أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ارتجالية القرارات في حكومة "سفر"...!!! ... ماجد الشيباني

قرارات حكومية، وقائية، احترازية، طارئة، حكيمة، مؤقتة، ليست منزلة، عناوين عريضة وتصريحات يطلقها أعضاء جكومة "سفر" حيال قرارات اتخذتها دوائر صنع القرار في جكومته الميمونة، والذي عول عليها النظام وروج بأنها حكومة الإصلاح والتغيير، حيث كانت ولادتها في ظروف صعبة على أنقاض سابقتها التي لم تقدم شيئاً حسب تصريحات صناع القرار في النظام السوري، فجاءت ترميمية بامتياز، حيث تقدم وزير الزراعة والتصحير الزراعي الركب ليكون وزيرها الأول، لتواجه استحقاقات غير طبيعية يواجهها النظام على كل الأصعدة، وعبر عقود مضت يعرف القاصي والداني أن الحكومات في سوريا هي مؤسسات مسحوبة الإرادة تؤدي مهام وظيفية في قطاعات مختلفة دون أن يكون لها صلاحية صناعة القرار وفق برنامج حكومي نالت بموجبه الثقة الافتراضية، ومن هنا ودون الحاجة لعين بصيرة لايعول السوريون وبحكم التجربة على أي حكومة أو برنامج يتم الحديث عنه، ويستبق الأمر بالحكم على اللاعقلانية والتخبط والتسرع في اتخاذ القرارات، وإن كانت فهي في إطار ردات الفعل التي غالباً ما تؤدي إلى نتائج كارثية على الأرض، حيث تعلو صيحات البعض على استحياء بأنها غير منزلة وبكل بساطة وكأن في ذلك علاج للأمر وانتهى....!! لكن كيف يتم اتخاذ القرارات من قبل الجكومة وسهولة العودة عنها وكأنها في الأصل خاضعة لمبدأ التجريب دون دراستها من قبل أهل الاختصاص، وبالتالي وبكل سهولة ينزعون عنها صفة الديمومة والعودة عنها.
والحكومة العتيدة التي بشر بها النظام منذ تكليف "السفر العادل" بأن يكون على راسها تنادوا وكأنها هي المخلص والمنقذ من كل ما لحق بالأداء الحكومي ناهيك عن علامات الاستفهام الكثيرة عن وزراء بارزين فيها وكثرة الروايات وما أثير حول بعضهم أو جلهم، فأخذت الحكومة بتشكيل اللجان و ورش العمل واعتماد الخطط والمبادرات والدراسات والتي هلل وبشر بها القائمون على القرار و وعدوا بالمن والسلوى وبالكفاءات العالية لأعضاء الحكومة...! وبعد مواجهة النظام الأسرة الدولية في تجاهل المناشدات والمطالب باحترام حقوق الانسان و وقف العنف وحمامات الدم في الشارع السوري ومنذ سبعة شهور مضت، أصيبت الحكومة بعدوى اسهال القرارات كما رأس النظام في سيل المراسيم التي صدرت وكأنها كانت في جعبة ساحر، أمطر بها النظام شعبه، فكانت في معظمها فذلكات لاأثر لها على الأرض، وإن كان فكان أثرها ما أثار موجات من الاستياء والسخط في استغفال الشعب والضحك على الذقون، حيث كانت الأماني والوعود في واد والتنفيذ على الأرض في واد آخر، وكأن ما يعلن عنه من قرارات لمخاطبة العالم، أما على الأرض فهم الأجدر بممارسة ما يرونه الأنسب في ظل عمليات التعتيم المتكاملة وحملات التكذيب لكل ما يتضارب مع شعارات الحمد والثناء للنظام وتاريخه المتخم بالممانعة والوطنية، والمنتفخ ممانعة للمشاريع الاستعمارية والمؤامرات الكونية ومحاربة الأشباح "دون الشبيحة"، فكان الإعلان عن رفع حالة الطوارئ وفي نفس الوقت سادت حالة من السعار الحاد لكل أجهزة الأمن في الاعتقال والتنكيل والقتل وتدمير مقومات الحياة وتحويل المرافق والمدراس والملاعب والمؤسسات الحكومية إلى مقرات للاعتقال والتنكيل، بل وحتى تجهيز حافلات النقل إلى زنازين متحركة تمارس فيها ألوان التعذيب والتنكيل، وحفلات الاعتقال التي لاتميز بين كبير وصغير، على يد متعهدي حفلات التنكيل وأرباب الحلول الأمنية الاستخباراتية، وعدد آخر من المراسيم في محاولة بائسة يائسة لاستدرار العطف والتأييد وتنفيس الاحتقان واسترضاء الشعب من خلال تقزيم الثورة ومطالبها الرئيسية، ما دلل على حالة من التخبط في اتخاذ القرارات في كل مواقعه، والجكومة في تيه من أمرها بين الاسترجال والتوجس في خطوة للأمام واثنتين للوراء لتزيد من ضبابية المشهد وخلط الأوراق وخلق حالة من الضياع على المستوى الرسمي والشعبي.
وكما هي حال النظام وخلال عقد ونيف اعتمد النظام خطب ود البورجوازية التجارية ومصاهرة رجال الأعمال والتجار وانخرط شريكاً لهم في كل المشاريع صغيرها وكبيرها، فكان يعول كثيراً على استمالة هذه الطبقة في تعزيز حالة الاستقرار التي انقلبت عليه وبالاً، حيث بدأت هذه الطبقة في التململ والتبرم والتذمر من حالة التدهور التي هزت كينونة وجودهم، والكساد وشح الموارد والتضييق عليهم من جراء قرارات الحكومة الميمونة الاحترازية المعلنة لمواجهة الأزمة، وكان في مقدمة ذلك تقنين الاستيراد كخطوة وقائية للحفاظ على القطع الأجنبي في مواجهة حزمة العقوبات الاقتصادية من قبل الأسرة الدولية خلال الثورة الشعبية ضد النظام ورموزه، والتي بدأت تعطي آثارها الفاعلة على النظام السوري، ومكابرة النظام في أنه القادر على إدارة دفة الأزمة والعبور إلى برالأمان، الذي لاندري ما هو مفهوم الأمان المنشود في قاموس مقردات النظام وخطابه المشوه بامتياز...؟ وفي كل يوم تلوح في الأفق تصريحات وتلميحات من قبل أعضاء تلك الحكومة على أن بعض القرارات أو بنودها قابلة للتعديل والتبديل والإضافة أوالحذف والتخفيف، بعد أن بينت الوقائع أن تلك القرارات كانت بمثابة صب الزيت على النار... وعلى عكس ما تشتهي دوائر ومراكز القرار التي سرعان ما تبادر إلى القفز فوق قراراتها والتراجع عنها لاسترضاء التجار المتضررين، ما يعطي صورة ناصعة عن آليات اتخاذ القرار التي تعاني من التكلس والجمود والانفاصال عن الواقع والتي أوصلت سوريا إلى ما هو عليه الآن.
اتخذت الحكومة مؤخراً حزم من القرارات والتعليمات وشكلت العديد من اللجان للسير في ركب الإصلاحات المنشودة والمزعومة من قبل رأس النظام ومؤسساته والتي لاتتعدى ذر الرماد في العيون والاستذكاء على السوريين، والالتفاف على المطالب المحقة للثورة السورية التي هزت أركانه، و ألزمته وضعية الباحث عن الحلول في الزمن الصعب، في الوقت الذي يتخبط فيه كالراقص على الحبال يحاول تلمس الطريق دون جدوى، ويشتد أوار الأزمة وحال لسان الحكومة في "حيص بيص"، دون خطة طريق أو رؤية واضحة وكأنها بدأت مرحلة فقدان ثقة مقومات دعمها من قبل فئة أصحاب رؤوس الأموال والتجار الداعمين لها والساكتين حيال ما يجري على الأرض، في الوقت الذي بدأت فيه ملامح الصراع والصدام الحتمي بين الطبقة الناعمة حول صناعة القرار والتي لاتبشر بما يرمي إليه ارباب العقليات الأمنية القابضين على خناق صناعة القرار، وعلى الوزرارات والمؤسسات التنفيذ وتحمل التبعات السلبية والآثار الكارثية لقراراتهم، واليوم تلوح في الأفق نية الحكومة التراجع عن بعض الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها مؤخراً والتي أصابت كافة القطاعات في مقتل.... فأي تيه وتخبط تعيش فيه الحكومة في مواجهة الأزمة التي تعصف بكيان النظام الحاكم في دمشق.... ومطالب الثورة في إسقاط النظام وعودة دولة المؤسسات وتعزيز مقومات المجتمع المدني...؟؟

(100)    هل أعجبتك المقالة (109)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي