أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في تعاطي صحافة "المقاومة" مع الثورة السورية ... الياس سعيد الياس

ما يثير الانتباه هنا ليس فقط الموقف الروسي وصحافته ومحللي الثورات العربية من قبل بعض الروس وتغيبب اراء اخرى اكثر نقدا للموقف الرسمي واعتبار ذلك الموقف من الثورات كارثيا على روسيا في المستقبل القريب وخصوصا لجهة المصالح والعلاقة مع الشعوب، بل المثير هو صحيفة "الاخبار" " اللبنانية" التي تقوم بعمل الممسحة السائرة احيانا امام وخلف الديكتاتور لتبرر جرائمه وتقدم لنا روايات ممجوجة تقطع تماما مع التراث الذي اسسه جوزيف سماحة الى مجرد صحيفة تغلف روايتها بكثير من التسطيح وكثير من الشطح والسذاجة المقصودة، فمن بين كل الصحافة الممنوعة في سوريا يقوم مراسلو او مبعوثو الأخبار بالتجول "الحر ط في سوريا ويرصدون "امارة حماة وحمص ودرعا" ويقدمون روايات غاية في الاستغباء كالقول في احد تقاريرها لحسن عليق من دمشق عن مسجد الحسن في الميدان بأن المصلون ليسوا من سكان المنطقة!!! بما يعني أن المسجد والكنيسة في زمن "المؤامرة على نظام الممانعة" صار فضيحة أن يرتاده غير ابن المنطقة.. ولماذا يتم الاشارة الى هذه السذاجة؟ لأن السيد المراسل وغيره ممن يحررون الاأخبار يريدون أن يقنعوا القارئ بشيء ما عن "الاندساس" وهذا يعني في المقلب الآخر بأن الراحل محمد حسين فضل الله حين كان يخاطب المصلون في بيروت وخطاباته بالتأكيد كانت في مصلحة فكرة المقاومة ضد الصهاينة كان يجب أن لا يرتاد مسجده الذي يخطب به سوى من هم من المنطقة اكان في بير العبد او حارة حريك.. لماذا؟ لأنه وبكل سذاجة هذا هو الاستنتاج الذي يصل اليه فطاحل المراسلين "اليساراويون" من رفاقنا في الأخبار..
وبالنسبة للرفاق ايضا في الأخبار "اللبنانية" كان يجب حجب مقال اسعد ابو خليل عن حزب البعث فقط لأن الجريدة تحترم حرية التعبير وتحترم ايضا نظرية "الممانعة " والمؤامرة .. وعليه كان للثورات العربية في تونس ومصر واليمن والبحرين وليبيا مكانة في الصحيفة فاقت قدراتها لتهلل لها وتعتبرها نهضة جديدة لحرية الشعب العربي، لكن الرفاق المناضلون، مثل البقية الباقية من بقايا النضال الانتقائي، ما أن حطت الثورة العربية في سوريا حتى ظهر لنا المعنى الحرفي للانتهازية ومرض اليسار الطفولي والشعبوية التي سار جوزيف سماحة مؤسس الأخبار على هديها التصاقا بحرية الشعوب.. قد يتذاكى علينا بن فترة واخرى السيد ابراهيم الامين، الرفيق الذي يتخذ من الشيوعية واليسار ناظمة ويقع في مطب آخر من المعيب ذكره هنا، لكن ببساطة يمكن للقارئ الذكي ان يكتشف الأمر أذا عاد إلى علاقة الشيوعي العراقي بالاحتلال الاميركي وادواته.. وكيف ارتد هذا الشيوعي الرسمي ، ولا أقصد من نقد وخرج عن مسار الحزب ضد الاميركي، ليدافع عن استحقاق مذهبي وعشائري احيانا بالضد من فكرة اليسار وفكرة التحرر والاممية، هنا وأقصد في الأخبار ما يستدعي التوقف عنده وليس فقط الى حين انجاز الشعب السوري لحريته لنكتشف كم التضليل الذي مارسته سياسة التملق وسياسة التعمية والسباحة عند شطآن الحلفاء في دمشق ظنا من هؤلاء حقا أن سقوط النظام السوري يعني سقوط فكرة المقاومة والممانعة، وهذه واحدة من مفردات كارثة العقل عند الرفاق: ليس في سوريا شعب مقاوم ومناهض للامبريالية والصهيونية سوى .. بشار ونظامه..
بالطبع هذا الأمر مضر ويكفي ان نطالب الرفاق بقراءة منطقية للاتفاقات المعقودة بين السي اي ايه وعدد كبير من الاجهزة الاستخباراتية الأوروبية مع أجهزة الأمن السورية: إتفاقيات محاربة الإرهاب.. ويكفي أن يفتح الرفاق عيونهم أكثر على وثائق ويكيليكس التي عرضوها بانتقائية في صحيفتهم ليكتشفوا كم مرة هبطت طائرات السي اي ايه في المطارات السورية الممانعة لتلقي بحملوتها "البشرية" من العرب ليتم تعذيبهم في المسالخ لمصلحة أجهزة الغرب كونه ممنوع عليها ممارسته على أراضيها.. وأقصد التعذيب بكل انواعه.. من الكرسي السوري والألماني الى الشبح والدولاب وبساط الريح وسلخ الجلد واقتلاع الاظافر.. لهم أن يسألوا الرفيق رياض الترك اذا رغبوا بنسخة سورية عما يجري.. بل ولهم أن يعودوا إلى "ماهر عرار" المهندس السوري الذي قدم من كندا على اجنحة الامبريالية الى مسالخ سجون الممانعة والمقاومة..
ما لا تنتبه إليه صحف "الممانعةوالمقاومة" في تعاطيها الاستخفافي مع ثورة السوريين وعذاباتهم في كل مظاهرة باطلاق النار المباشر عليهم واعتقال واذلال واهانة يرويها اصحابها الذين لم تجرؤ صحيفة الرفاق أن تجري مع واحد منهم لقاءا يضيء ما هو مخفي في روايتها.. ما لا تنتبه اليه صحيفة الأخبار وغيرها من صحف الرفاق والأخوة القوميين والاسلاميين ايضا وقنوات "المئاومة" هو التالي: أولا، ليس الأمر مرتبط بمدى اقتناع المراسل بما يكتبه من روايات رسمية ولا بغقناع روسيا والصين ومجتمع المقاومة في لبنان.. ليس المهم إقناع العالم برواية العصابات المسلحة والاندساس والسلفية والعرعوريين وغيرها من الروايات.. ليس هذا المهم.. المهم كيف يمكن إقناع الناس في سوريا، وخصوصا أننا لا نتحدث عن شهداء مجهولي النسب والهوية بل بشر لهم امتداداتهم وجذورهم واحبابهم، وهؤلاء في الازقة بالمدن والقرى والزواريب بأن الشبيحة مجرد وهم.. من مسجد آمنة في حلب الى المسجد العمري في درعا والحسن في الميدان.. بأن هؤلاء الشبيحة مجرد وهم في راس الشهود من سكان تلك المدن بأن القمع والقتل والضرب والاهانة هي من عصابات مسلحة.ز وأن من يعتلي السجون والمباني الحزبية والحكومية والمحاكم في دوما مثلا ليسوا سوى عصابات مسلحة.. وأن الباصات الخضراء التي يجري استخدامها من الشبيحة وقوات الاستخبارات السورية لجر من اشبعوه ضربا ليسوا سوى عصابات مسلحة سطت على الباصات الحكومية بدل البكاء على حرق "الممتلكات العامة" التي تم مشاهدتها في برزة ودوما وحمص ودرعا ودير الزور والبوكمال وجسر الشغور وحماة وريف دمشق كله واقتحام البيوت وسرقة المحلات التجارية تمت بايدي عصابات لا شبيحة يهتفون " الله سوريا وبشار وبس" بعد كل حفلة دموية..
ثانيا، كل ما يجري على الأرض السورية يحمل أكبر اساءة في التاريخ لفكر المقاومة والممانعة الاصليين: فكيف يمكن الاحتجاج على الصهاينة وافعالهم طالما أننا صرنا نسمع تردادا تافه لمبررات القتل والتدمير والتلذذ بالقتل والاعتداء على المساجد وقنص الناس والاطفال بالتعذيب والكي وسلخ الجلد؟ هل فعلا يمكن محاججة عتاة التطرف الصهيوني عن افعالهم المشينة في الضفة وغزة وقانا.؟ اشك في ان الأمر سينجح مستقبلا لسبب بسيط أن فكرة المقاومة تم الاساءة اليها بترداد ذات التعابير المبررة للفعل الشائن : نواجه مخربين وعصابات مسلحة وحثالات ورعاع ومتطرفين.. هذا ما رددته وسائل الاعلام الممانعة ووراءها المئاومة.. اي من يريد من أقطاب الممانعة والمقاومة( سياسيا واعلاميا) الاحتجاج مثلا على حرق مسجد في الضفة سوف يرفع بوجهه في الامم المتحدة ما جرى في المساجد السورية وسوف يقال وبكل بساطة " نحن نواجه مؤامرة تريد نزع الشرعية عن اسرائيل..
اختصر الأمر لأن جوهره واضحا لكل ذي عقل وضمير ليفهم بأن الرسي والحكم والمافيا تستخدم وبدون عقل يبدي اية رغبة في حماية كذبة كبيرة يمارس في الحقيقة ما هو كارثي بحق هذه الفكرة تحديدا.. لقد بدا واضحا مدى الاساءة التي لحقت بحزب الله وربما من لحظة ان طالب زعيمه الشعب السوري بالقبول الابدي برئيس كبشار الذي يامر بالقتل.. وقد اهينت ذاكرة السوريين وكرامتهم حين قارنوا بين موقفهم من المقاومة وجمهورها الذي احتضنه الشعب السوري في حرب 2006 أكثر مما احتضنته قرى ومدن لبنان.. لكنه يجري في المقابل حملة ضد اللاجئين السوريين ويجري تسليم البعض منهم والتضييق على الاخرين وحملة اعلامية شعواء تخلط بين مواقف "المنار" وضيوفها وبين المناكفة الداخلية في لبنان..
عليه أيضا وقعت وسائل اعلام ومنها الأخبار والسفير والمنار والاقصى والقدس وان بي ان في فخ نصبه النظام السوري لهؤلاء فراحوا وبكل استهبال يريدون من الشعب السوري المنتفض منه على الاقل أن ينظر الى نفسه في المرآة ويقول: أنا متآمر سلفي مندس ومدعوم من واشنطن التي لم تقل للاسد ما قالته لمبارك وبن علي وانا متآمر بتلقي مساعدات لوجستية من اميركا التي لم تستطع تسريع اصتالاتي بالنت .. شيء مضحك وشيء مخزي وشيء يسجل القليل من الاحترام للعقل والعار للضمير والشعارات والافكار.. فماذا لو فتحنا صفحة أخرى من صفحات ممارسات "المئاومة" في مساعداتها اللوجستية والفكرية للنظام الاستبدادي الفاشي في دمشق وتخوين اللبنانيين الذين خرجوا عن طور التقوقع والانعزالية نصرة للمسحوق، وهي كانت أولوية المقاومة والاعلام الثائر قبل أن يجري تدجينه وترويضه خدمة لهدف واحد لا يختلف عن هدف الشبيحة بكل المستويات: الأسد أو لا أحد..
وعليه لا يستغرب البعض منا ما يسجله التاريخ التالي لانتصار ثورة السوريين على هذه الصحافة التي سوف تجد نفسها في موقع لا تحسد عليه ومن وراءها كل الابواق وكل مماسح التبرير للقتل والاجرام وكل حملات التشهير والتخوين التي تحاول ان تقمع حتى الفكر و إرهابه عند أمثال الياس خوري على سبيل المثال لا الحصر.

(95)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي