أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حلم وطنِ مشرعة أوراقه لمهب الريح ... فادي عقلة

يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه
((إذا أقبلت الدنيا على أحدٍ أعارته محاسن غيره،وإذا أدبرت سلبت عنه محاسن نفسه ))
يذكرني وضعنا في سورية الحبيبة الآن وقد انتهى الحوار ،بألفاظ منمقة ، مموسقة ، بأبيات لشاعر أندلسي يقول فيها :
الحمد لله على أنني كضفدع في وسط اليم
إن هي قالت ملأت حلقها أو سكتت مات من الغم
إن المجتمع الذي يكفر بقيم الحوار مع ذاته ، وينكر على الآخرين حق الاختلاف لا يحق لهم أو له بعد ذلك أن يحاسب الغرب على نزعاته الجامحة إلى السيطرة .
وعندما يشخص إنسان بسيط مثلي –هَمْ الوطن ،وحلم وطنِ مشرعة أوراقه لمهب الريح ونيران الأخوة الأعداء ،كيف يفتح فمه ويختار ألفاظه ،كمن يمشي على حد السيف ،والفم المغلق لا يدخله الذباب ،أَما الأفواه المعبرة والناضجة بنشيج القلب المحترق فمصيرها إما الموت أو الموت ...فالحوار يبدأ داخليا ً،مونولوجاً نفسياً ،يبرز معتلجات النفس بصدق وصراحة ،وإذا كان اللسان غريباً عن القلب والعقل –كما هو في حواراتنا –وإذا كنا لانستطيع فتح قلوبنا وأفواهنا إلا عندما نتوضأ أو نمارس عاداتنا الحيوانية في القضم والشتم واللطم ،وإذا كانت مفردة الحوار هي أخوات الحرية وإذا كان الفعل حَرَ يعني الإطلاق من عقال الخوف والجبن فإن الفعل العكسي رَحّ هو التقييد والتقيم ومعناه قيَّد و((كلبج)) ما أتمناه من مؤتمرات مقبلة للحوار –إن كانت ستحدث – بأن يعترف كل من يريد الخير لامته بأننا نطرب لسماع المديح ولو كان رياء،وتشنف أذاننا صيغ المبالغات والتهويل وتعشق المجاملة ولا تعترف بالواقع الذي يفقأ العين –وأما العيوب والمثالب والعلل التي تقف حائلاً دون تطورنا فأننا نعمل على سترها وإنكارها وتركها تتفاعل في كياننا إلى أن تؤدي بنا في المهالك والمصائب والعقم والتصحر الفكري، و أن نميز بين حدود الأفعال و سطوتها،مثل مجازات الكلمات وأضدادها كلنا يحمل في نفسه ظلماً وعدواناَ كما يقول المتنبي :
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلم
وإذا كانت ((في البدء كان الكلمة )) وإذا كان الفعل ((أقرأ)) و ((قل)) بداية التنزيل الكريم فلما لا نعلي صوتنا الهامس ليصبح رعداً في آذان من لا يميزون الخبيث من الطيب من القول ،ويطلقونها راعدة أننا في أزمة .....أجل نحن في أزمةٍ لم تشهد بلاد الشام قبلها منذ قرون وقرون....
أزمة تحتاج للحكمة لا اتباع للهوى وحب الملكية الواسعة ، ملكية الأرض والناس ،البشر والحجر،الماء والهواء.
وكيف تريد أن تدعى حكيماً ...وأنت لكل ماتهوى بتبوع .وفي كل حضارات الدنيا يعتبر الظلم والتجهيل مفسدة ،وكفانا شعارات وفتاوى فالوطن للجميع والكل متساوون ،شئنا أم أبينا ،ولا وطن حر بدون أفراد أحرار ،والمواطنة الحقة تبدأ بخلع تلك القداسات والنياشين والأوسمة من بزات أبطالنا الوهمين ((في الاقتصاد والسياسية والمجتمع والأدب....)) لنضعها على صدور المحاربين الصغار اللاهثين وراء الأمن والخبز المهرولين وراء الحب والسعادة ،القابعين في مملكة الهامش،وكراسي التأزم والتوحد .
يقول ابن رشيق الأندلسي :
ومما يزهدُّني في أرض أندلسٍ أسماء معتضدٍ فيها ومعتمد
ألقاب مملكةٍ في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد
لقد أقبلت الدنيا على بعضنا فأعارته محاسن الفقراء والوطنين والغيورين على مصلحة الوطن والمواطن ،فأحسها من انجازاته ولما سلبت منه ،كانت نظرية المؤامرة والتأمر .
كما أن بائع البطيخ يقول دائما أنه حلو ،فإن المشتري العربي يحمل سكينه ليكسر قوقعة البطيخ ويكشف حلوها أو مرها ،فلنحسن الحوار والظن بشعبنا الصابر، ولا نترك لأجهزة العسس وزوار الليل ،وقاصفي الأعمار ،العبث بأحلام الوطن وآهات الثكلى،ودموع الأطفال ،ولا ندعهم يزرعوا الحقد والضغينة.
وذات مرة قرأت حديثاً للمصطفى صلى الله عليه وسلم يقول فيه :
((إن الأمير إذا تجسس على الناس أفسدهم ))
ورحم الله شاعرنا الكبير بدوي الجبل عندما عاتب فرنسا قائلا :
يا سامر الحي هل تعفيك شكوانا رق الحديد ومارقوا لسلوانا
خلِ العتاب دموعاً لا غناء بها وعاتب القوم أشلاءً ونيرانً
ولا نريد في وطننا رجل يحكم بالظلم ليشتهر بالعدل،وسلامة قلبك يا وطن .

(97)    هل أعجبتك المقالة (93)

فادي العكلة

2012-03-21

حكمة الايام في اسنباط الحقائق من خلال تداول الاخبار والانباء والاراء والمقالات ..ثم لايكون شئء.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي