أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مقال عن هذيان الاعلام الرسمي السوري وفقاقيع حسون والمعلم ... الياس س. الياس


المشهد السوري هو الأكثر، بين مشاهد الثورة العربية، كشفا الكثير للمستور مما كان مغيبا وراء قناع ملطف ومتناقض وجدار سميك من المتناقضات.
صحيح أن لسان حال القذافي الهارب من وجه العدالة الليبية سبق هو وابنه حكام سوريا وتوابعهم في الكشف عن مسحة من الجنون المرتكب للحفاظ على الكرسي متوارثا مهما كانت اللغة المستخدمة، ولكن يظل المشهد السوري الأكثر استنباطا للكوميديا السوداء ومهازل الشعارات والخطاب التاريخي المُلاك على ألسنة تفقد الكثير من توازنات العقل.
لسنا وبكل تأكيد في حالة تسمح لنا بمراجعة دقيقة لكل ذلك التناقض الصارخ بين ديماغوجية وليد المعلم وكل رجالات البعث المتصدرين للمشهد الإعلامي والسياسي، ولسنا في وارد مناقشة "الرفاق في كوبا الأبية" على مواقف تتراجع فيها لغة الشعوب إلى لغة طغاة فاشيين لم يترددوا في التعاون مع واشنطن وباعترافات اللحظة التي تعبر عن جوهر وحقيقة تلك الديماغوجيا.. فمن المخجل حقا أن يقرأ الرفاق في فنزويلا وكوبا من كتاب بعثي لا يمت لمعاداة الإمبريالية بصلة، بل يندفع لكسب صمت هذه الإمبريالية، مهما علا الثمن الباهظ ، على مجموعة من الممارسات المشينة. يستوقفنا هنا ودائما ذلك التاريخ الطويل من التعاون الأميركي مع النظام السوري، ولسنا بحاجة للعودة إلى كيسنجر و اولبرايت لنتعرف على المدى الذي وصلت إليه عمق الخدمات المقدمة من أنظمة الديكتاتورية العربية بما فيها الديكتاتورية السورية وبإعترافات مثيرة لرأس النظام في كل لقاء احتفالي مع عضو كونغرس شارد أو لقاء صحفي ليس عابرا مع قنوات أميركية.. وقد عبر رجالات النظام عن الأمر التوسلي بطريقة مثيرة للشفقة في لقاء مع السي ان ان عبر عماد مصطفى الذي كان قبل أسبوعين من اليوم أخرج من جعبته في مقر السفارة بواشنطن ملفا عمن يقود "المتآمرين" السلفيين في سوريا..
كان علي التركيز لأتعرف عمن هم هؤلاء الذين أحرج عماد مصطفى الصحفية الأميركية (العائدة بالمناسبة من سوريا بعد تجول مراقب في حزيران الماضي)..
لم أكن أفهم لماذا عنون اندرسون كووبر تلك الفقرة المسلية مع عماد مصطفى بـ" السفير الكاذب".. لم أحتج إلى الكثير من التركيز: أحمد صياصنة، أيمن الظواهري والشيخ العرعور وشاب ملتحي تم قتله في حمص ( الكن كنيته ربما).. عرض صورهم السفير السوري على الصحفية وسط ذهول حقيقي ونقاش حاد عن "الجهاديين" ولغة كان يستخدمها قراء صاموئييل هاننغتون وأقطاب الدعاية الصهيونية في واشنطن عن حزب الله وحماس والدعم السوري لمجموعات جيش الإسلام في العراق. خلطة عجيبة قدمها السفير.
لكن ثمة ما يسترعي الانتباه: الشيخ أحمد صياصنة هل هو بالفعل قائد الثورة السورية؟ وما هي قيمة الظواهري في خطاب الشارع السوري؟
أظن أن أحدا لا ينكر أن ابن أحمد صياصنة تم إعدامه بحثا عن أبيه وان صياصنة نفسه كان ضمن عداد الوفد الحوراني الذي قابل بشار الأسد لتخفيف الأجواء الملتهبة مع بداية الثورة السورية، وهذا الإمام تم تحميله ما لا يحتمل عبر قناة "الدنيا" وسلم نفسه ليقدم عبر تحقيق مذيع معروف عنه في سوريا دوره : نادم على فعلتك؟ يُسأل صياصنة ويحكم عليه بعد إعدام ابنه بذلك السؤال الذي أودى به إلى إقامة جبرية وتهديد بقتل بقية أفراد عائلته.

السؤال: هل أنت نادم؟ بعرض تشويقي تقدمه قناة الدنيا كقاعة محكمة تخفي ما وراءها من قضاء متعفن ومسير وفق أهواء الحاكم وأجهزته الأمنية ليحاكم الشخص ويُحكم عليه عبر شاشات الاعتراف بشهود يضاهون "أبو نظير" ( سلواية، قائد الثورة السورية المفترض) المختل عقليا والمعتقل اخوته بعد فضيحة العدالة الأسدية. لا يتوقف الكثيرون عند شهادة مختل بجملة "ربي يسر"، ولا عند تاجر مخدرات مسجون منذ عودته من ليبيا يتم عرضه على شاشة التلفزيون على أنه من زعماء العصابات المسلحة في حماة تمهيدا لما تلا ذلك في تلك المدينة المجروحة بعد أن كسرت الحركة الشعبية فيها كل نصال الكذب الرسمي ورواياته عن "ترويع المدنيين".
أيمن الظواهري المطلوب والمتخفي في جبال باكستان وأفغانستان يُقدم على أنه زعيم الثورة السورية، أمر كوميدي ومضحك في جانب ويستدعي الشفقة من الناحية الأخرى على تبرير كل شيء للإبقاء الأبدي على كرسي الحكم مقسما بين مافيا سوريا الحاكمة.

استمعت بإنصات شديد لشخص تستضيفه قناة الدنيا تارة كمحلل سياسي وأخرى كرجل دين وثالثة كنجار بطون مناضل وأخرى باحث في أمور خفية وسرية تذكرني بيوسف شاكير وشعوذته عن تسخير الجن لقلب المشهد من قناة القذافي حين كان يرى في الشعوذة والكذب طريقا للابقاء على القذافي حاكما ابديا.. السيد الذي تستضيفه قناة الدنيا هو: علي الشعيبي.. مرة كان يلوح بفلاش كومبيوتر يقسم بالخالق أن فيها فضائح جنسية لزوجة معرض سوري مع رجل من السي أي ايه.. لم توقفه المذيعة عند لياقة واحترام ذكاء المشاهد، كما لم تفعل قناة الدنيا مع ذات الرجل حين غاص بالحديث عن اللواط الذي يغرق فيه هذا وذاك.. وحتى مذيعي قناة الجزيرة ومسئوليها.. هذا الرجل يخاطب المشاهد الذي أعاره عقله كما تم إعارة هذا العقل إعلاميا وتجاريا ودبلوماسيا باستخفاف كبير لرواية ما حدث في درعا وفي المسجد العمري ونفق درعا- الرمثا قبل أن تتبين الفضيحة بعد ساعات بأنه نفق تهريب بين الحدود المكسيكية – الأميركية. وعلى ذات المنوال المستخف يواصل الشعيبي في آخر ما قدمه في هستيريا دورة تبرير العنف ضد الشعب السوري: محفل الماسونية العالمي كلف الأمير حمد القطري أن يهدم معبد آل الأسد، ولماذا؟ "يا أخي بشار الأسد ما بدو يكون عضو في المحفل الماسوني" هكذا يجيبنا الشيخ الشعيبي. هنا نسأل: هل سقطت مؤامرة السلفيين والفلسطينيين والحريريين والعرعوريين والصهيونيين والأميركيين والقاعدة والمخلوقات الكونية كلها؟ وهل المندسون الآن ليسوا إلا ماسونيين ( أو ماصونيين، كما يلفظها الشيخ الشعيبي).
طالما أن لقناة الدنيا الحق في البحث عن هؤلاء "الماصونيين" المتآمرين على القائد الأبدي بشار فلنا الحق أيضا أن نسأل: هل يعلم الشيخ الشعيبي من هو الشلاح؟ لن نجيب عليه بل نطلب من القارئ أن يبحث عما نسأل عنه.

المعلم يخيف بورصات العالم وحسون يؤكد

بعد تصريح وليد المعلم الأول عن شطب أوروبا عن الخارطة، عاد إلينا السيد وليد المعلم وبحضرة الرفاق من وزراء أميركا اللاتينية والوسطى بجمل عن معاقبة الدول التي تعترف بالمجلس الوطني السوري. ثم نكتشف أن البورصات العالمية انهارت اثر هذا التهديد الذي أطلقه وليد المعلم، وهي عنتريات تذكرنا بما يطلقه القذافي من ترهات عن انتفاضة وول ستريت بسبب هذا الهارب من شعبه.
فوليد المعلم ولمحاسن الصدف التاريخية لا يملك سوى لوك الكلام، فقد تحداه كتاب عرب بأن يذهب إلى أبعد من واقعة البيض والطماطم، طرد سفير مثلا.. لكن لزيادة التيقن من أن الرجل يعبر وبكل وضوح عن عدم اتزان يعيشه نظام دمشق المتهاوي يخرج علينا مفتي بشار الأسد بجمل تستدعي الزج باسم محمد الدرة في قضية لا علاقة مثلا لحمزة الخطيب وهاجر وعلا وعشرات الأطفال الآخرين علاقة بها، فهم بالنسبة له مجرد اوهام ولا وجود لهم سوى في مجسمات الدوحة..
الاهتزاز واضح والهستيريا التي نتحدث عنها تنبئ بما هو قادم، فبعد التهديد بحرق الشرق الأوسط بست ساعات، نجد أن "استشهاديين " سيضربون المدن الغربية.. المدن التي كان حسون يزورها في "حوار الأديان" ويقدم فيها ميوعة لا علاقة لها لا بالعروبة الخائف عليها ولا بمبادئ الإسلام بل محاولات مستميتة لنيل رضا الغرب.. أي أن برلين ولندن وباريس و واشنطن ستهزها تفجيرات "استشهادية" دفاعا عن كرسي الأسد..
هذا العهر يذكرني بذلك العهر القذافي: إعلان الجهاد المقدس ضد سويسرا لعيون هانيبال القذافي..
ثم من هو جمال المستعد لتفجير نفسه؟ سؤال عويص على المسيحيين الاجابة عنه طالما أن قداسة المفتي حسون يتحدث نيابة عنهم.

ما يستدعي الانتباه في هذه المسيرة التنديدية المهددة أيضا : إذا لم يلتزموا باتفاقية فيينا لحماية البعثات الدبلوماسية السورية فإننا سنعاملهم بالمثل!! يقول وليد المعلم ردا على محاولات سوريين اقتحام سفارات المعلم ردا على عنف وقتل واغتيال النشطاء والشعب وآخرهم مشعل التمو ( انتبهوا إلى الأسماء القادمة بينهم نواف البشير).. أي أن المعلم الذي يرتب بعض شبيحته الهجوم على السفارات الغربية والعربية بدمشق يريد أن يفهمنا أن حكومات الغرب هي من تنسق محاولات اقتحام السفارات وهي التي قتلت السوريين واغتالت النشطاء السوريين.

ما أنا متأكد منه هو أن الغرب لا يعير هذا الهذيان الكثير من الجدية إلا في تأكيد أن هذا النظام فقد كل شيء، وأنه في خطواته الهستيرية بات مستعدا لإطلاق أية عبارات مفلسة تهدد بهذه وتلك من الأفعال التي لم تعد تخيفها حتى فزاعة أسامة بن لادن ولا كل ما ساقه الديكتاتوريين لتبرير ديكتاتوريتهم واحتفاظ عصاباتهم بفاشية الحكم.. يعتقد المعلم أن الفيتو الروسي والصيني انتصارا.. لكنه بات يكتشف أكثر فأكثر أن الأمر ابعد من ذلك والأيام القادمة ستحمل الكثير الكثير من المفاجئات لهذا النظام الديكتاتوري الذي بات ينظر إليه كخطر على شعبه والمنطقة.. ولن يفيد استجداء الصهاينة ولا رمي الجزرة للقوى الصهيونية لانقاذه على طريقة مناشدات القذافي عبر سماسرة معلومين وليسوا مجهولين. لننتظر وسنرى الخطوة التالية للسيد المعلم ومن سيشطب من خارطة الكون...

(104)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي