http://samirshishakli.blogspot.com/2011/07/blog-post.html
لماذا ترفض المعارضة السورية الحوار؟
تقول جميع أطياف المعارضة اليوم وبصوت واحد لا حوار مع استمرار الحل الأمني. أما ما نقصده عندما نقول بوجوب التراجع عن الحل الأمني فهو ما يلي:
- إنهاء حصار المدن والبلدات والقرى السورية وسحب الجيش منها؛
- سحب قوى الأمن الأخرى، بما في ذلك المخابرات العسكرية والمدنية المختلفة، وإعادتها إلى مراكزها؛
- إطلاق سراح المعتقلين وسجناء الرأي والموقوفين على خلفية الأحداث والمظاهرات دون استثناء (نحو 15,000 معتقل جديد إلى جانب الآلاف من المعتقلين الأقدم)؛
- السماح بالتظاهر الحر الآمن للجماهير، دون خوف من قناصة وشبيحة ومخابرات؛
- البدء بتحقيقات شفافة ذات مصداقية في عمليات قتل نحو 1,900 سوري في أقل من أربعة أشهر وإحالة الجناة والمسؤولين على القضاء؛
- السماح بالمراقبين الأجانب والصحافة الأجنبية في دخول البلاد والإبلاغ الحر.
على أنه ينبغي أن يكون مفهوماً أن هذه النقاط ليست سقف مطالبنا. فالسقف بعد 1,900 شهيد ارتفع إلى ما لا نهاية له. بيد أن التراجع عن الحل الأمني، إن تحقق، سيشكل مؤشراً على أن النظام قد بدأ يفهم الأزمة وأن توازن القوى فيه بات يميل إلى إعطاء نوع من المصداقية للدعوة للحوار.
هل سنذهب للحوار إن تحقق هذا كله؟ يبدو لي أن التطورات الأخيرة تجعل هذا السؤال افتراضياً أكثر من أي شي آخر. فالسؤال الذي يتعين اليوم على أي معارض يفكر بالذهاب إلى الحوار مع النظام أن يجيب عليه هو التالي: هل أعطانا النظام أي مؤشر على صدق دعوته للحوار؟ لقد بات واضحاً حتى للبصير أن النظام اليوم يتعامل مع الأزمة على محورين: من جهة تمثيلياتُ الحوار التي بدأها الأحد رسمياً في "صحارى" في اجتماع يعقده تحت عنوان رنان هو "اللقاء التشاوري للحوار الوطني الشامل"، حشد فيه أنصاره وأبواقه بالدرجة الآولى وقاطعته تنسيقيات القوى التي تمثل الشارع السوري في ثورته، بل وغابت عنه المعارضة التقليدية الجدية بأحزابها ورموزها ومثقفيها، ولعلنا لا نجافي الواقع إذا توقعنا من تمثيلية "صحارى" محـْلاً وقحـْطاً وجفافاً. ومن جهة أخرى استمرارٌ في الحل الأمني بل وتكثيفه وتصعيده على نحو ما تشهده مدننا وبلداتنا وقرانا اليوم.
إن الذي يدعو للحوار، إن كان صادقاً في لسانه، لا تقترف يداه جريمة اقتلاع حنجرة منشد الثورة ابراهيم قاشوش. كان القائد البروسي كلاوزفيتس يقول إن "الحرب هي استمرارٌ للدبلوماسية بطرق أخرى". أما هذه الجريمة الأبشع التي رافقت دعوة النظام للحوار، فهي التي أثبتت للجميع برمزيتها المفرطة أن النظام إنما يعطي كلاوزفيتس قراءة سورية جديدة مرعبةً: اقتلاع الحنجرة المعارِضة هو الحوار وإن بشكل آخر.
لابدّ لأي معارض يفكر اليوم أو غداً بالذهاب إلى الحوار مع النظام أن يواجه الآلاف المؤلفة من الثوار السِلميين في الشارع السوري الرحيب وأن يصم أذنه عن هديرهم: "الشعب يريد إسقاط النظام". ولا بدّ له من أن يردّ على تساؤلات يطرحها عليه نحو 1,900 شهيد.
المطلوب لم يعد تغيير "سلوك" النظام بل تغيير "بنية" الحكم بأكملها في سورية، ولا يمكن ذلك إلا بإسقاط النظام برمته. وهذه هي المسألة الوحيدة التي يجب أن تـُطرح اليوم.
لهذا بالذات فإن الثورة السورية ترفض الحوار.
* كاتب سوري مقيم في نيويورك.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية