أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عراف ومنجم وقارئ فنجان يمدون النظام السوري بالأمل!... الياس س. الياس

التخلف لا جدال في أنه لا يرتبط بشهادة دراسية، فليس بالضرورة أن يكون "الدكتور" غير متخلف في مجالات عدة.. فالتخلف نعمة لهؤلاء ونقمة على المجتمعات.. بعض المتخلفين مثلا يرتضون لأنفسهم سيارة وحفنة دولارات وباسم "المشيخة" يسوقون عشيرة كاملة نحو تأييد تخلف "الدكتور".. البعض الآخر وباسم امتلاك الحقيقة يرى أن "موسكو مربط خيول الديكتاتوريات" يجب أن تُشكر على مساعدة "الدكتور"..

التخلف قد يدفع البعض من رحم الهستيريا الجماعية المضاف إليها بضعة "باصات النقل العام وسيرفيسات النقل الخاص" إلى سوق جماعي نحو ساحة كبيرة للوطن تحت سيف الأمويين للتطير الجماعي ، وإن كان قبر مؤسس دولة الأمويين، في قلب عاصمته العربية قبل ولادة جد جد "الدكتور" تحول إلى ما لا يسر لا العروبيين ولا المستعربين..

الحجة بسيطة، أدواتها أكثر من مرئية، في مفهوم "الولاء و البراء" فها هنا يتبرأ بسام أبو عبد الله من لسانه وعقله فيخاطب من عاصمة "قلب العروبة النابض" العرب بـ" الأشقاء".. إنه تقدم ولاشك على لغة شريف وطالب ولغته بذاته.. اللغة التي كشفت لنا أن كل العرب وإعلامهم وسياساتهم الدبلوماسية كانت وما زالت رغم هدنة اللسان : مجموعة من المتآمرين.. هؤلاء جميعا " متخلفون" بقومييهم وإسلامييهم وعلمانييهم ،التقوا دفعة واحدة مع باقي مكونات التناقض الفاضح، من السلفية إلى شيوعيي رياض الترك وما بينهما من حريرية وبندرية، على أن "يضروا الدكتور" في مؤامرة وحبكة تطلبت مجسمات وديكورات للتغطية على "الثورة القطرية على حمد"..
فاستحقت العروبة كل ما أطلقته عليها ألسنة هؤلاء من تنكيل وترهيب وتهديد وسرد يفوق قدرات الجن الأزرق في "كشف المستور".. فالولاء و البراء يكون لـ " سيد الوطن" ومن ثم فالوطن هو في سيده وسيده هو الوطن..بمعنى أن "حزمة الإصلاحات" لا شك هي مكرمة من مكرمات "سيد الوطن" وعلى الوطن القبول بها كما هي لأنها صادرة عن عقل "الدكتور" الذي يفهم أكثر من "المغرر بهم من جراثيم تجتاح الوطن"..

سبق للقذافي أن قال " عين قد أصابتنا" وإن كان يوسف شاكير قد تولى من على تلفاز الجماهيرية العظمى تسويق تلك العين وصدها بسبحة طويلة وربطة عنق لكل حلقة من "عشم الوطن" وأقاصيص شعوذة تطرد "الجن وتبعد العين الحسود" وتساعد في تدمير بوارج الأطلسي في أعالي البحار.. " النهر العظيم" لم يُسرق.. ورغم ذلك طار يوسف شاكير إلى "عاصمة العرب" مختتما ما بدأ به.. ولولا بعض الحياء لرأيناه يدفع علي الشعيبي بعيدا عنه ولكنا وجدنا موسى إبراهيم يقول لوهاب و قنديل : دعوني أقول الحقيقة.. "خلصت"..

كانت عرافة عربية آتية من بلاد "الفينيقي" ترسم في الصحراء الليبية خطوط المستقبل لملك ملوك إفريقيا وعميد الحكام العرب.. فإن في عاصمة الفينيقيين والأمويين عرافون ( وسياسيون وإعلاميون) كثيرون ممن يجودون على الشعب السوري مسحة من التخلف : "الدكتور" باق ولن يموت ولن تتخلصوا منه.. إنه جاثم إلى الأبد محصن بما نقوله وبتعويذاتنا التي نصنع له من إصلاح وحزم ترتبط بحزم وجزم ودبابات.. هو جاثم على صدوركم مهما فعلتم.. ففيه تكمن العروبة ويكمن الإسلام والمسيحية والزرادشتية و اليزيدية .. بدونه " من أنتم؟"، لا شيء ستضيعون وتصبحون أيتاما وستسقط مكونات العروبة كلها..

في النظام "العلماني" يكون لرجال الدين كلمة الفصل للدلالة على "أبدية الدكتور" فتساق كتابة وهتافا.. تفتديه الأرواح والدماء والأبناء وكل ما ملكت الأمة.. لذا ليس غريبا أن تجتمع كل صفات "الإيمان" بشخص بشار ومن يقول بغير ذلك يكون "جاهلا".. وبعكس التخلف فإن الجهل ليس آفة.. التخلف الجمعي ، سواء منه المقصود أو ذلك المدفوع إليه دفعا، يحول كل الاختزالات إلى ضياع كلي للعقل حتى يصل بنا المطاف إلى "أنا أعبد إصبع رجلك الصغير يا ربي بشار".. في العبودية ثمة مشكلة كبيرة لا أستسيغها لبشر مقابل بشر.. هنا ليست الحالة سريريه ومؤقتة الممارسة بمعنى الاستمتاع مثلا بتطميش عينا شريكة السرير لتشعرا بلذة ما.. الأمر فيه أبعاد أخطر من تلك..
صناعة شعب يؤمن بالتطير ويؤمن بما يقوله المشعوذون مغيبا لإرادته وعقله وقابل لأن يفكر عنه بعض النخب التي جاءت بها وثيقة مخابرات بشار ممتدة من مجلس شعب إلى مدراء صالات رياضية ومتعهدي حفلات وأقلام للإيجار ( متعددة الجنسيات وعابرة للحدود) وأفواه تجيد شرب الماء على الهواء في رمضان وناكر ممتاز لوجود شيء في "البلد" وما تسمعونه من انفجارات مجرد "فتيش" ( ألعاب نارية) والدبابات مسألة رمزية وخربة غزال بألف خير والنعيمة بأفضل حالاتها.. ما عدا من " زعل منهم الدكتور ممن يصورون تجمعات مغرضة ويتلاعبون بالعدد والهتافات".. أمر مبشر للدراما السورية التي ستنافس هوليوود فيما بعد..

صناعة شعب سوري "مُتخيل" هو ما شكل صدمة لهؤلاء وتوابعهم من العرافين والمنجمين ومن هم مصنفون في خانة " خلصت".. إذ كيف فشل "البعث وطوفانه" في تقييد العقل من المهد إلى اللحد؟
تلك صدمة هزت من يؤمن بالخلود ( ليس لجلجامش علاقة هنا) على عرش الجمهورية الوراثية، وعليه فكل هذا الصخب عن "العربان المتخلفون" ثم الرضوخ لزعامة أحد "العربان" للجنة عربية على خلفية صورة ملك الملوك، وإن لم تمر من عند صخب "الأشقاء العرب"، يصب في صالح أن يبقى الحكم في سلالة الأسد.. وكما عرفتنا عرافة فهي تؤكد أن "سلالة مبارك ستعود لحكم مصر" فإن لمدينة اللاذقية شأن في المستقبل..

عند الرفاق في كوريا الشمالية تحكم سلالة "ايل سونغ" وفي ظهرها التنين الأصفر وفي بلاد الأمويين العرب تحكم "سلالة الأسد" وفي ظهرها ما لا يمكن التعريف به.. فهنا كل شيء قابل للمقايضة.. من الفولار المدرسي إلى الصفقة الطلائعية و هراوة الشبيبة و مسدس ليس للزينة.. إلى قناص يعتلي مؤسسة حكومية قبل أن نسمع أنه من العصابات المسلحة المسيطرة على السجون والمحاكم وسقف كل شيء مرتفع.. حتى حماس ورأس حزب الله والأسرى والعراق ولبنان وجزر الإمارات العربية والبحرين والأحوازيين العرب.. كل شيء مباح..

في كوريا الشمالية لا يوجد وزير دفاع مزمن ومثقل ومحني الظهر بنياشين الرفاق والتوقيع على حفلات الإعدام يقول في مذكراته أن نصف أعضاء القيادة القطرية عملاء للسي أي إيه والموساد.. ولا يتهم رئيس أركان سابق أنه عميل.. ولا يوجد من يلعن سنسفيل الغرب الإمبريالي بينما نصف عائلته تحمل "غرين كارد" وجنسيات هذا الغرب الإمبريالي والأولاد والأحفاد يولدون في مستشفياته .. أليست مفارقة مضحكة أن تراث "دولة التقدم والاشتراكية" منذ الأسد الأب أن يمد قادة "التقدم" ألسنتهم لمواطنيهم الذين يدخلون مستشفى المواساة والمجتهد ويخرجون جثثا تارة بسرقة أعضاء وتارة بسبب "إهمال" بينما هم يهرولون إلى المشافي الخارجية للاستشفاء؟

كوبا وفنزويلا ليستا سوريا يا أصدقاء، كوبا حوصرت نعم لكنها حوصرت وشعبها يدرك لماذا ولم تتنازل عن المبادئ ولم تساعد السي أي إيه في شبح وتعذيب المتهمين العرب في سجونها كماهر عرار على سبيل المثال لا الحصر.. وفنزويلا التي رأسها تشافيز جرت انتخابات حرة لم يحصل فيها على 97% ولم يقف في برلمان بلاده ليصفق الجمع بعد كل ضحكة وبعد شعار " صغير عليك أن تحكم فنزويلا وأميركا اللاتينية يجب أن تحكم العالم يا سيادة الرئيس".. ولولا دي سيلفا وموراليس ورئيس الهند وجنوب أفريقيا لم يتم توريثهم الحكم ولا حكموا بصك غفران البوطي وحسون والبعث..
يرى المشعوذون الذين يستعين بهم "الإعلام الموضوعي والمهني" أن خضات وثورات ستصيب العالم كله.. وحين يُسألون عن بشار.. يصمتون قليلا لتشويقنا " الله يطولنا بعمره" و " ستتعرض سوريا لمؤامرة لكنه سينتصر عليها بعزيمة الجيش السوري".. في دول العالم تحدث ثورات لكن في سوريا " مؤامرة".. إن سوريا استثناء رباني إلهي.. وطالما الأمر كذلك فيطلب الساسة المشعوذون أيضا من الشعب السوري "الانتباه للمؤامرة والتمسك برئيسهم إلى الأبد" ماذا يعني هذا؟

يعني ببساطة أن شعب سوريا مجرد شعب مغفل وأبله وشعب انقطع نسل البشر فيه من مستوى "الدكتور" وعليه إذا عطس عطسته الأخيرة فستكون نهاية الشعب والبلد والعالم العربي من بعده.. شخصيا أكاد أختنق من التخلف الذي يطبق على عقل ومشاعر هتيفة " منحبك لك إيه والله منحبك.. وللأبد يا أسد.. الأسد أو لا أحد".. فهل على الشعب السوري إذا مات الأسد ، بعيدا بالطبع عن شعوذة الخلود، أن يعين مجلس العائلة أوصياء على حافظ الثاني ريثما ينضج ويرتب ويخرط ( ليست من عندي بل من خالد العبود) ليتم توريثه "الحظيرة وسقفها والقطيع و الشبيحة".. سؤال يستحق فعلا أن يمعن قدري جميل بأبعاده وأن يسأل رفاقه من حزب بكداش عن كيفية تأقلم الحزب مع التوريث الداخلي قبل خروجه مشرعا للفضاء العام..

خلاصة الفاجعة

سألت نفسي كثيرا عن سر العلاقة بين أبواق النظام السوري و لغة الأحذية و"الصبابيط"؟
اكتشفت، وربما أكون مخطئا، أن الإفلاس يدفع بهؤلاء للاستعانة بأدوات لغوية تهين لغتنا العربية، واكتشفت أن دخول السيد وئام وهاب على الخط قد زاد من فاجعة اللغة العربية في عاصمة اللغة العربية التي يحج إليها حتى مواطني بلد المليون شاعر للاستزادة منها.. فالمحكمة الدولية و "صباطي واحد".. ومعلقي أحباب الدكتور يقولون في لغة القاسم المشترك " حذاء بشار تاج على رؤوسكم" وستبقون محكومين " تحت صبابيطنا".. إلخ.
أشفق على اللغة المتعبة والمرعوبة من الهستيريا الجماعية المفروضة في زمن التفتيش عما في الرأس وفي القلب.. الجار يتوجس فيتجسس.. يقيمون في الغرب ملاحقين بخوف التقارير والتصوير وسفارات تتحول إلى أوكار لمندوبي الأجهزة الأمنية، لا أحد أفهمنا كيف تسلل إيلي بن يشاي إلى دير الزور المقصوف موقعها النووي المفترض فصور ما صور ونشر ما نشر في يديعوت أحرنوت بينما السوري يراقب ظله من أخيه السوري في درس الولاء لـ" سيد الوطن".
قادم الأيام ستكشف مزيدا من حقائق الشعوذة التي يؤمن بها هؤلاء كسبيل قهري لإقناع الناس بديمومة "الدكتور" ولو بفناء نصف الشعب!

(114)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي