أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لكي يَصلـُح قانون الأحزاب الجديد* ... سمير الشيشكلي

أول ما يتبادر للأذهان عند مطالعة قانون التعددية الحزبية تـَعارضُه الصارخ مع الدستور القائم. إذ كيف يستقيم أن يكون حزب البعث هو القائد للمجتمع والدولة وأن نطلب إلى المجتمع السياسي في الوقت نفسه أن ينتظم في أحزاب متعددة دون أن يكون هناك مساس بالمادة الثامنة وغيرها من مواد الدستور؟ الحل الذي تفتقت عنه عبقرية النظام هو "إمكانية" إلغاء المادة الثامنة بل وتغيير الدستور نفسه ككل. سبحان الله! نعدل أو نغير الدستور الذي هو قانون البلاد الأساسي ليتفق مع قانون نضعه. لا عجب، فقد عودنا الحكم في سورية أن يكون أول المستخفين بالدستور والتشريع وبحقوق السوريين وحرياتهم الأساسية.
ولكن حتى وإن عُدّل الدستور أو ألغي، هل تستقيم التعددية إذا تضمن تطبيقها الإبقاء على الحزب الذي ألغى التعددية بل وقمعها بالإرهاب والقهر طوال ثمان وأربعين سنة؟ أعتقد أن الشرط الأول لصلاح أي قانون جديد للتعددية الحزبية هو أن يُستبعد في تطبيقه أعداء التعددية وأن يُعزلوا عن المجتمع السياسي السوري الديمقراطي الجديد المنشود، ولو إلى حين، بنص قانوني صريح.
ومع ذلك، فإن توفر نص قانوني صريح بذلك لا يكفل التنفيذ. لقد أبطلوا قانون الطوارئ ثم قتلوا ألفين من السوريين واعتقلوا وعذبوا، ولا يزالون، عشرات الآلاف. في سورية، لن يتم تنفيذ أي قانون ديمقراطي مهما كان مثالياً إذا لم تــُرفع يد الأجهزة الأمنية عن عنق المجتمع السوري. وهذا لا يتحقق إلا بالتغيير الكامل.
المهمة المطروحة اليوم ليست في ترقيع أو تجميل نظام قمعي آيل إلى السقوط لا محالة، بل في أن نبدأ من جديد في بناء الدولة السورية: الدستور الجديد المنشود لابدّ أن يكفل جميع الحقوق والحريات المنصوص عليها في صكوك الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في التعددية الحزبية وتداول السلطة، ولابدّ أن ينصّ على اجتثاث حزب البعث من الحياة السياسية السورية، ولابدّ أن يقدم ضمانات حقيقية تمنع بل وتـُجرّم تسلط الأجهزة، بأي اسم كان ولأي سبب كان، على الدولة والمجتمع.
وهل يمكن أن يتحقق أي من ذلك إلا بالسقوط الكامل للنظام؟
هذه هي القناعة الجديدة التي توصل إليها السوريون في ثورتهم!
نعم، من حقي أن أحلم بكل ذلك التغيير، ولكني، كما تقول الأغنية، لست وحدي اليوم. أليس هذا هو حلم الآلاف المؤلفة من السوريين الذين تتردد أصداء صيحتهم في سهول سورية وجبالها: "الشعب يريد إسقاط النظام". هؤلاء هم الذين يصنعون التغيير.


* كاتب سوري مقيم في نيويورك.

(104)    هل أعجبتك المقالة (111)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي