أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

استقرار على التوتّر! .... سمير منصور

لعل افضل "انجاز" لطرفي الازمة السياسية في لبنان هو تفاهمهما على تنظيم الفراغ. انه "الاتفاق الجنتلمن". الرئيس المنتهية ولايته يغادر دون الاقدام على اي خطوة تقسيمية او غير دستورية مثل تشكيل حكومة ثانية، والاكثرية النيابية لا تقدم على انتخاب رئيس بالنصف +1 من عدد النواب، في موازاة تعهد من الطرفين عدم نقل الازمة من متاريس السياسة الى الشوارع.
واما البيان الاخير للرئيس اميل لحود قبيل مغادرته القصر الجمهوري (الساعة 24) من ليل الجمعة – السبت، فلا مفاعيل قانونية او دستورية له، فقط كان بمثابة تأكيد لموقف واحد له: الحكومة غير ميثاقية وغير دستورية، وكذلك تكليف الجيش "صلاحية حفظ الامن في جميع الاراضي اللبنانية". اذاً لا جديد. والبيان في شكل عام اكتنفه الغموض. واما اعلانه "توافر اخطار حالة الطوارىء وتحققها في جميع الاراضي اللبنانية اعتبارا من تاريخ 24 تشرين الثاني 2007" فلم يكن ليبعث على الاعجاب بمن كتب البيان، اذ لم يكن اكثر من اعلان نيات وتمنيات، وتهديد بخطوة لم يكن في استطاعة لحود الاقدام عليها دستوريا. وقد اعتبره من هم خارج المعارضة والموالاة "قنبلة صوتية"... في حين وجدت فيه الاكثرية النيابية "محاولة تحريضية مكشوفة" ولعبا على وتر المؤسسة العسكرية التي جدد الجميع ثقتهم برئيسها العماد ميشال سليمان وبحكمته.
وعلى رغم كل ما قيل ويقال وسيقال عن عهد الرئيس لحود الذي لم يكن ميمونا على الاطلاق، فان افضل ما في نهايته ان الرجل غادر الى بيته لحظة انتهاء ولايته ونصف الولاية الممددة (9 سنوات). وهذه نقطة ايجابية تسجّل له ولما تبقى من ممارسة حقيقية للنظام الديموقراطي في لبنان. ناهيك بأنه غادر دون الاقدام على خطوة ناقصة مما ازعج بعض من حضّوه او حرضوه عليها، وقد انعكس هذا الانزعاج في بعض الاعلام المحسوب عليه وعلى المعارضة. وكان من حقه ان "يفش خلقه" بخطبة الوداع والبيان الاخير. وقد استمر "متموضعاً" وراء المقاومة ودعمها حتى الرمق الاخير، وهذا موقف يسجل له. واما اعادة "التموضع" لجهة القبول بانتشار الجيش في المنطقة الحدودية بعد طول اعتراض منه وهو القائد السابق للجيش "خشية ان يحمي العدو" فأمر يترك للتاريخ ان يحكم له او عليه.
وفي خضم الازمة وبداية الاستقرار على التوتر، جاءت زيارة الرئيس فؤاد السنيورة للصرح البطريركي في بكركي "في وقتها" وفي اللحظة السياسية المناسبة. واهم ما فيها التشديد على اجراء الانتخابات الرئاسية في اسرع وقت وفي اقرب فرصة، وهي مهمة الحكومة بموجب الدستور. وكان من الطبيعي ان تقارن اوساط قريبة من الحكومة والاكثرية النيابية بين ما قاله السنيورة وما قاله القائد السابق للجيش العماد عون وما فعله خلال ترؤسه الحكومة الانتقالية نهاية عهد الرئيس امين الجميل عام 1988، اذ رفض مغادرة القصر الجمهوري على رغم انتخاب رئيس للجمهورية، الاول قضى اغتيالا وهو الرئيس رينه معوض، والثاني هو الرئيس الراحل الياس الهراوي الذي قضى نحو سنتين رئيسا خارج القصر، وذلك في رد على رافضي ائتمان الحكومة على شؤون البلاد لأسباب طائفية يؤكدها قائلوها.
ولم يكن البيان اللافت لرئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري الا محاولة لتأكيد ما قاله السنيورة، وطمأنة الجميع وتذكيرهم بأن الخطوة جاءت تطبيقا للدستور، وقد نص عليها منعا للفراغ ولتسيير شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية.
واما دعوة العماد عون الشخصيات النيابية والسياسية والنقابية المسيحية الى زيارته، وقد علق عليها احد نواب الاكثرية مازحا بأنها على طريقة "تعالوا الي وانا اريحكم"، فانها بالتأكيد ستحرج مؤيديه واصدقاءه وانصار "التيار الوطني الحر" من غير المسيحيين، ولاسيما من يفضلون ان يكونوا بجانبه في هذه اللحظات الصعبة والمصيرية التي يمر بها، وخصوصاً منهم الذين يشاركونه الحديث عن "تهميس المسيحيين" ومن يتقدمون عليه و"يمنعونه" من رفض الرئاسة!


(122)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي