أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

محكمة ... سمير عطا الله

نادى المباشر على الشاهد أن يجلس في مقعد الشهود، فتقدم وجلس، ثم طلب إليه أن يؤدي القسم، بأن كل ما يقوله هو الحق كل الحق ولا شيء سوى الحق. وأقسم وبدأ يجيب على أسئلة الادعاء. القضية؟ ليست مهمة جدا. لكنها في أي حال مهمة لأصحابها. أو صاحبها، السيد كريستوفر ماونتجوي. إنه فرنسي جاء ليستقر ويعمل في لندن، مهنته أو حرفته تطريز المناديل النسائية. وقد استأجر ماونتجوي البخيل بوضوح والرث المنظر والثياب، منزلا صغيرا عند تقاطع شارعي مونكسويل وسيلفر. ومعه زوجته ماري وابنتهما أيضا ماري. ومن أجل دخل إضافي أجر ماونتجوي إحدى غرف المنزل لشاهدنا العزيز. لكن شاهدنا العزيز لم يكن مستأجرا موضوعيا أو محايدا. بل تدخل في أمور كثيرة ومنها إقناع الآنسة ماري ماونتجوي بالزواج من الشاب ستيفن بيلوت. إذن، ما القضية؟ القضية أن السيد ماونتجوي، تاجر المناديل المطرزة، وعد صهره العتيد بكمية من المال. ومثل جميع البخلاء رفض التسديد. لذلك كانت القضية وكان استدعاء الشاهد واستجوابه: هل شهدت السيد ماونتجوي، صاحب الغرفة التي تقيم فيها، يعد للسيد بيلوت بـ«دوطة»، أو مهر، لقاء الزواج من الآنسة ماري؟ لا يذكر الشاهد تماما أنه سمع مثل هذا الوعد. ولكن المحكمة حكمت في أي حال، للصهر المغبون بمبلغ 20 «نوبل»، وهو دون ما كان يحلم بكثير. وبعد عام كان السيد ماونتجوي لا يزال يتمنع عن الدفع. لكن المحاكمة نفسها أدت إلى كشوفات جانبية كثيرة في المنزل القائم عند زاوية سيلفر ومونكسويل ستريت. منها، مثلا، فقط على سبيل المثال، أن السيدة ماونتجوي كانت على علاقة غير شرعية مع تاجر خيطان يدعى هنري وود. وعندما شعرت بأنها حامل ذهبت تستشير في الأمر قارئ طالع يدعى سايمون فورمان.
ولكن ما دخل الشاهد بالأمر؟ لا شيء أي الأرجح لا شيء. لكن يعتقد أيضا بأنه كان على علاقة غير شرعية بالسيدة ماونتجوي. أو بالآنسة ماونتجوي التي أصبحت بفضل مساعيه السيدة بيلوت. إنما هي مجرد شبهة لا أكثر.
الشاهد، من هو الشاهد؟ كان يدعى وليم شكسبير، الذي سيعرف بأهم شخصية في الآداب الإنجليزية. والكتاب الجديد: «المستأجر: شكسبير في شارع سيلفر»، مأخوذ من نصوص محاكمة عثر عليها بالصدفة لكي تضيء على حياة رجل قال بورخيس «إنه رجال كثيرون وليس رجلا واحدا». لكننا نراه هنا أمامنا، رجلا بائسا سوف يصبح أهم ثروة في بلاد الإنجليز. ومن يقرأ مسرحيته «كل شيء حسن إذا انتهى حسنا» يعثر عليه بوضوح بين السطور. أو بالأحرى في السطور. ثرثار يتدخل في ما لا يعنيه. ويعثر على أبطاله الآخرين. وفي «بيركليس» لا بد أن يلحظ السيدة ماونتجوي وهي تطرز «أصابع، طويلة، نحيلة بيضاء كالحليب».
من شوارع لندن وأزقتها كان يصنع أبطاله. وكانت مخيلته الهائلة تعيد صياغتهم. وكان أعظم شعراء الإنجليز بائسا في حياته لدرجة أنه استدعي كشاهد في نزاع بين السيد ماونتجوي وصهره السيد بيلوت. وبقية شؤون العائلة.

(116)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي