تحتاج فكرة العمل المباشر إلى بعض التوضيح . في كل مرة يضع فيها شخص ما قرميدة أو طوبة عبر نافذة ما أو ينظم مظاهرة احتجاجية صغيرة سيوجد هناك حتما شخص آخر يصف هذا بالعمل المباشر .
يدور العمل المباشر عن تفويض الناس , عن التوقف عن الاعتماد على الآخرين لنقوم نحن بإدارة حياتنا . عوضا عن مناشدة السادة أو انتخاب السياسيين "الأفضل" ليقرروا لنا , إنه يعني قيام الناس العاديين بالاجتماع معا لينجزوا التغيير عبر جهودهم الخاصة .
في الممارسة يمكن أن يعني هذا استخدام "من العمل إلى الحكم" work-to-rules , اللجوء إلى الإضرابات و احتلال المصانع لكسب التحسينات في الحياة عوضا عن الثقة في لجنة شؤون العمل أو محكمة العمل . أما في الأحياء فإنه قد يعني تنظيم امتناع جماهيري عن دفع الضريبة المضافة عوضا عن الأمل السلبي بأن يقوم أعضاء المجالس المحلية بالتصويت أخيرا لإلغاء هذه الضرائب المزدوجة .
النقطة هنا أن هذا الفعل يتم ليس عبر "وسطاء" أو "ممثلين" لا نملك أية سيطرة عليهم , بل مباشرة من قبل الأشخاص المتأثرين بهذه القرارات . إنه فعل يراد منه أن ينجح لا أن يكسب الشعبية فقط .
إنه رفض لفكرة أن الناس العاديين عاجزون , و لذلك عليهم أن يتركوا القرارات الهامة لغيرهم . إنه يعني أن معظم التحسينات في حياتنا لا تعطى على سبيل العمل الخيري من الأعلى من السادة و الحكام الموصوفين بالكرم , بل يجب النضال في سبيلها . هكذا حصلنا على معظم ما نملكه به اليوم , من 8 ساعات عمل حتى العطل المدفوعة .
بالإضافة إلى كونها الطريقة الأكثر فعالية في الاحتفاظ بما نملكه اليوم و أن نكسب حتى بعض المزيد , فإن العمل المباشر هو أيضا تحضيرا لأشياء أعظم . إن الأناركية لن تصبح واقعا بواسطة أفعال أية أقلية صغيرة أو نخبة .
إذا أردنا أن نبني مجتمعا اشتراكيا حرا يقوم على الديمقراطية القاعدية في مكان العمل و مجالس البلديات , فإن كثيرا من الأشخاص يجب أن يشتركوا في هذا . على الناس أن يؤمنوا بأنهم معا قادرون , إن لم يكن على الإطاحة بالنظام الحالي , فعلى الأقل ببناء و صون مجتمع أفضل بكثير .
عبر الانخراط في العمل المباشر فإننا نتعلم بالتجربة أنه لا توجد حاجة لنترك الأمور ل"الخبراء" أو السياسيين المحترفين . إننا نتعلم كيف ننظم نضالنا , أن نبني نظامنا الخاص , نتعلم أننا بحاجة لنرتبط بالآخرين . فبرغم كل شيء ليس هناك معنى في أن تقوم مع حيك بمقاطعة دفع الضريبة المضاعفة إذا كان الناس في المناطق الأخرى لم يسمعوا بهذه الحملة و استمروا بدفعها .
إن أفكار التضامن و المساعدة المتبادلة تصبح حقيقية . لا يوجد هناك أي شرط مسبق للأناركية أكثر أهمية من ثقة الطبقة العاملة بنفسها . إذا لم يشعر معظم الناس أنهم قادرون على حكم المجتمع بأنفسهم فإن هذه المهمة سيتولاها أي حزب أو مجموعة تستطيع أن تدفعنا للاعتقاد بأنهم "محترفون" و "خبراء" و بالتالي علينا أن نضع ثقتنا فيهم .
عندما يقتصر الأمر على هذا فإننا على الطريق نحو تغيير حكامنا و لكن ليس النظام الذي نعيش تحته . سيبقى هناك تقسيم البشر إلى حكام و محكومين . و سيبقى الحكام دائما منصرفين إلى تحقيق مصالحهم و ليست مصالح المجتمع ككل . هذا يحدث في كل مرة يتم فيها وضع الثقة في أقلية لحكم المجتمع بعد كل صعود ثوري .
بقلم : ألان ماك سيميون
نقلا عن //struggle.ws/wsm/anarchism.html
العمل المباشر DIRECT ACTION - ترجمة : مازن كم الماز
بقلم : ألان ماك سيميون
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية