقات مع استنفار كامل لأجهزة الشرطة والأمن، ويتم صرف آلاف الليترات من الوقود لنقل المشاركين في المسيرات،
ويعزف الناس العاديين عن الخروج إلى الأسواق لعدم توفر وسائل النقل المصادرة. وحتى القصر العدلي يؤجل جلساته.
بإختصار، سوريا كلها تتوقف عن العمل ليوم كامل، وتدخل في شلل تام خلال هذا اليوم، لمجرد أن سيادته لديه غرور الشعبية المفبركة.
أحد العالمين في أمور الإقتصاد كتب مرة" يقول أن الشلل العام لسوريا كل يوم مثل هذا اليوم (العفوي) يكلف الخزينة السورية عشرة مليارات ليرة سورية تقريبا.
إذا" النظام السوري يزيد من أزمته المالية بنفسه في كل مرة يفبرك فيها مسيرات التأييد، في وقت هو بأمس الحاجة فيه لكل ليرة سورية.
أي أن هذا النظام الأبله يفعل بنفسه ما عجزنا نحن عن فعله به. وهو كما ذكرت آنفا" زيادة الضغوط المالية عليه.
وبمنظور آخر، فإنه يمكننا النظر إلى المسيرات المفبركة على أنها (إضراب مؤيد)، يحظى بمباركة النظام ، ويأتي بنفس النتائج المرجوة من الإضراب الشعبي.
الفرق الجوهري بينهما هو ان الإضراب الشعبي قد يستمر لعدة أيام ، و(الإضراب المؤيد)، هو ليوم واحد فقط.
ولهذا أقول لشعبنا الثائر، شجعوا النظام على المزيد من المسيرات (العفوية)، بل أحرجوا النظام وقوموا بترتيبها بأنفسكم في كل مرة تريدون فيها الإضراب بمباركة من الدولة فهذا يعجّل من انتحاره المالي.
ولندع الأحمق يعتقد مؤقتا" اننا (منحبه)، وليسموا هذه التحركات ما يشاؤوا، فنحن نعرف في قرارة أنفسنا أننا مضربين وأننا منتصرين.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية