في 23 أيلول 2011 ذهب الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى نيويورك للقاء كلمة تاريخية بالنسبة للشعب الفلسطيني في إحياء القضية مجددا بعد أن أضحت مجرد مشكلة وليست قضية ،قضية شعب ودولة وتاريخ واحتلال واضطهاد يعنيه الشعب الفلسطيني من غطرسة الصهيونية المتجددة من خلال نمو التطرف اليمني العنصري المستهتر بكل العالم.لقد تلقى عباس منذ وصوله للمنصة العالمية التصفيق الحاد من قبل الوفود المشاركة،وإثناء خطاب عباس وقف أعضاء الوفود وصفقوا للرئيس الفلسطيني مجددا وبعد إنهاء الكلمة صفق الحضور للرئيس الفلسطيني بحماس وتعاطف شديد لم يحضا احد به من أصحاب الكلمات بهذا الترحيب والتصفيق والاحترام الذي كان للمندوب الفلسطيني محمد عباس ،فهذا الترحيب غاب عن القضية الفلسطينية لعقود،لقد صفق العالم للقضية الفلسطينية مرتين المرة الأولى في العام1976 ،عندما جاء الرئيس الراحل ياسر عرفات ممثل منظمة التحرير الفلسطينية والق خطابه الشهير وكان شعار المرحلة "جئتكم بغصن الزيتون الأخضر بيدي والبندقية في الأخرى،لا تدعوا غصن الزيتون يسقط من يدي "عندها صفق العالم لعرفات،وكانت الجلسة برئاسة للبنان الرئيس الدوري لرئاسة الأمم المتحدة،واليوم في العام 2011 يصفق العالم لعباس في هيئة الأمم المتحدة ،ويزيد من احترامه للقضية الفلسطينية التي بدأت تأخذ منحى دبلوماسي، في المرة الثانية تشاء الصدفة أن يترأس دورة مجلس الأمن دولة لبنان.
كانت كلمة عباس كلمة شاملة واقعية عاطفية تتعرض كل أمال وطموح الشعب الفلسطيني ،من يوم النكبة واحتلال فلسطيني إلى الحرب والمجازر والتشريد والقضم للأراضي وحق العودة وبناء المستوطنات،وغطرسة اليمن الصهيوني والتلاعب على المفاوضات وعدم الالتزام بتطبيق بنود اتفاق أوسلو،إلى كل المعاناة الفلسطينية اليومية الداخلية والخارجية،الغياب الدولي وعدم التفكير الجدي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة بالرغم من وعود الرباعية وعود الرئيس براك اوباما الذين أصروا على إعلان دولة فلسطين في شهر أيلول.
فالرد الدولي الذي يحاول دوما بان تكون طريق المفاوضات بين راما لله والقدس وتل أبيب وواشنطن ،والذي رفضها الجانب الفلسطيني نتيجة وصولها إلى الحائط المسدود بسبب استمرار حزب أللكود ببناء المستعمرات في كافة المناطق الفلسطينية التابعة لحدود 4 حزيران 1967 .
فالتصفيق الكثيف الذي تلقه الرئيس عباس في هيئة الأمم يسمح للفلسطيني بان يعدل إستراتجية التفاوضية من خلال العودة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للفوز بمقعد مراقب في هيئة الأمم لان الوفد الفلسطيني يعرف جيدا مدى الضغط التي مارسته الولايات المتحدة عليه من اجل سحب قراره ،لكنه تحدى العالم ودخل في لعبة المكشوف،والذي سوف يحرج أمريكا أمام العالم ويظهر وجهها البشع نحو القضية الفلسطينية من خلال استخدامها حق النقد والتلويح المسبق بالفيتو.
لان التدويل يكمن في محكمة الجنايات ومحكمة العدل الدولية التي تعطي للدولة الفلسطينية حق العضوية الكاملة ،والذي يمكن الفلسطيني من التعامل حسب القانون الدولي ،وهز الذي يفزع إسرائيل وأمريكا من خلال مقايضة إسرائيل قانونيا وملاحقة جنودها وجنرالاتها.
لحظة تاريخية أضحت في الإستراتيجية الفلسطينية حول التعاطي مع المشكلة الفلسطينية، وتعتبر هذه الخطة نقلة نوعية في التعاطي الفلسطيني مع الأزمة الفلسطينية من خلال الاحتكام للشرعية الدولية واللعب على المكشوف مع الدول التي تريد إنهاء الأزمة الفلسطينية التاريخية . لقد كان خطاب الرئيس محمود عباس دبلوماسي من الدرجة الأولى في كيفية التخاطب مع مندوبي ورؤساء العالم ،كان منطقيا في عرض المشكلة الفلسطينية التاريخية وأسباب تعطيل المفاوضات وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وبناء دولته المقرة في مجلس الأمن .
لقد ربح الفلسطينيون كثيرا في لفت الانتباه إليهم ،وإعادة الضوء على القضية الفلسطينية التي كادت ان تتلاشى ،فالتصفيق الذي ناله الرئيس عباس لم تناله القضية منذ العام 1976 أثناء خطاب الرئيس الراحل ياسر عرفات وإلقاء كلمته الشهيرة وقتها.
طبعا المجموعة الأوروبية وأمريكا سوف تعملا جاهدة كي لا تتمكن دولة فلسطين من الحصول على كامل عضويتها من خلال الضغط على أصوات الأعضاء الذين ينفذون سياستهم ،وإذا تعذر ذلك سوف تقوم أمريكا باستخدام حق النقد ،والذي سوف يكون له انعكاساته السلبية على مصداقية أمريكا وصداقاتها مع الدول العربية والإسلامية ،بالرغم من تراس الجلسة من قبل بلد عربي لم يستطيع رئيس الدورة مندوب لبنان نواف سلام من كسب التأيد الكامل لصالح التصويت الدولي للقضية الفلسطينية.
لكن خطاب الرئيس ابوباما عبر بدرجة خاصة عن توجه نحو الداخل الأمريكي ،وتجاهل الموضوع الفلسطيني ،وكذلك رئيس وزراء العدو بنيمين نتانياهو بخطاب داخلي يخص المجتمع الإسرائيلي الذي يعاني من أزمة اجتماعية واقتصادية،مبتعد ايضا عن الموضوع الجوهري المطروح.مع وجود مفارقة بين خطاب الرئيس سركوزي الذي حاول إيجاد مخرج مشرف للولايات الأمريكية من خلال طرح مبادرة تقوم على أن تحصل فلسطين على عضو مراقب ومع استمرار بالمفوضات ،وها ماحول نتانياهو تبنية الضمني من خلال مقابلته على تلفزيون "بي بي سي "في 25 أيلول "سبتمبر"20011 و يدعو ابو مازن لإعادة استكمال المفوضات من اجل الاتفاق على دولة للفلسطينيين ،والأمن للإسرائيليين ،وبعدها إسرائيل سوف تعترف أول دولة بفلسطين.
لكن رد حماس جاء على لسان السيد خالد مشعل من طهران" في مؤتمر من اجل فلسطين "انعقد في 1 أكتوبر ويقول بان أمريكا ترفض حصول فلسطيني على عضوية كاملة في مجلس الأمن يكشف وجه أمريكا البشع وهذه جرأة كبيرة لمحمود عباس بالذهب إلى الأمم المتحدة بالرغم من كل الضغوطات الأمريكية والغربية التي فرضت عليه ،لكنه تحدى الجميع ،وحماس تدعو إلى لقاء وطني شامل كرد على التعنت ،من اجل حوار نقدي لتجربة جديدة من اجل مصالح الشعب الفلسطيني.
لكن اجتمع الجمعية العامة 66 هذه الدورة كانت فلسطينية بامتياز ،من خلال كلمة الرئيس محمود عباس وتحميل المجتمع الدولي مسؤوليته أمام الشعب الفلسطيني،ومساعدته في بناء دولته.
صحافي وباحث إعلامي، و مختص بالإعلام السياسي والدعاية.
[email protected]
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية