أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قليل من الجبن وكثير من الكسكسي! ..... أنيس منصور

كنت رئيساً لوفد صحفي إلى الجزائر. وقابلت الرئيس هواري بومدين. وكان رجلا لطيفا رقيقا. والناس في الجزائر لا يرونه كذلك. ونحن أيضاً نرى أن الجزائريين جادون نحاول أن نضحكهم فنفشل في كل مرة، بينما ليس أسهل من أن نضحك المغاربة.. عندهم نكت مثل التي عندنا ويحبون أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم. ووجدنا من الصعب أن نقول نكتة لأي جزائري.
وفي كثير من الأحيان عندما نحاول أن نداعب جزائرياً نقول له: سوف أحكي لك نكتة يضحك لها المصريون والمغاربة والتوانسة ولا يضحك لها الليبيون..
ونقول النكتة بعد هذه المقدمة المغربية المشجعة. فلا يضحك!
وظهرت أنا في التلفزيون أقول: كانت مفاجأة أن وجدت الرئيس هواري بومدين يضحك للنكتة المصرية..
ولم أكد أفرغ من هذه العبارة حتى دق جرس التليفون وسمعت مسؤولا كبيرا يقول لي: إن الذي قلته معناه أن الرئيس يضحك والشعب مهموم حزين. لا بد من أن تصحح هذه الغلطة الفظيعة!
ولا مجال للمناقشة والأخذ والرد. وبعد دقائق ظهرت على الشاشة أقول: ولأن الرئيس بومدين تعلم في مصر فقد جاملنا نحن المصريين فكان يداعبنا ويضحك رغم همومه الكثيرة.. إنه كرم الضيافة.
وفي اللقاء سألني الرئيس بومدين إن كانت لنا شكوى أو أن شيئاً ينقصنا فتشجع الزملاء وقالوا له: إننا لا نجد الجبنة البيضاء ونجد الكثير جداً من الكسكسي صباحاً ومساء..
فهمس في التليفون. وبعد لحظات جاء من يهمس في أذنه: إن الجبن يأتي من القصر الجمهوري، أما الكسكسي في الإفطار والغداء والعشاء. فالطاهي ينفذ تعليمات رئيس الوفد!
وكان ذلك مقلباً مني لكل الزملاء..
وفي اليوم التالي ظهرت الجبنة البيضاء في الوجبات الثلاث.. وعندما طالبوا بالكسكسي قال الطاهي: لا بد من موافقة القصر الجمهوري..
واعتذرنا، فليس من اللائق أن يكون الهزار المصري على هذا المستوى الرفيع بينما كل شيء حولنا جاد صارم!

(131)    هل أعجبتك المقالة (136)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي