الاجتماع الطارئ لوزراء خارجية الدول العربية تلبية لدعوة دول مجلس التعاون الخليجي لدراسة الوضع المأساوي في سوريا جاء على وقع احتجاجات السوريين في محيط مقر الاجتماع، فكانت أصوات المحتجين تصم آذان المجتمعين، ولاتحتاج لراوي ينقل لها صوت الشارع السوري المطالب بالحرية و وقف آلة القتل والإجرام بحق أبناء الشعب السوري منذ أكثر من سبعة شهور، راح ضحيتها الآلاف من الضحايا على يد قوات الجيش والأمن وقطعان الشبيحة والمرتزقة، واتضحت عنجهية النظام السوري على لسان مندوبه في الجامعة خلال كلمته التي ألقاها على مسامع الحضور والعالم، وكأن الرجل ونظامه يعيشان في كواكب افتراضية لاعلاقة لهم بما يجري، تارة يتحدث عن الديمقراطية وتارة عن الإصلاح وأخرى عن الوطنية، وزاد الطين بلة بطرح مبادرة أسياده في برامج إصلاحية ودروس في الديمقراطية للعرب وفي طبيعتها على أرض الواقع ليست سوى أدهى وأمر فنون القتل والإجرام وسفك الدماء والتمسك بتلابيب الكرسي الموروث على جماجم الأبرياء، وكان المندوب يهذي بما لايعي...؟؟؟ سوى التمسك بالكرسي لسيده في أقبية قصوره، والتهجم والتهكم على الديمقراطيات العربية وتوزيع صكوك التخوين والمؤامرات كما يحلو لخيالاته المريضة بناء على تعليمات أسياده هناك.
توسم العرب عموماً والسورين من الاجتماع أن يأتي بما تشتهي سفن طموح وتطلعات الشعب السوري الجريح، ووقف عنجهية النظام وحلوله الأمنية من خلال قرارات فورية وحاسمة يفهمها النظام، وتعطي للعالم صورةحقيقية حول ما يجري على أرض الواقع في سوريا دون المبادرات والحلول المبتسرة وإعطاء المهل، ودعوة النظام إلى لقاء المعارضة التي هدد العالم باتخاذ إجرءات على درجة عالية من التشبيح ضد كل دولة تعترف بهذا المجلس، وقامت باعتقال كل من له علاقة من قريب أو بعيد بأي حراك سياسي لايدور في فلك الإبقاء على النظام وتحت مظلة عائلة الأسد والمرتزقة من حوله، وحق للسوريين على امتداد الوطن التساؤل...؟ لماذا الآن تطرح الجامعة العربية نفسها وكأن لديها حلولاً، وكأن ذاكرة السوريين تنسى مبادرة العرب الأولى برعاية (العربي نبيل)، وما أطلقه من تصريحات أثارت غثيان الشارع السوري، وما أعطاه من مهلة وما تمناه في حينها على النظام من وقف مظاهر العنف.... وعبر وقتها معاليه عن تفاؤله مع كثير من العبارات المنمقة بأنه من الممكن تجاوز الأزمة على حد تعبيره، والنتيجة كانت أن النظام لم يأخذ بأي من الوساطات المعلنة وغير المعلنة من أصدقاءه وحلفاءه من المبادرة الروسية إلى المناشدات الإيرانية بالاستماع لمطالب الشارع السوري وتحقيق الإصلاحات، ووقف العنف المبالغ فيه، إلى آخر ما شهدته الساحة السورية والتداعيات الخطيرة التي يسعى النظام السوري إلى الوصول إليها، وكأن لسان حاله يقول: أنا ومن بعدي الطوفان.....؟؟
فات كل أصحاب المبادرات العربية وغير العربية، أو أنهم يدركون ولايفسرون، بأن النظام السوري لايعرف إلا لغة العنف والمواجهة الأمنية لطبيعته منذ النشأة، ما أدى لديمومته في مملكة استخباراتية تفوح منها رائحة الرعب والترويع، وسط تغييب أي دور للمؤسسات التي تقوم عليها الدول والتجمعات البشرية، فكيف لهذا النظام الاستماع لصوت الحق، كما ويؤمن النظام بأن وقف العنف وسحب دباباته وإرجاعها لثكناتها يعني زحف الملايين للشوارع لإسقاطه، والمطالبة بوقف القتل والترويع والسحل بالجملة يعني فقدان الهيبة التي قام عليها، وبالتالي سيعبر كل السوريين عن رفضهم للنظام وخروج قطاعات اللون الرمادي والمرجفين إلى الشارع مطالبين باسقاط النظام، أما المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين فتعني نهاية النظام وتقديم رقاب زمرته لمحاكم الجنايات الدولية حيث تم قتل وسحل معظم المعتقلين ناهيك عن الجرحى ومن تم دفنهم أحياء، ويدرك النظام أنه في حال اعلانه عن إطلاق سراح المعتقلين عليه الإعلان عن مصير المعتقلين المغيبين بفعل شياطين الاستخبارات، وهنا كارثة تحل برأس النظام وعصاباته، وسيبدأ كل منهم بتحسس رقبته وتنكشف روايات الرعب ورموزها على أيدي صناع الموت في الغرف السوداء، ومن هنا يرفض النظام أي مبادرة تنادي بوضع حد لما يواجهه النظام من ثورة عارمة ستؤدي حتماً لإسقاطه.
وفي ظل رمادية المشهد في عيون النظام السوري، وعواجيز الاستخبارات، وتنازع وتعدد مراكز القرار، يبدو أن جعبة النظام خاوية من أي طرح أو رؤية ... اللهم ما يسمونه حوار تحت مظلة وبركة النظام، والأخذ بما أسموه إصلاح، أو الاستمرار بما هم عليه ليستمر مسلسل القتل والجرائم الجماعية بحق الشعب السوري الذي حسم أمره .... أن لاتراجع عن اسقاط النظام ونيل الحرية.....؟ أما النظام وزمرة العائلة الحاكمة أمام هذه الحالة من الجمود لجأوا إلى أرخص الأساليب في استصدار واستجرار العديد من القرارات وما أسموها عنوة المراسيم الفارغة من أي محتوى في محاولة للتشويش على الحقائق، ومحاولة الاستفادة من ترويجها للعالم وكأن ماكينة الإصلاح تدور، وفي كل من تلك المباردات الميتة للنظام ومرة تلو المرة يسقط في أخطاءه القاتلة، ورواياته الممجوجة، وكأنه يعمل وبملئ إرادته الوصول لمقابل الحائط ...؟ ما يدفع بتدخل الخارج وخلط الأوراق، تحت أي ظرف كان، ومن ثم البكاء على الأطلال، والهروب فرادى إلى المجهول، والانتقام من كل الشعب السوري، ومن سوريا، التي يعتبرونها مزرعة وأهلها ليسوا إلا عبيداً في فلك آل الأسد وعبيدهم من المرتزقة والوصوليين.
ونعود للمبادرة العربية، وتمادي مندوب النظام السوري، في التهكم على العرب وإنكاره الرخيص لحقيقة ما يجري من جرائم إبادة للشعب السوري على يد نظام أسياده، والإدعاء بأن القتلى فقط من الجيش على أيدي مسلحين مفترضين، دون ذكر للضحايا على أيدي قطعان أمن النظام ومرتزقتهم، وبات من الواضح أن ستارة النظام خرقة بالية، تفضح أكثر ما تستر من وراءها، حيث يقتل مرتزقة النظام كل من يرفض إطلاق النار على المدنيين عسكريين كانوا أم رجال أمن ويتم التخلص منهم في الميدان، وتسجيلهم على عهدة العصابات المسلحة الافتراضية، حسب تعليمات خيالات عصابات آل الأسد، وفي نفس الوقت يطلقون تحفظاتهم على كل ما يطرح، ويصرحون ويملأون الأفق صراخاً على طريقتهم، اعتقاداً أن بإمكانهم ممارسة فنون التشبيح على العالم من حولهم كما يمارسونه في الداخل منذ عقود مضت.
وعلى مدار أكثر من أربع ساعات متواصلة واصلت حشود الشوريين المتظاهرين الهتاف والتجمع في محيط مقر الإجتماع تنادي بوقف المجازر، واتخاذ القرارات المناسبة للتعامل مع النظام الذي تمادى في البطش وألوان الإجرام، ومطالبة الجامعة العربية الاعتراف بالمجلس الوطني ممثلاً للشعب السوري، وفي البيان الختامي للاجتماع الطارئ جاءت دعوة النظام للحوار مع المعارضة تحت مظلة الجامعة، في الوقت الذي تحفظ النظام سلفاً على الطرح والبيان.....؟؟؟ فعن أي حلول تتحدث الجامعة إذاً.....!! بعد أكثر من سبع شهور من النزف والقتل المجاني الممنهج....؟؟ وماذا عن مهلة الأسبوعين ...؟ وهل الأمر يحتاج لمهلة ليقبل النظام بالمبادرة ..... وخلال الأسبوعين وعلى أقل تقدير سيقتل النظام على أقل تقدير 300 من الشباب والأطفال والنساء، ويعتقل ما لايقل عن 3000 آخرين، علاوة على ما سيدمره من بنى تحتية في أنحاء المدن والبلدات السورية.....؟ وبعدها سيرفض أي مبادرة ومهما كانت للخروج من أزمته لأن في أي نقطة تعني سقوطه حسب يقينه.... ويتوجب هنا على الأسرة العربية قبل الدولية أن تقرأ منهجية النظام السوري وتركيبته الدموية.... وأسلوبه الرخيص في التسويف ومتابعة ما بدأه من حلول أمنية تؤدي إلى الكثير من الخسائر في الأرواح .... ولن يثني ذلك الشعب السوري الحر عن مواصلة ثورته حتى اقتلاع النظام وعصاباته الإجرامية.... ولتسقط كل الشعارات والمبادرات المقدمة للنظام وما يطرحه النظام من أكاذيب وتهديدات عفى عليها الزمن..... والجامعة العربية بعد عقدين من الزمن وفقدان الدور والمسؤولية .... هل يعود إلى البيت العربي ألقه .... بعد سقوط الطغاة....؟؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية