أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الروس يصلون متأخرين دائماً!... راجح الخوري

يرسم شريط المواقف الروسية من التطورات التي تجتاح بعض الدول العربية صورة بلد مربك يواجه خسارة إرث من النفوذ القديم في منطقة حيوية جداً، اضافة الى عدد كبير من عقود التسلح والمصالح الاقتصادية.
واضح ان الروس يصلون دائماً متأخرين، ظهر هذا جلياً في ليبيا ويظهر الآن في سوريا، بعدما وقعوا في الحيرة حيال الثورة في تونس ثم في مصر. ليس سراً ان روسيا ورثت نفوذها وحظوتها في ليبيا وسوريا من الاتحاد السوفياتي، الذي انهار قبل عشرين عاماً تقريباً، ولهذا يصبح السؤال اكثر الحاحاً:
اذا كانت حتمية التغيير قد جرفت الاتحاد السوفياتي من قبل، فهل من المستغرب ان تجرف بعض الانظمة التي كانت تمثل مناطق نفوذ للسوفيات في وجه اميركا والغرب؟
المثير ان الذين ورثوا ثمار "البيريسترويكا" يريدون للزمن او للتغيير ان يتوقف في بعض البلدان العربية، لا لشيء إلا الحرص على بقاء الاستثمارات وعقود التسلح التي تدعم الاقتصاد الروسي المترنح بعدما ورثوا من اسلافهم الشيوعيين امبراطورية من الخردة.
وهكذا، اذا كانت موسكو التزمت المراقبة والانتظار حيال الثورتين التونسية والمصرية حيث لا تملك من المصالح الاقتصادية ما يذكر، فإنها سرعان ما انبرت لتقف الى جانب نظام القذافي، وتعارض المساعي الاوروبية لاستصدار القرار 1973 الذي أجاز التدخل العسكري لحماية المدنيين، بعدما كانت تصف الثوار بأنهم حفنة من الارهابيين والمتشددين. وكان واضحاً ان روسيا لا تخشى على دماء الليبيين بمقدار ما تخشى على عقود تسلح مع القذافي قيمتها اربعة مليارات دولار واستثمارات بمئات الملايين تنفذها الشركات الروسية في ليبيا... يوم الاحد قال وزير الخارجية الروسي إن على اعضاء الحكومة الليبية السابقة ان يشاركوا في مستقبل البلد، الذي يرتبط بعقود قيمتها مليارات الدولارات. لكن هذا الكلام جاء بعد اعتراف روسي متأخر بـ"المجلس الوطني الانتقالي" وبعدما بدا ان عملية اقتسام الكعكة النفطية الليبية قد بدأت.
يوم الاثنين اعلن المبعوث الروسي ميخائيل مارغيلوف انه سيستقبل في موسكو وفداً من المعارضة السورية، وان الوفد سيضم ممثلين عن العشائر واليسار و"الاخوان المسلمين" والاكراد. وهذا يدفع الى طرح السؤال عما اذا كانت موسكو لا تريد ان تكرر في سوريا اخطاءها في ليبيا، بمعنى انها لا تكتفي بوقوفها الى جانب نظام بشار الاسد ومعارضتها القوية اي قرار في مجلس الامن يفتح الطريق أمام تدخل خارجي، او يزيد وطأة العقوبات ضد النظام، بل انها تريد ان تقنع الاسد بحل يقوم على اصلاح متفق عليه مع المتظاهرين، وهو امر دعا اليه الكثيرون بمن فيهم ايران حليفة النظام وداعمته بقوة، ولكن لم ينجح.
لروسيا في سوريا استثمارات بـ 20 مليار دولار، الى عقود تسلح بأربعة مليارات، لكن عندما يكون البكاء في موسكو على الدولارات فقط فإن ذلك يستدعي نزع روسيا من خانة الدول الكبرى!

النهار
(129)    هل أعجبتك المقالة (102)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي