أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

السَّــاســة الـقمَّـامـون: ردا على اخبار تشكيل حزب جديد... علي الأمين

في مروري الدوري على كلنا شركاء استوقفني خبر نية إنشاء أحد السوريين حزب اغتناماً لحاجة النظام لتلميع صورته أمام المحافل الدولية. لا أخفيكم أني شعرت بصدمة أحزنتني. صدمة استجلبت صورة "القمَّام" (scavenger) (1)المتربص بجثة مخلوق ميت أو على وشك الموت لينقض عليها. تسمرت عيني على الخبر و على بعض تفاصيله غير السارة.

فالقمَّام يا سادة مفردة تطلق على بعض الحيوانات و الحشرات مثل الراكون و الصرصور و دودة الأرض حسب طبيعة تغذية هذا الصنف من المخلوقات لكونها تقتات على بقايا الحيوانات أو النباتات الميتة. فعندما يقوم الضبع أو الأسد بملء معدته إثر وجبة قوامها حيوان أو إنسان، يأتي دور القمَّام في التهام ما تبقى من الفريسة حتى يأكل كل الأجزاء الطرية ويترك العظام وجبة دسمة للكلاب فتختفي الفريسة من المشهد و تختفي آثار ما اقترف الأسد أو الضبع من "جرائم" لتبدو الغابة – مسرح الجريمة جميلة مرة أخرى.

و بينما أستذكر ما أعرفه عن القمَّام، طاف شريط من الحقائق أمام عيني مثل حقيقة أن الشعب السوري ثائر الآن يطلب إسقاط نظامه الذي قام على ترسيخ مفهومه "العجيب" بالحرية والديمقراطية الذي يقضي بأن هذين المبدأين يعنيان وجوده للأبد بالرغم من أنوف الشعب مستعيناً بفوهات دباباته و بنادق مليشياته.

و في سبيل إفهام الشعب مبادئ النظام الفريدة و التي لا يمكن فهمها و لا مضغها و لا بلعها، قام النظام بزهق روح أكثر من 2000 مواطن سوري، و إخفاء أكثر من ثلاثة آلاف إنسان، واعتقال 26000 مواطن بشكل عشوائي لا يمثل كبارُ السن بينهم استثناءا، بينما يشكل الأطفال القصر رقماً لا يستهان به بينهم. ولكي يخفي آثار فعلته صار يصدر مراسيم "جمهورية – ملكية" شكلية تهدف لتكفين الحراك الشعبي المشروع تمهيدا لوأده قبل أن يجرفه إلى مصير جوقة الزومبيات صاحب اليمن و بن علي ومبارك وملك ملوك افريقيا .

ومن بين هذه الفرامانات طفا على السطح قانوني الانتخابات و تشكيل الأحزاب اللذين أثبتا أنهما لا معنى لهما الآن في ظل دماء 2000 شهيد و تخوين 23 مليون مواطن ناهيك عن اغتصاب الفقرة الثامنة للدستور وللحياة السياسية في سورية حتى أضحى وجود قانون للأحزاب أو قانون الانتخابات من عدمه واحد، ولا يشبه إقرارهما في هذا التوقيت إلا دعوة إلى وليمة صحونها فارغة و أفواه المدعوين مكممة و أيديهم مكبلة من الخلف.

وبعد افتراس النظام للمتظاهرين و خدمة لمظهره أما من سكت عنه من أعداء العلن و أصدقاء السر، و أمام من أمده بالوقت عن حسن نية وعن سوءها، احتاج إلى من ينظف آثار جرائمه بإيجاد عمال نظافة نظيفي المظهر غير الشبيحة المعروفين بل "زبالين" من نوع خاص يطلق عليهم هذه المرة ساسة و اختصاصهم، ، هو تنظبف أسنان و أظافر النظام ناهيك عن التهام أجساد الشهداء لإخفاء أثرهم المادي و المعنوي محاكين بذلك القمَّام الذي يسطو على جثث الموتى فيلتهمها ليعيش ويحيا.

في الوقت الذي يتنادى فيه أبناء الوطن للدفاع عن أنفسهم بالطرق السلمية ضد هذا النظام المفترس بعدم دفع فواتير الماء و الكهرباء وبالإحجام عن الالتحاق بالجيش، تكشِّر عن أنيابها بعض الشخصيات القمَّامة لتدوس على أحلام الخائفين و أجساد الجرحى و قد أبدت استعدادها لأن تلتهم أجساد الشهداء ظانة أنها بذلك تنال المقام المحمود و الدرجة الرفيعة.

إن أي تجاوب مع ما يطرحه هذا النظام مدان طالما انه يضفي شرعية للقاتل و يصبغ المقتول بصفة الإجرام، وتشكيل حزب في هذه الفترة الحرجة هو خيانة للسوريين وانتصار للمجرمين و إخفاء لأجساد الشهداء الطاهرة من ساحة الجريمة و كأن المتحزِّب الجديد يلتهم هذه الأجساد ليحيا.

أما آن لهؤلاء الساسة القمَّامون أن يدركوا بأنهم يلتحقون بسفينة مثقوبة و مهترئة؟

_________________________________________________________

Scavenger تعني قمَّام أو زبّال ويقصد بها الحيوان الذي يقتات على الجيف.

كلنا شركاء
(96)    هل أعجبتك المقالة (97)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي