أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مشايخ الشام: \"حب الدنيا وكراهية الموت\" ... الفريدو مولينا


لعل فضيلة الشيخ البوطي نسي في خضم حماسته الدعوية وسيل الأحاديث الشريفة التي أغرق بها مستمعيه الحديث التالي: عن أبي عبد السلام ، عن ثوبان ، قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
" يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها " ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : " بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن " ، فقال قائل : يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: " حب الدنيا ، وكراهية الموت ".


ولا أدري لماذا أتذكر هذا الحديث دائما عندما أضطر لسماع أو رؤية الشيخ البوطي، حيث يمتلئ تاريخه بالنفاق والتزلف للسلطة، ولعل أهم مراحله كانت نعيه لـ"فقيد الأمة" باسل الأسد ورؤيته له في جنان النعيم ولم يكن آخرها حديثه الأخير إلى ما يسمى خطباء وعلماء المساجد في عظة تحض على الخنوع والاستكانة في أحاديث معظمها ضعيف إن لم يكن موضوعا أصلا، فمن المعروف أن الأحاديث التي ورد فيها لفظ السلطان هي احاديث موضوعة لكون العرب لم يكونوا يستخدمون هذه الكلمة للدلالة على الحاكم في ذلك الزمان، وإنما خرج هذا المصطلح بعد دخول الفرس والترك في جسم الأمة وجلبوا معهم تقاليدهم وأعرافهم وأحكامهم السلطانية والتي أصبحت أحد مؤلفات الفقه فيما بعد.


تحدث البوطي إلى الأصنام الماثلة أمامه لحضهم على مواصلة عبادة الحاكم بكل ما تحمله الكلمة من معنى، واعترف في لحظة خارجة عن الزمان بأنه جبان والاعتراف سيد الأدلة، ومع يقيننا بأنه لم يضف شيئا بهذا الاعتراف فالكل يعلم جبنه ومهانته غير أن هذا الاعتراف زاد من نشوة الوزير الذي كان يجلس بجانبه متململا ساعة وفاركا يديه ببعضهما ساعة اخرى عله يفوز بأحد الميكروفونات للادلاء باعترافاته هو الآخر. " و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك فاسمع و أطع "، هكذا ادعى البوطي أن ذلك قول رسول الله، ولم اتخيل أن الرسول الذي كان رمزا للتحرر من العبودية ورمزا للتواضع مع من حوله يمكن أن ينطق بهذا الكلام حتى ولو اتفق الرواة جميعا، ولو كان هذا قوله فكيف يقول عمر للناس يوم توليه الخلافة: "فإن اعوججت فقوموني"؟ هل نفهم نحن اليوم قول الرسول أكثر مما فعل عمر الذي عاش معه أياما وأياما؟ أم أن هذه الأقوال والأحاديث خرجت بعد وفاة الرسول لتثبيت الحكام والحض على الخنوع؟ لن نستغرب أبدا أن يضع أي "عالم" حديثا على لسان الرسول، فهذا شأن هؤلاء "العلماء" في كل زمان ومكان إلا من رحم الله، كانوا ولا يزالون أدوات الحاكم أو الرئيس او السلطان او الملك وغيرها من التسميات للسيطرة على البلاد والعباد. يدعي البوطي مثلا أنه يطبق أحاديث الرسول في الخضوع للحاكم حتى لو كان ظالما او مجنونا بينما لم يفهم أبو حنيفة على سبيل المثال تلك الأحاديث عندما رفض ولاية أبي جعفر المنصور فضرب وعذب لأجل ذلك.


إن البوطي وأمثاله وأقرانه يجرون الناس معهم إلى الذل والمهانة التي اعتادوها واستلذوا بها وتنعموا من خيراتها، إنه "حب الدنيا وكراهية الموت"، يشتم الخطباء الدنيا وملذاتها على المنابر حاضين الناس على العزلة والخنوع والاستكانة بينما يتاجرون هم بأفراح وأتراح الناس ويسيرون تجارتهم ويعيشون في أحسن البيوت ويملكون المحال التجارية والسيارات الفارهة. فقد مشايخ الشام كرامتهم وإنسانيتهم منذ زمن بعيد، وإلا فكيف يمكن تفسير هذا البرود واللامبالاة أمام الدماء التي تسيل في شوارع المدن السورية بينما يخرجون هم على الناس بأحاديث الطاعة والخضوع؟ إن طفلا كحمزة الخطيب أجل وأرفع واعلى هامة من كل هؤلاء الأقزام الذين استمرؤوا النفاق والذل وتمرغوا في أحضانهما.

هذا الطفل الذي قرر أن يقول "لا" عندما خضع الآخرون فكان جزاؤه التمثيل بجسده البريء على أيدي من يدعونا البوطي والباري والبزم وغيرهم إلى طاعتهم والقبول بفتات موائدهم.
ولسنا نظلم مشايخ الشام في شيء، فالتاريخ مليء بالامثلة على خضوعهم وخستهم، ومن أراد الاستزادة فليقرأ عن حصار تيمورلنك لدمشق وموقف المشايخ {وإلى جانبهم التجار بطبيعة الحال} من ذلك، أو فليرجع إلى الحقبة العثمانية ويقرأ عن هؤلاء العلماء ومكايدهم وتنافسهم على الزعامات والمشيخات وفتوى إعدام شهداء 6 أيار. إن التاريخ يكرر نفسه، فالبوطي بإعلانه وحضه على الخضوع للحاكم "حتى ولو فعل بك الأفاعيل" يبيح دم أولئك المطالبين بالحرية والكرامة وهو ما فعله بدر الدين الحسني عندما أفتى بإعدام شهداء 6 أيار بحجة "الإفساد في الأرض".


سيأتي يوم على هؤلاء يداس عليهم بالأقدام وسيتمنون يومها لو يعود الزمان بهم إلى منابرهم ليقفوا في وجه الظلم والطغيان وينضموا إلى صفوف الناس، فالحاكم يأتي ويروح ولكن الشعب باق إلى الأبد وقرر اليوم ان يرسم مستقبله بيده لا بفتاوى المشايخ ولا بالمراسيم الجمهورية او المكرمات الملكية.
في النهاية وحتى لا نتهم بالتعميم، نستثني هنا الشيخ كريم راجح الذي قرر عدم القبول بما يجري وكذلك معاذ الخطيب الذي كان ولا يزال يعاني ويدفع ثمن مواقفه الشريفة وغيرهما قليل جدا.


(105)    هل أعجبتك المقالة (123)

رمح الشعب السوري

2011-06-25

(حذف لمخالفته قواعد التعليق).


جرثومه حمصيه ذكر

2011-06-26

هل هذا ما اوصا به الرسول الاعظم يا شيخنا البوطي يا ورثة الانبياء.


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي