أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

أمل حياتي: أكون مثل هذه الشجرة! .... أنيس منصور


تمنيت كثيراً أشياء كثيرة.. ففي يوليو من أربعين عاماً كنت في بغداد. حرارة الجو كانت شديدة. ولا أعرف كيف يتحملها الناس ويقاومونها.. ولما ذهبت الى النجف وكربلاء وجدت البيوت كهوفاً رطبة. وفي هذا الجو القاتل وجدت جاموسة تحت شجرة.. طلبت من السائق أن يقف لأرى معجزة الخلق.. جاموسة نائمة في حر شديد. كيف؟ التقطت لها صورة. واحتفظت بالصورة فحلم حياتي أن أكون نائماً كالجاموسة أو كأي كائن آخر!
وفي يوم كنت من خمسين عاماً في ولاية كيرلا الهندية. أتجول في الغابات.. عندما رأيت شجرة خضراء يانعة ولها زهور وعليها طيور وقرود.. كأنها تطرح طيوراً وحيوانات أخرى والأمطار تغسلها فتلمع راسخة متينة حية منتعشة، وتمنيت لو كنت هذه الشجرة في جمالها وحيويتها ولا قراءة ولا كتابة ولا هم ولا غم. وتطلعت إلى السماء وقلت: شجرة عليها ثمار ولها ظلال وفي الظلال تعيش سعيدة كل الطيور والقرود والزواحف. أن أكون شجرة يا رب.
ولم أكن أعرف أن الأديب الألماني ايشندورف مؤلف رواية «حائر بائر» قد تمنى في شبابه أن يكون شجرة لها أفرع كالأحضان ليسمع ما يقوله العشاق!
ولا كنت قرأت ما نسب الى الخليفة أبي بكر رضي الله عنه أنه قال عندما رأى عصفوراً في ظل شجرة. قال: طوبى لك يا طير. تأكل من الشجر وتستظل بالشجر وتطير إلى غير حساب، يا ليت أبا بكر مثلك.
يا ليت. ولكن كيف؟!

(134)    هل أعجبتك المقالة (138)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي