(الفقر في الوطن غربة والمال في الغربة وطن ) ,( لو كان الفقر رجلا لقتلته ) حكم أطلقها قبل أكثر من ألف وخمسماية عام الإمام علي في مواجهة الظلم ضد الظالم باعتبار الإنسان القيمة الأساسية في المجتمع ,وعادت الماركسية وذكرت بقول مشابه في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين بكلام مطابق من حيث المعنى عندما قالت ( ليس للعمال وطن ) .
لذلك يبقى الإنسان وحريته وحياته هو الهدف في كل التحولات الاجتماعية والاقتصادية , وما الحروب إن كانت صغيرة أم كبيرة إلا من أجل خدمة الإنسان في مكان واضطهاده في مكان آخر,وما الاجتياح الأمريكي للعراق عام 2003 تحت راية بوش الأبن ووزيرة خارجيته رايس , إلا شكل من أشكال هذا الاضطهاد أو رفع الظلم عنه بالتبشير بالديمقراطية وشرق أوسط جديد من جهة , ودعوة القيادة الإيرانية ودول وقوى الممانعة التي تتحالف معه لشرق أوسط ممانع ومختلف ومتصادم مع السياسة الأمريكية , حسب تحليل الكثير من المحللين الماركسيين السابقين , والذين انقسموا تحت رايات ليبرالية من جهة وممانعة على الساحة العربية والدولية من الجهة المقابلة ,
بعد مايزيد على ثماني سنوات وفي مطلع عام 2011 بدأ الربيع العربي بالاخضرار, ومازال مستمرا في أكثر من بلد عربي , سيما بعد انتصار الشعب التونسي والمصري ,و كان البوصلة التي قادت إلى حراك اجتماعي ثوري , كان كامنا بفعل التغول الأمني القابض على رقاب الجماهير العربية , بفعل الدعم الغربي لمجمل الحكومات العربية القائمة من ملكية وجمهورية وأميرية .
إن تأييد الثورة الشعبية التي هبت على تونس ومصر وليبا واليمن من هؤلاء المثقفين كان بلا حدود , رغم ان كل الثائرين في البلدان الأربعة لم يرفعوا شعارا قوميا أو فلسطينيا واحدا , وقد أخذ هؤلاء على تلك الثورات أنها حاجة قومية ضرورية , وتأييد لخط الممانعة الذي مازال يطرح شعارات يحملها منذ نهاية حرب تشرين , رغم ان تلك الشعارات وهمومها محلية بحته .
فقط مع حكومة سورية وقف كل هؤلاء المؤيدين ضد حركة الشعب وثورته , رغم مطالبه الاصلاحية والتي لم تتعدى في المرحلة الأولى المشاركة في الحياة السياسية , وبدأت الاتهامات تطال الحراك وربطه بالخارج والمؤامرة على الصف الممانع والعمل على الفوضى الخلاقة في المنطقة العربية , وأن كل الأيادي الخارجية تدخلت ضد النظام في سورية بغية النيل من صموده وممانعته .
في الأيام الأخيرة بدأ في الكيان الصهيوني حراكا اجتماعيا احتجاجيا على مطالب تلتقي مع المطالب الشعبية العربية في السكن وغلاء أسعره واحتكاره وجاءت أكثر رفاهية في المطالبة بتخفيض سعر الجبنة التي ارتفعت مؤخرا , وهنا كان عجيب العجب في التعامل بين كل السلطات العربية مع حركات شعوبها , والكيان الغاصب مع حركة احتجاج شعبه , وفي الكثير من المظاهرات كانت الأعداد بعشرات الآلاف ويفخر بها رؤساء الكيان ومسئوليه وبدل أن يتهمونها بالتآمر والفتنة تم السماح لهل بالتعبير عما تريد واستمع زعماء الكيان للمطالب الشعبية دون اللجوء الى اعمال القتل والعنف , وبذلك يتبين وبكل أسف وحزن الفرق بين معاملة العدو المحتل لشعبه والحاكم العربي الممانع لشعبه .
هل الكيان الصهيوني حر وديمقراطي وهو يحتل أرض ويضطهد شعب آخر , بكل تأكيد لايمكن لشعب أن يضطهد شعبا آخر ان يكون حرا تلك مقولة مشهورة في التاريخ .
كم وقفت مشدوها أمام المشهدين العربي الممانع والغير ممانع من حركة الشارع والتعامل معه , ودولة الكيان والتعامل مع متظاهريها , دون توجيه الاتهامات بالخيانة والعمالة كما يفعل الحكام العرب , لذلك نعود الى عنوان المقال عن شرق أوسط ممانع أم مفتت كما يتم وصفه من قبل إعلاميي الممانعة , لنقول أن الحرية والكرامة والديمقراطية لا تتعارض مع الصمود والاستعداد لمواجهة التحديات الكبيرة , فهذا الكيان الغاصب يمارس شعبه كل أنواع الحرية والحياة السياسية ولم يتراجع أو يتأثر ورغم التغيير في القيادة السياسية للبلاد بفعل الانتخابات الديمقراطية والحرة والعمل الحزبي المستقل والقضاء الذي يستطيع محاكمة كل المسئولين بما فيهم رؤساء دولة وحكومة ووزراء .
إذا كان ما يجري في البلاد العربية وخاصة في سورية مؤامرة خارجية محبوكة بعناية فائقة ومرسومة بدقة من قبل الدوائر الغربية التي تريد النيل من صمود سورية ومحور الممانعة حسب وجهات نظر الماركسيين الأرثوذكسيين الجدد , فبماذا يفسرون ما يدور داخل الكيان الصهيوني من مظاهر احتجاج ومسيرات ضد قرارات وسلوكيات حكومتهم وهل هناك من مؤامرة؟
ألا يستحق الشعب العربي عموما والسوري خصوصا نظاما ديمقراطيا متعدد الهويات السياسية بدون وصاية أي جهة تسلطية حكومية كقانون الأحزاب ومرجعيته القانونية والسياسية ,
8\8\2011
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية