الثورة السورية المنادية باسقاط النظام البعثي المتسلط أسقطت ورقة التوت عن عصابة تحكمت برقاب العباد، أمعنت في نهب ثروات الوطن السليب، فرطت بالغالي والنفيس تحت عناوين جوفاء فالمقاومة تارة، والممانعة، والخيار الاستراتيجي أو خيار السلام وخيارات أخرى ما أنزل الله بها من سلطان، ومنذ أول أيام ثورة الكرامة بشهورها السبعة انكشف قبح عورات النظام وأزلامه وصبيانه، فازدادوا قبحاً معمداً بالكذب والتدجيل، والمصيبة أنهم يعتقدون أن باستطاعتهم ممارسة أساليب البلطجة وما اكتسبوه من فنون في هذا المجال خلال العقود الماضية على العالم بأسره، فلا ندري ما أصاب أرباب العمائم والرؤوس المتخمة بشعارات ولي نعمتهم والركوع على صورته ورسمه والتسبيح بانجازاته الخارقة، وقدرته العجيبة التي لم تنجبها البشرية، ونصبوا أنفسهم لتوزيع صكوك الغفران إلى جانب جوقة الرداحين من أبواق العصابة، وزادوا عليهم بتهديد العالم بنوع جديد من التشبيح البعثي بامتياز، وهو العمليات الاستشهادية "كما أسماها الحسون" وغرد بها على الفضائحيات السورية ودنيا رامي مخلوف، وكان وهو ينطق بتهديداته يرتجف حباً و ولاءاً لسيد قصر المهاجرين، ويزبد ويتوعد بأن هؤلاء الشبيحة الشهداء هم هناك في كل أرض تهدد كيان عصابة الأسد في دمشق وحول العالم، وأتحف العالم بأنهم أيضاً ليسوا عرباً أو مسلمين، إذاً هو يؤكد أن لنظامه أسلوباً آخر في استجلاب المرتزقة من كل حدب وصوب ومن كل لون وعرق ... وإلا كيف للحسون أن يتوعد بهذه الطريقة.... ولسان حاله يقول: قادرون على ممارسة التشبيح على العالم كما في سوريا.......
وصل النظام السوري إلى نقطة اللاعودة في ممارسة النزق والتصريحات والتخريفات التي يمارسها غلمان الفضائيات، حتى أنهم استجلبوا من لهم باع طويل في هذا الإطار من المرتزقة أصحاب الفذلكات الكلامية من أمثال "القنديل الناصر" الزاحف في ركب أربابه وأولياء نعمته وأسياده في سراديب قم وما حولها، وعدد من أولئك المدافعين عن جرائم عصابة النظام البعثي التي تجاوزت كل حدود المعقول واللا معقول.....!! من استمرأوا الكذب المثير للغثيان وتدبيج معلقات المديح واللعب على الألفاظ وكأنهم هم من يوزع صكوك الوطنية والمواطنة والشرف وشهادات التخوين كما جرائم الإعدامات الرخيصة بحق شرفاء الوطن في أقبية المخابرات وعلى يد سماسرة البعث ومن يدور في فلكهم.
بلغ الكبر لدى أزلام نظام البعث مبلغه، فهم بمنزلة عالية من الوطنية والتغني بأمجاد القائد وإنجازات الوالد والولد وما بينهما....؟؟ من زعامات أجهزة المخابرات وصبيانهم ومرتزقتهم، وكل من يغرد خارج سرب الغربان فهو الخائن المتواطئ ويستحق السحل والقتل والتنكيل حتى زاود أحد أبواق السلطة بقوله: واجب الجيش مقاتلة وسحق المتظاهرين في سوريا وذلك أولى من مقاتلة إسرائيل.....!! يا للعجب ....؟؟!! هو منطق البعث ومن تربى في مدرسة القائد الوالد ومنهج الولد الممانع، الذي لم نشهد له نزالاً إلا في وريقات خطاباته ومعلقاته الخنفشارية وإسهاباته المطولة التي خطتها أيادي مستشاريه وكاتبي خطاباته الميامين، حتى يكاد الولد لايعرف ما في الورقة إلا عند اعتلاءه منصة الخطابة، ليتحف سامعيه بفلسفات لاطائل منها ولامعنى بل وتحفز درجة عالية من الحموضة في المعدة..... هو حكم الوالد واستبداد العصابة بالولد ليكون لهم واجهة وما عليه سوى التصريح باسمهم وتبرير أفعالهم ليس إلا، وهنا تعاضمت دوائر النهب من حول رأس العصابة وتمكنت من مفاصل صناعة القرار حتى بات السوريون على يقين بأن البلد يديرها أكثر من رأس تدور به الخمرة أو تدور خارج إطار الزمن وتعيش حالة الانفصال عن الواقع، وتمارس كل أنواع الدجل والكذب بفذلكات لايقتنعون بها في الأصل لكنها مجرد أدوار يؤدونها ليس إلا...؟؟
ما بين الحل الأمني الذي اعتمده النظام في مواجهة الأزمة في بداياتها، وحالة الاسهال في استصدار القرارات، وما أسموها بالمراسيم، التي لاتسمن ولاتغني عن جوع، وحالة التخبط والنزق، كلها مؤشرات لتنازع مركزية القرار بين عدد من الزعامات ما يؤكد وجود خلافات حادة بدأت تأكل رؤوسهم، بعد أن ضاقت بهم حال إدارة الأزمة، لاهم قادرون على سحب الجيش وإرجاعه لثكناته فمعنى ذلك عندها أن سوريا بأكملها ستكون في الساحات تنادي باسقاط النظام ولن يكون حينها لهم ولغلمانهم أثر على الأرض، ولن يستطع النظام المقاومة وينفرط عقدهم، وباتوا في مأزق يحاولون الخروج منه.... فلا يمكن لهم الإبقاء على الدبابات والمدرعات وقطعان الشبيحة والمرتزقة في شوارع المدن السورية إلى الأبد، وفي نفس الوقت كيف لهم أن يسحبوا أدوات الترهيب والقتل والترويع التي لم تجد نفعاً بعد سبعة شهور....؟ وهنا لا ينفع النظام المكابر إلا الخضوع لمطالب الشعب الثائر والاعتذار عن الحقبة التي لطخت تاريخ سوريا بالكالح الأسود، والإقرار بالجرائم التي ارتكبت بحق السوريين على يد قوات الأمن ومرتزقة غلمان النظام الأمني، ومن ثم التوجه للشعب بنية صادقة بأن سوريا هي أكبر من كل الرجالات وهي القادرة على احتضان كل أنباءها تحت مظلة القانون ولاشئ غيره، ولندفن حقبة سوداء في تاريخنا، ويتم تقديم كل من تسبب في قطرة دم أو إساءة لسوري لموقف أو فكر سياسي طوال العقود الماضية، وفتح أبواب السجون وتنظيف أقبية التعذيب وإعادة تأهيل المرتزقة وقطعان المأجورين ليعودوا إلى حضن الوطن، لكن وهل من يسمع....؟ وهنا تلوح في الأفق أكثر من غيمة تساؤل....؟؟؟
هل يمكن لعاقل في سفينة النظام الغارقة أن يفكر في الوطن ولو للحظة.... وهل يتعلم أولئك من التاريخ ويؤمنون بأن ثورات الشعوب وإرادة المقهورين لاتقهر.... فأي ثورة بدأت في التاريخ وتوقفت عجلاتها في منتصف الرحلة.... بالتأكيد لم تسجل هذه السابقة أبداً.... والسوريون بدأوا طريقهم بعد أن استكملت مقومات الثورة سبلها، وطفح الكيل ولم يعد في الأفق متسع للمزيد، وبدلاً من أن يهمس أحدهم في أذن صانع قرار تاهت بوصلته بأن العودة عن الخطأ فضيلة، والامتثال لإرادة أمة قمة الرجولة، والتاريخ يسجل بأحرف من نور لمن كان أمام إرادة الشعب صغيراً ليكبر في القلوب والعقول وأمجاد التاريخ، أما أولئك الموغلون في الجهل، المتمسكون بحلولهم الأمنية، لم يعد لديهم أي أفق أو رؤية لحل، فهم يتخبطون بعد أن تماهوا بالخطيئة والجريمة بحق الشعب، وركبوا موجة المكابرة والاستعلاء والتعالي دون اعتبار لغد آت، أو اعتبار لحركة وصيرورة الأشياء، لايعي أولئك أن الثورات فعل تراكمي توج بالانفجار، والثورة السورية المباركة تكتب فصولاً في أيديولوجيا الثورات العصرية، بتميزها وجبروتها، وصمودها في وجه أعتى الأنظمة الدكتاتورية في العالم، وإصرارها على تحقيق هدفها في إسقاط النظام وإرساء دولة القانون والمؤسسات والديمقراطية وصون الحريات، في الوقت الذي يزداد فيه نزق رجالات النظام والتخبط في اتخاذ القرار، واستجرار الحلول المعوقة المبتسرة، لتفرز تلك الطبقة من الوصوليين والمرتزقة من شبيحة المنابر، واللاهثين في فلك العصابة، وأرباب دهاليز المخابرات، وصناعة القرار، حيث أدمنوا التقاط فتات الموائد والتبرك بنعم الأسياد دون اعتبار لكرامة.... ولم يتركوا منبراً الا اعتلوها ليملأوا الفضاء صراخاً وعويلاً يصم السامعين .... فإلى متى أيها السابحون في فلك أسيادكم .... ترضون لنفسكم ذلاً وتتمرغون في وحل الفتات .... ويحكم التاريخ لن يرحم... عظمتمكم نذير سقوطكم ... وإن غداً لناظره قريب...؟؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية