مندسون , سلفيون , مخربون , بلطجيون , وأخيرا عصابات , هي مجموعة كلمات وتوصيفات أطلقتها الحكومات التي تعرضت لتحركات جماهيرية هزتها بالعمق , منها من سقط ورحل ومنها مازال يقاوم الحراك الجماهيري باستخدام العمل العسكري المباشر في مواجهات دامية , ما زالت تتصاعد وتواجه بصدور عارية في دول , وفي أخرى بالسلاح والمواجهة العسكرية , من خلال تصدعات داخل المؤسسة العسكرية .
وغالبا ما يصبح الحراك الجماهيري مطية يحاول الانتهازيون امتطائه من أجل أجنده انتهازية ومصالح شخصية لا أساس لها في الحراك وأسبابه , وتسعى مجموعات داخلية أو خارجية لتجبيره وحرفه عن أهدافه لمصالح انانية ضيقة تحت يافطات وتسميات تستغلها السلطة لمصلحتها في محاولة تطويع أي تحرك ودفنه .
إن التجارب التي عايشنا جزءا لابأس به في التداخل بين نضال الشعب وحركته ومشروعه وقيادة الداخل واستغلاله ومحاولة قيادته من الخارج وركوب الموجه قد بائت بالفشل , وخير دليل على ذلك عودة المقاومة الفلسطينية الى الضفة وغزة والصراع الذي دار بين قيادة الداخل والخارج على مراكز النفوذ والذي فازت به مجموعات الداخل , وهذا ما جرى في حراك مصر عندما حاول القرضاوي بخطبته في ساحة التحرير أن يسرق نضال المصريين فكانت النتيجة طرده من ميدان التحرير , رغم تلاوته آيات دينية من القرآن والخطاب الإسلامي مما اضطره العودة الى قطر خالي الوفاض .
هذا يدفعني الى القول بأن لاخوف على الحراك في سورية من محاولة استغلاله من الخارج تحت أي تسمية كانت , فدماء السوريين ليست للبيع أو المقايضة من أحد على حساب أحد , فالشعب الأعزل والعفوي هو من دفع الضريبة وهو من ضحى واستشهد , وهو سيحصد نتاج نضاله بفعل وعيه وإدراكه لواقعه ومحيطه و لمن يحاول سرقة جهده.
مهما تعددت أوجه الاستغلال ومحاولة السيطرة على هذا الحراك الدامي والذي تعمد بدماء السوريين والسوريات , لايمكن الا أن تظهره الصورة كحقيقة واضحة وغير مشوشة أو مموهة , فلن يقبل شعبنا بعد اليوم أن يهدي دمه وحياة أبناءه الا لمن يكون جديرا بثقته عبر انتخابات حرة ونزيهة وشفافة ويبقى تحت رقابته في المحاسبة والمسائلة .
فالتفريخ الذي بدأ بالضهور تحت يافطات معارضة بتسميات مختلفة والتي سنشهد منها المزيد في كل ليلة ونهار وساعة وأخرى , ما هي الا محاولة لسرقة جهد الحراك , وخاصة من أولائك الذين كانوا في صف السلطة محاولين دائما خطب ودها ورضاها , وما حدث يوم الأحد في الثالث من تموز في فندق السمراميس خير شاهد على دور السلطة في التفريخ , بما حاولت إيهام الشعب به في خيار الخط الثالث , الذي تبناه أعضاء مجلس شعب ومسؤلون سابقون كان لهم دورا في ترسيخ هذه السلطة عبر دورهم في وظائفهم , فالشعب أنصدم منذ اللحظة الأولى في مشاهدتهم على شاشات التلفزيون وفقد ثقته بهم عندما اعتدوا على بعضهم بالأيدي بسبب تضارب المصالح والأهداف .
لتعود الى التسميات التي أطلقت على الحراك الجماهيري في سورية وتطوره للوصول الى تجمع فندق السمراميس تحت عنوان الخط الثالث لتؤكد السلطة بذاتها زيف الاتهامات التي وجهتها الى الحراك السلمي , في محاولة يائسة للاستيلاء عليه والهروب من الإصلاح الذي وعدت به تحت حجج لاحقة مع أي معارضة سنتحدث ونحن بحاجة لتوحيدها مع العلم المسبق والأكيد في استحالة التوحيد لأن حصتها التي صنعتها لن تخدم الا مصالحها وبالتالي تكون النتيجة لاحوار ولا من محاور , وتبقى الأمور تحت عنوان الاستشاره والعودة الى المصلحة في تثبيت أركان ما هو قائم
دمشق 16\7\2011
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية