روسيا - قيرغيزستان:الصراع الداخلي في "قيرغيزستان" والموقف الروسي من الإغراءات الأمريكية ...!!!(2-2)
الجزء الثاني
وادي فرغانا ومشكلته:
يعتبر وادي فرغانا من البؤر المتوترة في العالم كما هو الحال في وادي سوات الباكستاني ،ويرى العديد من المحللين بان المشكلة تكمن في التداخل الإثني للقوميات القيرقيزية ،الطاجيكية ، والأوزبكية ،التي ساهمت بنم هذه الصراعات المعقدة على مدار التاريخ واستمرت هذه الحالة في الماضي إلى حيث سيطر الروس في دولة الاتحاد السوفيتي على كل المنطقة وجمدت هذه الصراعات،لتعود مجددا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ونمو النزعة القومية الداعية للاستقلال ،تمتد هذه المنطقة بين سلسلة جبال "تيان شان وغيسار الآي"، لمنطقة سهلية تبلغ مساحتها 2200 كيلو متر مربع وتعتبر من أكثر المناطق في العالم اكتظاظا بالسكان،حيث تعيش فيها العشرات الأثينية والقومية ،وتعتبر هذه المنطقة من أكثر المناطق في العالم توثر، وكانت هذه المنطقة سابقا ومازالت ،مسرحا هاما لإعمال العنف والقتال الأثيني والقومي ،فان الخبراء يحملون تقسيم هذه المنطقة بشكلها الآني ،إلى الزعيم الراحل جوزيف ستالين الذي ترك الإقليم مسرحا متشابكا للنزاع القومي الذي لم يجد حلا نهائيا له،من اجل تأجيج الانقسامات التي تساعده على تطبيق سياسة" فرق تسد"، لكن علماء الطوبوغرافيا ،يؤكدون أن تقسيم تلك الحدود المتعرجة والمتداخلة التي رسمها القادة السوفيت وقتها في "وادي فرغانا"، كانت أفضل الحلول الممكنة،نظرا للتوزيع الديموغرافي الذي تسيطر عليه الأقليات،العرقية والقومية المتداخلة ، المنتشرة في تلك المنطقة . فالفقر والبطالة وتدني مستوى المعيشة في المنطقة فيتساوى فيها الجميع، لذا تنتشر في هذه المنطقة كل أنواع مخالفة القانون بسبب الحياة المعيشية المتدهورة للسكان الذين يبلغ عددهم حوالي 17 مليون نسمة ،تنشط في المنطقة البطالة،والفقر والجوع ، الذين يساعدوا سكان الإقليم على تجارة وتهريب المخدرات،نمو عالم الجريمة المنظمة التي تتطور فيها العصابات المختلفة ، تنمو في المنطقة وتنشط المنظمات والحركات الدينية الإسلامية المختلفة من أقصى التطرف حتى الاعتدال الرسمي ، تنمو الخالية الإرهابية في الوادي التي تمارس نشاطا مشبوها .
الأزمات القيرقيزية المتكررة :
فإذا كانت مظاهرات العام 1990 قد قمعت بقوة الجيش السوفيتي ولم يكتب لها النجاح فأطلقت يد الجريمة في هذه المنطقة التي أصبحت اقوي واقدر على الرد والوقف بوجه الآخرين، لكن في عامي 1999 و2000 حاول مقاتلو الحركة الإسلامية في أوزبكستان التوغل في أراضي قيرغيزيا في مقاطعة" بانكين المعاصرة" ، لكنهم انهزموا وانسحبوا إلى أوزبكستان. عندها وقعت اشتباكات بين السكان المحليين وقوات الأمن في منطقة "أقسيه"، في 16 – 18 "مارس،آذار"من العام 2002، فكانت مطالب المتحاربين تتلخص بالتالي :
1- حيث وقف السكان دفاعا عن نائب البرلمان" عزيم بيك بيكنزاروف" ،
2- كما طالب السكان بالتخلي عن إبرام اتفاقية الحدود القرغيزية الصينية.
عندها قامت المعارضة القيرغيزية بتنظيم مظاهرات احتجاج في بعض الأقاليم وعامة البلاد،والتي وأسفرت الاشتباكات عن سقوط عدا من الضحايا، وأدت الأزمة في منطقة "أقسيه" إلى استقالة حكومة رئيس الوزراء آنذاك" كرمان بيك باكييف" الذي سوف يتحول إلى قطب أساسي للمعارضة ضد نظام عسكر اكاييف،ويتولى الرئاسة بعد نجاح ثورة السندس في العام 2005م. ليتحول الصرع في فترة باكييف الى صرع بين الجنوب والشمال لعدم تنفيذ وعوده التنمية والإصلاح التي ابرمها المعارضة مع الرئيس فورا وصوله إلى الرئاسة الجديدة،فالجنوب الذي أصبح سكانه بشكل عام ، يعشون تحت نير الفقر والحرمان ، مما أتاح لجميع القوى الدولية والمحلية من محاولة بسط نفوذها ،ولقد وفرت هذه الحالة للتطرف الإسلامي من اختراق قوة التطرف من العمل بشكل علني في الإقليم،كذلك نمو تجار وتجارة المخدرات،الذين وجدوا مكانا أمنا في الإقليم لممارسة التهريب إلى الدول لمجاورة من بلد المنشأ في أفغانستان،وكذلك نمو العصابات المحلية و التوغل في المنطقة.
المصلحة الروسية بظل الأزمة القيرقيزية:
تعتبر جمهورية قيرقيزستان من الجمهوريات السوفيتية السابقة التي انهارت مع انهيار الاتحاد ،والتي نالت استقلالها عام 1990 م. فالارتباط الاجتماعي والأمني والعسكري والاقتصادي لم ينفك عن روسيا ،روسيا التي ورثت الاتحاد السوفيتي وروسيا القيصرية، لاتزال تعتبر قيرقيزستان إحدى حدائقها الخلفية،التي يني عليها إستراتيجيته الجو – سياسية، فكالكريملين الذي بدء قلقا جدا من الوجود الأمريكي العسكري والتغلغل ألاستخباراتي والسياسي في الجمهورية دول أسيا الوسطى خاصة بعد محاولة نشر الدرع الصاروخية في ارو ربا التي رأت موسكو بذلك ،خاصة بعدى أن أمنت لها الدعم الكامل للوجود الأمريكي في حربه ضد الإرهاب في أفغانستان ولكنى مع تجاهل الدور الروسي وإحكام الضغط عليه من خلال السيطرة والتمدد في كل من أفغانستان والعراق وجورجيا والدخول إلى مناطق بحر قزوين،للإحكام بمناطق التمدد والنفوذ الروسي ،لذا أصبحت روسيا قلقة جدا من، هذا الوجود الذي هو موجه ضدها وضد مصالحها ، فكان الرد الروسي على هذا التمدد والانفراد بالمنطقة من خلال جملة عناوين بارزة ،ابتدأ من تطوير العلاقة مع أوزبكستان بعد فشل ثورة القطن ،وغلاء القاعدة الأمريكية فيها إلى حرب القوقاز، إلى عقد "اتفاقية ستارت 2 "،حسب الشروط الروسية الجديدة ، إلى الانقلاب،والتي تتضمن فيها تسهيل خط الإمداد العسكري والإداري واللوجستية للقوات المتعددة الجنسيات في أفغانستان .
لذا عمدت روسيا مرارا وتكرار إلى إغلاق قاعدة "ماناس" الأمريكية في "قيرقيزستان" لحصر التواجد الأمريكي فيها للقبض على القرار السياسي في فلك هذه الجمهوريات السوفيتية السابقة ، فكان التلاعب الذي مارسه الرئيس المخلوع ، في القفز ما بين الطرف الروسي والأمريكي ". روسيا التي تحاول محاصرة التواجد الأمريكي فيها، من اجل حسم المعركة نهائيا لصالح روسيا ونفوها ،فروسيا التي تخوض معركة مفتوحة مع الطرف الأمريكي أصبحت مناطق أسيا الوسطى رحاها، ومناطق نفوذها وخاصة هذه المناطق تعاني من العديد من المشاكل التي تقبض على خناقهم :
1-البيروقراطية، والفساد الإداري، السياسي والاقتصادي،
2- التسلط من قبل الأنظمة التي تدير هذه الجمهوريات ،
3- استخدام هذه الجمهوريات ممرا لتجارة المخدرات والأفيون نحو الدول الأوروبية وروسيا،
5- نمو الحركات الإسلامية المتشددة في منطقة وادي فرغانا ،"حزب النهضة الأوزبكي والحركة الأوزبكية، حزب التحرير المتواجد تاريخيا في هذه المنطقة ،إضافة إلى نمو خلايا القاعدة في هذه الجمهوريات القريبة من مناطق التوتر الرسمي في أفغانستان، من خلال الحرب الذي تخوضها مجموعات القاعدة وطالبان، في أفغانستان ضد الولايات المتحدة وقوات الناتو.
6- توزيع الثروات الاقتصادية التي تتمتع بها البلاد، والغير عادل بسبب سيرة قوى الأنظمة التي فشلت في تطوير وتنمية البلاد .
7- فشل هذه الدول في إيجاد منظمة تحالف تستطيع إن تفرض إستراتيجية في المنطقة من خلال التحالف وإقامة العلاقات مع الدول ككل.
بالإضافة إلى قوى الصراع الأساسي الدائر بين روسيا وأميركيا على مناطق أسيا الوسطى، ظهرت بهذا الوقت قوى ثانوية، تحاول أن تلعب دورا في إدارة هذا الصراع المستحدث مثل:"إيران ،الصين ،إيران الهند ،تركيا"،والتي سوف نقوم بشرح كل هذه المواقف لاحقا من خلال تقديم دراسة كاملة مفصلة عن دول أسيا الوسطى والقوقاز التي تتشابه جميعا من خلال تركيبتها الديموغرافية والسياسية والاجتماعية والجغرافية والأمنية إضافة إلى طبيعة الصراع الذي يدور ولهم وعليهم من القوى الأساسية والثانوية .
الموقف الأمريكي من الأزمة :
قيرغيزستان إذا نقطة توتر جديدة بين الولايات المتحدة وروسيا،كما يبدو الحال، أنه في واقع الأمر، العكس هو الصحيح،اليوم وفي لحظة انفجار الصراع في الجمهورية ذلك أن هذا البلد الآسيوي القاصي الضعيف يطرح فرصة جديدة أمام موسكو وواشنطن للعمل معا كشريكين. أما مسؤولي إدارة أوباما الذين يقلون"بأنهم لا ينظرون بأي حال من الأحوال إلى هذا الأمر باعتباره قضية لا بد فيها من منتصر ومهزوم، بل على العكس، إننا نحرص على تنسيق مواقفنا بصورة وثيقة مع موسكو". أمريكا التي تبحث عن بؤر توتر جديدة في العالم،تستفيد منها على المدى البعيد وخاصة هذه المنطقة هي قريبة من مناطق نفوذها التي تسعى إلى تثبيته في مناطق أسيا الجنوبية "أفغانستان وباكستان، لكن مستنقعها التي لاتزال موجودة على أرضه وتكوى بلهيبه يوميا،يجعلها تتريث في التفكير بسبب ،عدم قدرتها على التحرك ف هذه المنطقة التي تتفجر مجددا ، وكذلك عدم الاستفادة من التصعيد مع روسيا التي تخوض معها حربا ضد عدوا واحدا وهو التطرف الإسلامي ،والحاجة إلى المجال الجوي الروسي للدعم والإمداد ،والمعركة الدبلوماسية التي تخوضها أمريكا ضد إيران من خلال العقوبات المنبثقة عن مجلس الأمن بالموافقة الروسية والصينية لذلك كان الموقف الأمريكي،منطقي من خلال النظر إلى طبيعة الأزمة،لعدم الصدام مع روسيا او الصين في هذه المنطقة الأسيوية الإسلامية، لذا أبقت الولايات المتحدة وروسيا على اتصالات وثيقة بينهما منذ تفجر الأزمة الأسبوع الماضي. وتعاونت الدولتان على وضع تقرير جرى عرضه على مسؤولي الأمم المتحدة، أرسى قواعد العمل الجماعي، إذا ما دعت الضرورة إليه. الولايات المتحدة التي تقدم بالفعل مساعدات إنسانية، مع استعدادات لتقديم المزيد. علاوة على حزمة مساعدات أكبر من المقرر الإعلان عنها في وقت متأخر من هذا الأسبوع تتجاوز قيمتها 10 ملايين دولار من صندوق أميركي جديد لمواجهة الأزمات المعقدة. ورغم أن الولايات المتحدة لم تتلق أي طلب بالمساعدة العسكرية، فإنها تدرس توفير مساعدة في مجال المراقبة والاستطلاع واستخدام طائرات عسكرية أميركية لنقل جنود أو إمدادات. أما الأمر الجيد بالنسبة لهذا التوجه الأميركي - الروسي تجاه الأمن فيكمن في أنه يبتعد عن الفكرة الخاطئة التي تدور حول أن الدولتين محصورتان في "لعبة كبيرة" تتصارعان في إطارها على النفوذ في آسيا الوسطى. تتشارك الدولتان في ذات الأعداء، كالجماعات الإسلامية المسلحة، والعصابات الإجرامية التي تهدد استقرار المنطقة. وتتمثل أهمية قيرغيزستان بالنسبة للولايات المتحدة في أنها توفر قاعدة جوية لها في "ماناس" التي تحولت إلى نقطة ترانزيت أساسية لنقل مزيد من القوات والإمدادات إلى أفغانستان. وحاليا، تمثل "شبكة التوزيع الشمالي"، تلك قرابة 70% من الشحنات المتجهة إلى داخل منطقة الحرب، حسبما أوضح مسؤول أميركي، مع عمل نحو 1300 أميركي داخل قاعدة "ماناس" الحربية .
ولا شك في أن حل التعاون محل المناورات السياسية الكبرى داخل آسيا الوسطى يعد تغييرا إيجابيا عما كان عليه الحال منذ بضع سنوات. وإذا تم توسيع نطاق هذا النموذج للتعاون الروسي - الأميركي ليشمل التعاون بحزم مع إيران، ربما نعني بدايات نظام يستحق أن يطلق عليه "الأمن المشترك".
الموقف الصيني من الأزمة الحالية :
فالروس الذين يسعوا جاهدين إلى حل الأزمة من خلال إشراك منظمة التعاون الأمن الجماعي بدل منظمة شنغهاي للتعاون كي لا يعطوا أي دور لصين في الدخول الى قلب الأزمة وخاصة هي التي كانت تتطلب سابقا من الحكومة، باستحداث قواعد عسكرية في قيرقيزستان نظرا للدور التي تحتله هذه الدولة إضافة إلى الحماية التي تشكلها الصين إقليمها الشرقي في تركمانستان الشرقية،بعد الأزمات التي باتت تعصف بهذا الإقليم المتوتر في إقليم "أغور" ذات الأغلبية المسلمة، بالوقت التي تشعر به الصين بوجود قوة أو قاعدة أميركية، إلى إشعال بؤر التوتر في الصين بظل التنافس الأمريكي الصيني ،فالصين يهمها إخماد الأزمة المستحدثة دون أن يمتد سعيرها إلى حدودها وهي لا تعترض على التدخل الروسي ،فالروس والصينيون ذات علاقة مشتركة وليس في حرب نفوذ ،بالرغم من المصالح المنفردة لكل دولة على حدا تعمل على تنفيذها وفقا لإستراتجيتها الخاصة .
الموقف الروسي من الأزمة :
على الرغم من دعوات الحكومة المركزية القرغيزية للكريملين لإرسال قوات لمواجهة إحداث العنف التي خرجت عن السيطرة بين القومية القرغيزة والأوزبيكة، فالحكومة الروسية لا تريد أن تتورط في صراعات أثنية لها امتداداتها في دول آسيا الوسطى،
فالموقف الروسي الحذر والمتحفظ في قيرغيزيا بالتوازي مع النفوذ الأمريكي الذي يواجه نفس المعضلة في حال اتخاذه أي موقف قد يفسر على انه تدخل يصب في مصلحة طرف على حساب الأخر، خصوصا أن تحالف الشمال الأفغاني السابق الذي تحالف مع الولايات المتحدة الأمريكية كان يتشكل من الأوزبيك والطاجيك، الأمر الذي قد ينقل الصراع في قيرغيزستان إلى مستوى أعلى من العنف لتتسع أكثر لتشمل طاجيكستان وأوزبيكستان ويمتد أثرها إلى أفغانستان، روسيا التي تتمهل في اخذ أي قرار سياسي قبل التدخل في قيرغيرستان لأسباب عديدة بالرغم من امتلكها للإمكانيات العديدة ،ولكن يأتي التريث وفقا للظرف التالية :
1- روسيا التي تورطت سابقا في أفغانستان، على الرغم من أن الحكومة الأفغانية، هي التي من طلبت روسيا بالتدخل بعد إحدى عشر نداء مواجها إلى الحكومة السوفياتية السابقة، لقد كان الدخول في المستنقع الأفغاني لمدة 10 سنوات، والتي أدت إلى اختلاف جدي مع الدول الإسلامية والعلم الإسلامي،بأكمله التي تبلورت الصورة بذهاب متطوعين عرب للقتال إلى جانب المجاهدين،والذين عرفوا فيما بعد بعرب الأفغان.
2- حرب الشيشان، الذي اندلعت بين الدولة الروسية والمنشقين عنها،والتي لا تزال ذوي طلاقتها تسمع حتى اليوم ،فكان للمطوعين العرب والإسلاميين، بصماتها البارزة في هذه الحرب التي أخذت نوعا من أنواع الحرب الطائفية، فأراد لروسيا من خلال هذه الحرب تورط روسيا وتخريب علاقاتها مع العالمين الإسلامي والعربي بالرغم من الصمت العربي والإسلامي ،الذي سيطر عليه الموقف السلبي الداعم ضمنيا للمتمردين.
3- الحرب في يوغسلافيا المتفتتة التي آخذ فيها الصراع الدائر الطابع الطائفي العلني، فروسيا التي كانت إلى جانب صربيا في حروبها ضد التقسيم والتشرذم، فكان العرب والمسلمين في الجانب الأخر، فكان للمتطوعين العرب والمسلمين الدور البارز في هذه الصراعات،التي أدت إلى مجاز كبرى من الطرفين دفع ثمنها الشعب المنقسم طائفيا، والتي كانت سببا مباشرا في تقسيم البلاد جغرافيا ،من خلال أجاد كيان اصطناعي اسمه كوسوفو،"يكون تدخلها يكرر نفس السيناريو في قيرقيزستان على يد الروس،فيتم المساومة بعدها ،
4- الحرب الدامية في طاجيكيستان،التي أتت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ،بين قوى التمرد الإسلامي ، والدولة الصاعدة المدعومة من قبل روسيا، والتي لاتزال القوات الروسية الخاصة مرابضه فيها تحمي الحدود مع أفغانستان وتخوض يوميا حربا دروس مع تجار الأفيون.
5- العلاقة التي حكمتها نوعا من التو ثر الغير أجابي مع أوزبكستان،التي تغيرت نحو الأفضل بعد محاولة الانقلاب التي وقعت غب الدولة عام 2007، والتي اتهمت بها الإدارة الأمريكية ،على أعقاب الثورات الملونة في فضاء روسيا الإقليمية بعد أن أدى هذا الانقلاب إلى مقتل أكثر من 1000 شخص من قبل النظام الحالي ،مما دفع بالأمم المتحدة بالطلب بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق وإرسالها إلى أوزبكستان،فعد القضاء على ثورة القطن ،ساد التوتر على العلاقات مع العالم الغربي مما دفع الرئيس بإقفال القاعدة الأمريكية في الدولة،مما دفع الرئيس الحالي"إسلام كريموف" بالتقرب من موسكو وطلب المساعدة منها بعد ما كانت العلاقات تسودها أنواع الحضر والتوتر .
لهذه الأسباب مجتمعة تقف روسيا إمام مشكلة قيرغيرستان مكتوفة الأيدي،بانتظار إيجاد أفضل الحلول التي تتيح لروسيا من السيطرة على الوضع دون الدخول في وحل هذا المستنقع الذي يغرق روسيا ويشعل المنطقة كلها بلهيب حروب أثنية تكاد لا تنتهي معالمها . بحال تجدد العنف وعدم سيطرة الحكومة الحالية على زمام المبادرة في الجمهورية رغما عن كل المساعدات المقدمة من روسيا يبقى السيناريو الأقوى الذي يفرض نفسه،والذي سوف يطروح بقوة،والذي تسعى روسيا،إلى تنفيذه، للامساك بمشكلة "قيرغيرستان"،من خلال قوة عسكرية،من قبل منظمة شنغهاي للأمن،لان قوى النزاع جميعها متمثلة في هذه المنظمة،من خلال قيادة كازاخية ،ومشاركة أوزبكية ،وطاجيكية ،والصين،ودعم لوجستي روسي،
-او من خلال منظمة الأمن الجماعي والتي تضم إضافة إلى روسيا، (قرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان وأرمينيا وبيلاروسيا) وهذا الاتجاه الذي تحاول روسيا السير به قدما، والذي يتبع ما قاله" نيقولاي باتروشيف"، أمين مجلس الأمن القومي الروسي، في كلمة افتتح بها اجتماع دول منظمة الأمن الجماعي في نيسان الماضي من هذا العام في طشقند :"إن الدول الأعضاء مدعوة لتبني موقف مشترك من أحداث قيرغيزستان الدراماتيكية، وبحث الإجراءات المطلوب اتخاذها جماعيا لوقف النزاع الإثني الدائر في هذا البلد، مشددا على ضرورة استخدام ما لدى المنظمة من آليات ووسائل من أجل ذلك وفقا لميثاقها" وروسيا ميلة أكثر إلى أن تلعب هذه المنظمة دورا أساسيا في حل النزاع من خلال تشكيل قوة عسكرية قوية تعيد السيطرة المجددة على المنطقة من خلال تفعيل دور المنظمة . إن إشراك دول آسيا الوسطى سيؤدي حتما إلى تخفيف وطأة التدخل الروسي، في الجمهورية،ويخرج روسية من مأزق التدخل ، الذي يبعدها على أنها تتدخل وتنحاز لصالح أثنية محددة أو عرق ضد أخرى، فمن المعلوم أن ثلاث دول من دول منظمة التعاون وهي " طاجكستان وأوزبكستان وقرغيزستان"، تشترك في الحدود وتتداخل فيها القوميات في منطقة وادي فرغانا المعروف، باعتباره احد أهم معاقل الإسلاميين في آسيا الوسطى. وهنا السؤال الذي لايزال يبحث في الكواليس، وهو عن كيفية المشاركة الروسية العسكرية في هذه القوة،روسيا التي لا تحبذ المشاركة بقوة ،فالمشاركة العسكرية المباشرة في هذه القوة، لان كل الإطراف المشاركة تمثل الموقف والرأي الروسي وتحديدا كازاخستان التي تقوم هي بنفس الدور الذي يمكن أن تقوم به روسيا ويقطع الطريق على كل الأفكار أو التخوف الذي ينتاب أوزبكستان من دخول روسيا العسكري إلي هذه المنطقة بقوة والتي تعتبر إن الدور القادم أتي عليها في التغير . فالذي تابع ويتابع الإحداث التي تدور اليوم في بيشكيك، وحالة الصراع الدموي التي وصلت إليها لا يستطيع ألمراء إلا أن يروضه الحزن والأسى والخوف معا، للحالة الأليمة التي تعصف في الدول الإسلامية عامة، وقيرقيزي خاصة ، موسكو التي باركة الانقلاب في الجمهورية كانت حريصة كل الحرص على عدم التدخل المباشر في العملية الانقلابية والصراع الداخلي فيها سوى المراقبة لسير الأحداث لأنها المعنية المباشرة بوضع الدولة التي تعتبرها حديقتها الخلفية لها ،"فالرئيس ديمتري ميدفيديف"هو الذي طلب من الرئيس"الكازاخي نيزاربايف"إن يتدخل ويجلب الرئيس المخلوع بكييف من مدينته الجنوبية "أوش"، حيث أصبحت المدينة اليوم مكان القتل ومعقل التمرد على الحكومة ، وأخذه ومنحه حق اللجوء السياسي، فموسكو التي حاولت إعطاء دور رئيسي لكازاخستان الموالية لها، ولكي لا تعطي أية مبرر لأوزبكستان في اخذ أي مواقف ضد روسيا ،من خلال تحميل روسيا أية عواقب لتطور الوضع المأساوي في الجمهورية .روسيا التي رفضت منذ البداية إعطاء باكييف حق للجوء في موسكو بالوقت الذي منحت روسيا، الرئيس السابق اسكر اكاييف حق اللجوء في موسكو . هذا ما عبر عنه موقف الرئيس "ميدفيديف" أتناء اجتماع دول منظمة شنغهاي في طشقند عندما قال ان قيرقيزستان دولة حليفة لنا جميعا ولن نتركها تواجه قدرها بمفردها ،ولكن علينا جميعا مسعدتها ،وكذلك الموقف الرسمي لروسيا الذي عبر عنه الرئيس" ميدفيديف" أثناء زيارتها إلى كندا في 24 "حزيران يوليو"، الحالي قبل انعقاد قمة دول 8 والعشرين الصناعية بقوله روسيا لن ترسل أية قوة عسكرية إلى قيرقيزستان،بل اكتفت بار سال مائة وخمسون عسكري من القوات الخاصة لحماية المصالح الروسية وتعزيز القاعدة العسكرية الروسية في العاصمة بيشكيك.
منظمة المؤتمر الإسلامي:
لايزال الغموض يسيطر على موقف دول منظمة المؤتمر الإسلامي من خلال الحالة التي وصلت إليها جمهورية قيرقيزستان بسبب الصراع الدموي الدائر بين الأقلية الاوزبكية والأكثرية القيرقيزية، فالحياد السلبي التي تعتمدها دول هذه المنظمة يفسح المجال إمام تدخل إقليمي، لعدم اتضاح الموقف الرسمي الإسلامي من أدانت هذه الإحداث والتدخل الفعلي لمحاولة الالتفاف عليها أو لجهة تشجيع روسيا من اتخاذ أية مبادرة فعلية تفرض علي الجانبين الالتزام بها، مدعومة من الجانب الرسمي الإسلامي الممثل بموقف المنظمة ، وقطع الطريق أيضا أمام تنامي التطرف الإسلامي التي تعتبر هذه المناطق مناطق نموا سريعا لها بسبب تردي الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيها لكن بدون المبادرة الإسلامية،تبقى الدول غير قادرة على التدخل المباشر لتطويق ذيول الحادثة، وقطع الطريق أمام امتداد لهيب النار،إلى كل دول أسيا الإسلامية التي تعج بالقوميات والأثينيات المختلفة والتي تتبع الديانة الإسلامية والمذاهب السنية .
ختام قصة المأساة للشعب القيرقيزي:
قيرغيزستان: هي ممر الحرير الأول عبر التاريخ رابط الشرق بالغرب .
وقيرغيزستان :هي بلد الشيوعي الأول وبطل الثورة البلشفية عام 1917 ،والذي سميت العاصمة في الزمن الشيوعي باسمه "فرونزي "الذي غيرت اسمها إلى بشيكيك بعد انهيار الشيوعية ،لكن اسم فرونزي لم يختفي من روسيا الذي لاتزال تعرف باسمه أشياء كثيرة في روسيا "كمحطة المترو في موسكو وشوارع كثيرة في روسيا، التمثيل، عروض السينما ،المحلات الكبرى، كتب التاريخ ،...الخ ...".
قيرغيزستان: هي بلد الكاتب السوفيتي العظيم "جنكيز إطماطف،الذي كتب رواية عن المعلم الأول الذي ذهب ليعلم في القرى النامية في أيام الثورة الشيوعية والتي لاتزال هذه القصة تدرس حتى اليوم في المناهج الروسية الحديثة . قيرغيزستان هي الدولة الأسيوية الغير سلافية التي لا يتكلم شعبها سوى اللغة الروسية ،ويتعلم فيها في المدارس والجامعات، فالشعب القيرقيزي الذي يتداول لغة، أصبحت لغته ويملك ثقافة ،روسية ويعمل شعبه في روسيا، فكيف لا يطلب المساعدة من روسيا. فكيف لموسكو إذا أن لا تمد يد العون لهفي أحلك الظروف الذي يعيشها هذا الشعب إلى هذا الجزاء من التاريخ ،الثقافة، الحضارة وتاريخ روسيا القديم والحديث وصانع النصر معها ومستخرج ثروة النفط في أقاصي سيبيريا ،فالوقوف إلى جنبه بأصعب لحاضت عمره، بالوقت الذي يتعرض اليوم هذا الشعب ، لا صعب الظروف المعيشية بسبب القتال ألاثني والعرقي الذي يمزق بلاده،فروسيا التي تتمهل في المساعدة وإنما تحاول المساعدة بطريقة مدروسة كي لا تقع في فخ يبعدها نهائيا عن الشعب والمنطقة وتتحول عدة ،بوجه الشعب الإسلامي القيرقيزي أو الاوزبكي .
لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بنجاح الانتخابات القير غيزية هل طويت صفحة من الاستبداد الشمولي الذي دامت 20 عاما من الاستبداد ،والنجاح في أقامت أول ديمقراطية في اسيا الوسطى دون سفك دماء وتسليم السلطة رسميا بطريقة سلمية كأولى شروط الديمقراطية التي غابت عن هذه الدولي والمنطقة طوال فترة الشيوعية ،وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم بنجاح الانتخابات القير غيزية هل طويت صفحة النفوذ الأمريكي في هذه المنطقة التي شهدت صراع دموي ،فهل نجاح الانتخابات القيرغزية هي بداية العروض الأمريكية لروسيا من اجل تلين موقفها في أزمة سورية من خلال التفاوض على أوراق دولية. أو انتهاء نفوذ أمريكا وترجع دورها
مقابل تصاعد الدور الروسي الجديد.
ــــــ
باحث إعلامي مختص بالشؤون الروسية ودول الكومنولث .
[email protected]
روسيا - قيرغيزستان:الصراع الداخلي في "قيرغيزستان" والموقف الروسي من الإغراءات الأمريكية ...!!!2-2
د.خالد ممدوح ألعزي
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية