من حق "عضو" مجلس النواب العراقي السابق مشعان الجبوري ، أن يسطر لنفسه تاريخا شخصيا عامرا بادعاءات النضال والمواقف القومية ودعم المقاومات العربية ونصرة الشعوب المنتفضة على جلاديها ... من حقه أيضا أن يوظف كل الوسائل المتاحة ، حتى لو اشتملت على دماء العراقيين ومأساتهم ، لتزيين صفحات تاريخه بما لم يقم به من فعل نضالي حقيقي .
فالعضو الجبوري الذي يشتم أمريكا اليوم ، هو نفسه الذي دخل إلى العراق في أعقاب الغزو الأمريكي ، معتلياً صهوة الدبابات الأمريكية ... ولعل هذه الحقيقة الثابتة ، كافية وحدها، للبحث في الدور المشبوه الذي يمارسه متلطياً بزعمه تنكب الأدوار الوطنية ، ومساندة حركة الشعوب ومعاداة أمريكا ؟!
في كل حال : من حق هذا العضو وغيره ممن يركبون موجات التغيير والأحداث الكبرى ، سلوك المسارب التي تؤمن مصالحهم ، وتضمن سبل
ارتزاقهم ... لكن قطعا لا يحق للجبوري ولا لغيره ممارسة رذيلة الكذب وقلب الحقائق وتزوير الوقائع ؟! وما كنا لنتوقف عند أي كلام يطلقه هذا " العضو" السابق في البرلمان العراقي ، لإيماننا القاطع بان ما يصدر عنه لا يقدم في ميزان الأحداث ولا يؤخر ... وهو لا يعنينا كشخص لا من قريب ولا من بعيد ... ولا يهمنا البحث في مصادر ثروته ، ولا في سر هروبه من العراق قبل الغزو الأمريكي ، ولا أي جزئية من تصرفاته مع أننا على بينة من هذه الأمور .
ما يعنينا هنا ، أن هذا " العضو" يقبض بغير حق قانوني أو شرعي على مقاليد فضائية الرأي ، ومستمر في بث أكاذيبه وأخباره المغايرة للحقيقة في القناة ، بما يسيء للثورة الليبية الظافرة ، التي أنهى شبابها عقوداً من الاستئثار بالسلطة والثروة، ويعملون على بناء دولة الحرية والكرامة وحقوق الإنسان ليصبحوا في نظر الجبوري مساند الثورات وداعم الشعوب مجرد "عملاء للناتو" ... وما يعنينا أيضا أن هذا الجبوري ، مازال يوظف القناة الفضائية التي باعها بموجب عقد موثق ، لتمرير مصالحه الشخصية ، وفي محاولة مكشوفة منه للنكول بتوقيعه والاستيلاء على الثمن الذي يتقاضاه ... ولسنا نعلم إذا ما كانت هذه التصرفات تتوافق مع قيم المناضلين ...
يكذب كثيراً هذا الجبوري .. وحين نتصدى بهذه الكلمات لفضح أكاذيبه وكشف الحقيقة الكاملة المتصلة بقضية قناة الرأي ، ولتعرية تصريحاته لوكالة "رويترز" ولجريدة"الشروق" الجزائرية ، فلأننا نخشى أن يستمر في التسويق لادعاءاته والاستمرار في تنفيذ مخططه المريب ، الذي من حقنا الشك ، باتصاله بدوائر لا تضمر الخير للانتفاضات الشعبية العربية ، ولان أوان الحقيقة قد حل ، وان عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء .
في تصريحه لرويترز ، زعم الجبوري انه يمول عمله التلفزيوني بنفسه ، وانه لم يتلق أموالا من القذافي ، باستثناء 400 ألف دولار ، حصل عليها قبل 4 سنوات ، بالإضافة إلى مبلغين مجموعهما 50 ألف دولار ، نالهما في ابريل / نيسان ومايو / أيار لشراء معدات بث والتدريب عليها ...
وفي حديثه لجريدة الشروق لم يغفل الجبوري ادعاء البطولات ... فهو كان مالكاً لقناة الزوراء التي تبث من القاهرة ... ومع أنها بالكاد كانت على خريطة المشاهدة .. فان أمريكا بعظمتها ، "ضغطت" على حسني مبارك فقام بغلق القناة على النايل سات ، " وبعد فترة فتحنا قناة الرأي في سوريا التي صنفها الأمريكان في خانة القنوات الداعمة للإرهاب " .. هكذا قال للجريدة ..
وهكذا برر الجبوري انتقاله إلى سوريا .. مع أن القاصي والداني ، ممن تابعوا قضية قناة الزوراء ، يدركون تماما أن القناة لم تزعج الأمريكان ، بل أن دور صديقهم الذي ادخلوه إلى الموصل على دباباتهم .. قد انتهى .. وانه أصبح لزوم ما لا يلزم ... فألف قصيدة الضغوط .. والمهم انه لكثرة ما رددها صدقها .. على طريقة .. اكذب .. اكذب .. اكذب ؟! ويرفض الجبوري استخدام عبارة "لجوء القذافي" إلى القناة .. واعتبرها مصطلح "عبري" وزاد
لا فض فوه للشروق " القناة وقفت إلى جانب الشعب الليبي في مظاهراته" لكن عندما بدأ المتظاهرون يكذبون و يقولون أن هناك قتلى و مجازر ارتكبها القذافي في حق المتظاهرين و طالبوا بتدخل الناتو و عندما تآمر معظم العرب على ليبيا و تحول القذافي إلى رجل يدافع عن وطنه تحولت القناة إلى صفه و إلى جانب كل ليبي مقاوم على أرض وطنه.. "
هنا أريد أن أسأل هذا العضو: كيف يوفق بين ادعائه القيام بدور القائد العسكري في الموصل ضد الأمريكيين ، وبين تعاونه معهم إلى الحد الذي جعلهم يدخلونه إلى العراق على صهوة دباباتهم؟! وسؤال آخر : ألا تدل صورته الشهيرة مع مدير الاستخبارات الأمريكية والتي يقول أنها قديمة على علاقاته المبكرة بهذه الاستخبارات ؟!
وسؤال بعد: هل ينكر الجبوري أنه كان "بطلا"... لعمليات نهب أموال المصارف في الموصل ما دفع أهلها إلى طرده فهرب إلى الأردن غير مأسوف عليه؟!
هل أن قوات الناتو هي من قتل آلاف الليبيين خلال الثورة ؟! وسؤال آخر: مارأيك دام فضلك و نضالك بالمقبرة الجماعية التي اكتشفت خلف سجن أبو سليم وفيها 1712 جثة بالتمام و الكمال ؟! وببقية المقابر المكتشفة في غير مدينة و بلدة ؟! ثم لماذا تخيلت عافاك الله أن الشعب الليبي بأمه و أبيه : شعب يكذب .. أعتقد صادقاً أنك قصدت بهذا الوصف مجموعة المنتفعين و المتسلقين أمثالك .. وعندما هب العالم لمساعدة الثوار في ليبيا لم يكن الثوار أصحاب الطلب ، خصوصا أنهم أحفاد الكبار من المناضلين الذين لقنوا الأجنبي الذي دنس تراب ليبيا ، ربما قبل أن تولد ، دروسا في النضال والاستبسال تنم عن كرامة هذا الشعب وصدق عقيدته الوطنية ...
ولان شر البلية ما يضحك ... فإنني ادعوكم إلى سماع آخر الطرائف من إبداعات الجبوري .. فهو نفى أن القذافي دعم قناة الرأي بـ 25 مليون دولار مطلع العام الماضي ، ورد قائلاً "القذافي ليس بهذا السخاء ، وهذه محاولة لتشويه موقفنا " .. ثم يضيف " عكس ذلك تماماً ، المجلس الانتقالي الليبي ، أرسل لنا رجل أعمال سوري ، يعرض علينا إيقاف بث خطابات القذافي وأولاده ، مقابل أن نأخذ ما نريد من المال ، وكان ردنا عليهم ، ماذا سنقول لأهلنا وللتاريخ ، كيف نهادن الناتو الذي دعم عصابة بنغازي " ..
هكذا ، وبوقاحة موصوفة وثابتة ، حول الجبوري رجل التاريخ ، المجلس الانتقالي الليبي ، المعترف به من العالم اجمع كسلطة شرعية ، إلى عصابة بنغازي " .. ربما لأنه في حياته ، لم يعمل في محيط وطني حقيقي ، ولم يقرا إلا عن المافيا والعصابات وعملاء المخابرات ؟!
للقذافي حتى الآن من يدافع عن سخائه من عدمه .. وان يكشف عن حقيقة علاقة النظام الليبي السابق بالجبوري .. لكن المضحك المبكي ، أن يزعم الجبوري قيام المجلس الانتقالي بمحاولة شراء موقفه أو سكوته أو إحجامه عن بث خطابات القذافي مقابل ما يريد من المال ؟!
ولسنا ندري كيف كان المجلس سيلبي طلبات الجبوري وهو الجهة ذاتها التي طلبت من العالم مساعدتها في تامين البنزين لسيارات الإسعاف ؟! وهو أيضا ، الجهة التي مازالت برغم الإفراج عن بعض الرساميل المجمدة تتلقى المساعدات والمعونات من دول عديدة ؟! الم يسمع الجبوري –مثلاً- بالمعونات الغذائية القطرية والإماراتية في مناطق مختلفة من ليبيا ، أو لم تصله أخبار المساعدات التركية التي كانت تلقى من الجو في سرت وسبها وبني وليد ؟!
نحن ، لأننا نعرف الحقيقة نوقن أولاً : أن المجلس الانتقالي الليبي اعجز من الإيفاء بما يطمح إليه الجبوري ، وان رسالته للمجلس وصلت وأعيدت لمرسلها ، وثانياً : انه ليس في سياسة المجلس وان امتلك المقدرات المالية ، إتباع الأساليب التي كانت معتمدة سابقاً ...
قلنا : انه حان زمن الحقيقة ، التي لا يغيبها زعم من هنا أو ادعاء من هناك .. ولأننا نريد وضع حد نهائي لمزاعم الجبوري وبطولاته الدون كيشوتية .. فإننا نورد حكاية قناة الرأي وعلاقتها بليبيا من ألف الكلام حتى الياء .
بدأت القصة ، عندما قررت سلطات النظام الليبي السابقة ، مواجهة التغطيات الإعلامية العربية ، من خلال قناة فضائية ، تكون صوت النظام ، بعدما تعذر عليه البث عبر قنواته الرسمية ، نتيجة التشويش والمقاطعة ... ولأنهم على بينة ويقين من استعدادات الجبوري للسير في ركاب من يدفع ، فقد استقر الرأي على التعاون معه .
وبتاريخ 26/04/2011 ، باع الجبوري قناة الرأي إلى مواطن ليبي بمبلغ خمسة ملايين دولار أمريكي ، بما فيها العمولات والعقد موثق وموجود لدى هذا المواطن ، الذي يعد نفسه ضحية لعملية نصب محكمة ... مع انه واستناداً إلى عقد البيع ، عين المالك الجديد ، احد الأشخاص رئيسا لمجلس الإدارة ، والسؤال هنا : مادام الجبوري باع القناة ... ومالكها عين شخصاً آخر رئيساً لها ، فكيف يستوي عرفاً وقانوناً أن ينتحل الجبوري صفة رئيس لقناة باعها وقبض ثمنها ؟! ثم ألا يشكل هذا العقد وثيقة دامغة تدين هذا "العضو" بالكذب وتزوير الحقائق وانتحال الصفة ، عندما يتحدث إلى وسائل الإعلام من موقع لم يعد يشغله وعن قناة ليس مالكاً لها ؟ ولن يستطيع الاستمرار في مزاعمه ، لان الرد عليه ، سيكون عبر نشر عقد البيع الممهور بتوقيعه ؟!
قلنا منذ البدء ، أن لا علاقة لنا بالشخص .. ولكن ذلك لا يمنعنا من إسداء النصيحة ، للجبوري بان يرعوي ، وان يعد للعشرة قبل أن يدعي غير الحقيقة ، ويتطاول على نضالات الشعب الليبي وقامته النضالية ، التي بالتأكيد هي اشمخ من محاولات الصغار من أدعياء النضال والقومية ..
هنا ، تبقى ملاحظة ، لابد من التوقف عندها :
لأننا نوقن أن سوريا القومية الحريصة على وحدة الصف العربي ، وعلى عدم الإساءة إلى الأنظمة الشقيقة ، وكذلك حرصها على الابتعاد عن التدخل في شؤون الدول الأخرى ، وخاصة الشقيقة منها ، فلا نتردد في طرح السؤال الكبير :
إن هذه القناة ، لم تترك دولة عربية ، إلا وتطاولت عليها ودست انفها في شؤونها بأسلوب يتنافى مع ابسط قواعد الأخوة والأخلاق والاحترام ، وهي تسعى لتقويض استقرار غير بلد وقطر .. وهي – للأسف – تبث من دمشق عاصمة العرب والعروبة ، فكيف تسمح سوريا باستمرار بثها ، وهي المناقضة تماماً للعقيدة الوطنية والقومية المعتمدة ؟!
سؤال ، نأمل مخلصين ، ألا يبقى بدون جواب ..
كاتب لبناني
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية