أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فتاوى سياسية .. فارس عوض

(اليوم هناك فرز بين شرق مسلم و غرب مسيحي، يهجر فيه كل مسيحي العالم العربي إلى أوربا، و يهجر فيه كل أبناء المسلمين في أوربا إلى العالم العربي، و تبدأ حرب دينية طويلة الأمد بين المسلمين و المسحيين ينعم فيها اليهود و المؤسسات الإقتصادية بـ 100 سنة من الإستعباد للشعوب العربية و الاوربية ).
هذا الكلام صادر عن أعلى مرتبة دينية في سورية ( المفتي بدر الدين حسون) بمناسبة افطار رمضاني حضره عدد من الكهنة المسيحيين في مدينة حلب .
هل لنا أن نتفق على تفسير هذا الموقف , وهذا الكلام في الظروف الصعبة التي تمر فيها سورية بفعل أحداث داخلية , يحاول الخارج الاستثمار فيها بالداخل السوري الذي تفجر على خلفية اجتماعية داخلية والكثير من الممارسات السلطوية , وهو ما اعترف به السيد رئيس الجمهورية وعبر عن وجود فجوة بين الشعب والسلطة على كافة المستويات البنيوية السورية من السياسة إلى الاقتصاد إلى علاقات مجتمعية , غابت عنها السلطة العادلة والقانون العام و التسامح بمعناه الاجتماعي المدني .
بالطبع نحن كمسيحيين مشرقيين نختلف كثيرا مع هذا القول إلى حد الرفض المطلق, بما لنا في بلادنا العربية ما للآخرين من حقوق وواجبات ونمارس على أرضنا السورية العربية التي ولدنا فيها وترعرعنا في ربوعا وبين أبناءها وتعلمنا في مدارسها دون تمييز بين الأبناء على أساس الدين (باستثناء مادة التربية الدينية التي كان يتم الفصل فيها بين أبناء الصف الواحد وكنت أتألم كثيرا منذ أيام دراستي الإعدادية عندما كان يطلب منا أستاذ التربية الدينية آنذاك الداعية ( السيد جودت سعيد ) وتحت ظل قيادة حزب البعث العلمانية الخروج من الصف لأننا من ديانة أخرى وكان هذا في ستينات القرن الماضي , وبعد انتصار البعث في انقلابه ببضع سنوات , وإذا كان السيد المفتي يريد تحميل مسيحيي سورية والعرب أخطاء الغرب وممارسته في بلادنا فهذا شأنه الخاص , ويجب ابعاده عن إطلاق اللحى وارتداء الملابس الأفغانية وأن يدخل الدين بالسياسة ليعطي لكلامه قدسية هو بالأساس برئ منها .
السيد المفتي كل ما نرجوه منك وأمثالك ممن يدعون أنفسهم ممثلي الطوائف والمذاهب الدينية في سورية ومن كافة أطياف المجتمع السوري الديني الابتعاد عن الخطابات السياسية باسم الدين , وأن يتم القطع مع البقية الباقية من مؤيد هذا النظام أم معارض بالفتاوى باسم الدين , يدل النظام والقانون العام , وخاصة أن دورك وأمثالك مما تصفونهم بعلماء ورجال دين من كل الأديان يجب أن ينتهي من الفتاوى مع أو ضد كي لاتقعون في شرك التكذيب والتخوين والارتداد , وعليكم جميعا التوجه إلى عبادة الله في أماكن العبادة ونشر رسالة الأديان من محبة وتسامح وعيش مشترك , حيث عيال الله شركاء في ثلاث ( الماء والهواء والكلأ ) يعيشون في ظل الدولة المدنية والقانون الناظم لحياة البشر , والعلم وسرعة انتشار المعرفة والوعي المنتشر بفعل سرعة التواصل الاجتماعي .
فمواقفكم ومعارضيكم في السياسة جعلت كل مهامكم ودوركم موضع تساؤل وشك ,لأن ا لفتوى كانت في الأصل محل القانون والمفتي مكان القاضي في زمن الخلافة .
السيد المفتي من قال لك أن الغرب مسيحي في الأساس وكم مسلم انتقل من دينه ورحب به هذا الغرب, هذا من حهة ومن الناحية الثانية مايدور في البلاد العربية ومنها سورية ولبنان يمكننا من سؤالك عن الصراع المسيحي المسلم , هل صرا ع حزب الله وتيار المستقبل هو مسلم مسيحي وما يجري في سورية هل يمكن تشخيصه صراع طائفي ومن هي القوى المتواجهة فيه من وجهة نظركم ؟
كما جرت العادة تاريخيا يستخدم الحاكم المسجد والكنيسة في خدمة مصالحة والترويج لأفكاره عبر دعاة ينسبون لذاتهم القداسة والعفة واسداء الرأي الصحيح باسم الدين المعبر عن صوت الرب , ومن هنا جاءت مقولة الشعوب على دين ملوكهم , وليس ما يسمون أنفسهم رجال دين مسيحيين بأفضل حال من إخوانهم المسلمين في مدح السلطان بغية مكاسب دنيوية على حساب الآخرة بأبديتها السرمدية وجناتها العدنية , وما جرى لمسيحيي العراق هو من فعل أيادي البعض منهم بوقوفهم إلى جانب السلطان الذي لم يستطع أن يقدم لهم شيئا إلا أن يكونوا أكياس رمل بالدفاع عنه مما عرضهم الى ما وصل حالهم , فمن الواضح أن بعضا من الأقليات تعتقدة أن مصالحها بالتكاتف فيما بينها الى جانب الحاكم أيا كانت صفاته , وأريد تذكير سماحتك بأن دور المسيحيين السورين في عهد البرجوازية المدينية وقبل قيام الوحدة السورية المصرية كان أكبر بكثير مما هو عليه تحت سلطة البعث العلماني , الذي أتى علمانيا وانتهى كما تعترف سيادتك طائفيا .
أتى البعث حاملا لواء الحرية , وليت قادته فعلوا كما فعل خالد العظم عندما زار السويداء وألقيت عليه حبات البندورة ولم يقبل بمغادرة المدينة قبل إطلاق سراح الذين اعتقلتهم السلطة آنذاك .
لنعد الى كلامك في إفطار حلب عن تهجير المسيحيين المشرقيين الى بلاد الغرب وعودة مسلمي الغرب الى ديار الاسلام , الا ترى معي في كلامك مفارقة تاريخية عن الوجود المسيحي في الشرق , والمسلم في الغرب .
نحن نرى وبكل أسف أن هناك صراع داخل الدين الواحد في أسيا العربية بين مذهبين وتحاول سيادتك تصديره الى صراع بين دينين , مع العلم أني شخصيا لا إيمان لي أو قناعة بمن يمثل هذا الدين أو ذاك على الأرض , وأملي الوحيد أن يتم فصل الدين عن الدولة كي لا يبقى شعبنا وجماهيرنا تحت حكمين وبقانونين (الدين, والدولة ) , ونصبح جميعنا مواطنين تحت سقف القانون المتحرر من الايدولوجيا أيا كان مصدرها ,
ألم ينقسم مسيحيو لبنان بين مريدين لأصحاب مذهبين داخل الدين الإسلامي وماذا لو اجتمع المسيحيون مع فريق ضد آخر؟
كثيرة هي الأسئلة بخصوص موقف سماحتكم مما يجري في سورية وموقف أمثالكم المعارضين للنظام والذين يفتون عكس ما تفتون به سماحتكم وبنصوص من نفس القرآن والسنة التي تفتي بها فمن منكم على حق ؟
السيد المفتي اذا كان الذي يجري في سورية مؤامرة غربية خارجية ما تفسيرك لما يجري داخل الكيان الصهيوني , أو ما جرى في بريطانيا , هل يمكنك القول أن هناك مؤامرة تحاك ضدهم من قبل دولة أو مجموعة دول ؟
هل قال حكام تلك الدول بوجود مؤامرة تحاك ضدهم أم فقط المؤامرة في البلاد العربية ؟

(104)    هل أعجبتك المقالة (112)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي