لي صاحب قديم كان جاراً لعجوز طاعن ، يلتقي به ويحدثه عن زمن سالف ؛ أيام الانتداب الفرنسي على سوريا . العجوز يملك دكاناً صغيراً مقابل مبنى مقر سلطة الانتداب ( وزارة الداخلية ) حالياً.
الجنود وحتى الضباط يشترون منه بعض حاجاتهم . يتقن العجوز الفرنسية بامتياز تحدثاً وبدرجة أقل كتابة ، توقفت مرة أمام دكانه سيارة عسكرية ترجل منها ضابط كبير وحده وطلب علبة سجائر . ساله العجوز عن مسيو ( كانييه) أو كانيه ..المهم فقال: لم تسأل عنه فقال: لأني لم أره منذ زمن لما لم يقتنع الضابط برد العجوز ألح عليه لمعرفة سبب السؤال فأخبره بأن له عليه مبلغ من المال ولم يسدده ، كان المبلغ بسيطاً على حد قول العجوز 0 ( مو مستاهل ).. ومرت الأيام ونسي العجوز القصة حتى ذلك اليوم الذي حضر فيه إلى الدكان ضابط برتبة كولونيل وفتح حقيبة جلدية صفراء وأخرج منها مغلفاً عليه شعار الدولة الفرنسية ومظروف صغير فيه مبلغ من المال و اعتذر من العجوز باسم الحكومة الفرنسية ووزارة الدفاع وسلطة الانتداب ، كان الضابط المدين قد نقل بصورة مفاجئة إلى بلد آخر. الرسالة كانت اعتذار رسمي من الدولة الفرنسية عن هذا الفعل ( الشنيع ) الذي قام به الضابط المنقول .
ظل العجوز يحتفظ بالكتاب الرسمي سنين طويلة .. يتفاخر به إذ إنه ( العجوز) كان هدف خطاب من أعلى جهة فرنسية يعرضه على من لم يصدق حتى السبعينات إلى أن توفي العجوز وربما الكتاب أيضاً.
لأ أدري ما الذي ذكرني اليوم بهذه الحكاية الغابرة في هذا الزمن( الأغبر ) ، أوردها من دون التشويق الذي كان يتقنه العجوز .
لا أورد هذه الحكاية إعجاباً أو دعاية لجيش الانتداب( لا سمح الله ) ، وربما كان موقف جيش الانتداب هذا أصلاً بغرض الدعاية ليحكيها العجوز مشيداً بعدل جيش الانتداب وحفاظه على حقوق الناس حتى إن كانوا (غير فرنسيين) ، ونحن نعرف هدف احتلالهم لبلادنا و( ( فظائعهم ) ) لا تخفى على أحد !!!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية