أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لم يفت الوقت بعد ... فارس عوض

انقضى العقد الخامس على وجودنا على هذه البسيطة , والرابع على تذكرنا لما كان يجري حولنا بين الطفولة والشباب , ومر علينا أسماء الكثير من الرؤساء في دول العالم , والقليل من الحكام العرب مابين جمهورية وملكية وحتى قيادة أحزاب , ولدت في الربع الأول من القرن العشرين بمسميات مختلفة بين إسلامية وقومية وشيوعية .
يمكننا فهم النظام الملكي الوراثي وقوانينه وأنظمته بعاداته وتقاليده , وقواعد انتقال السلطة بتراتبية لها خصوصيتها في كل مملكة من الممالك , ويمكننا أيضا استيعاب الحركات الإسلامية على قواعد الحكم في الإسلام ودور الخليفة والانغلاق الذي أصاب الفكر الإسلامي أمام قبول الآخر المختلف.
أما الذي استعصى على الفهم , الأحزاب التي أتت بأفكارها وبرامجها من النهضة الغربية وعلى شاكلة القومية الأوربية , بعد الحرب العالمية الأولى , وبعد رياح التغيير التي كان لها فعل السحر في بلدانها وعلى المتنورين الذين عاشوا أو قرأو التجارب الغربية بشقيها الرأسمالي والاشتراكي .
فقط حالتان أو ثلاثة كانت منارة ومميزة في كل هذا التاريخ حيث تخلى مسؤلون كبار عن مواقعهم القيادية سياسية كانت أم دينية وفيما عدا ذلك كان إما الموت لما يسمى رجال دين أو قائد في عالم السياسة إن كان رئيس دولة أو قائد تنظيم محلي فقط عام 1958 تخلى الرئيس شكري القوتلي عن الحكم لصالح عبد الناصر .
وكان القائد الذي يستحق كل احترام وتقدير الدكتور جورج حبش الذي تنحى عن القيادة من أجل إفساح المجال للآخرين من أجل ممارس أدوارهم في القيادة وليرسي مبادئ جديدة في الحياة الداخلية في الجبهة الشعبية لتجرير فلسطين وليفسح بالطموح لكل قادر أن يصل إلى المراكز الأولى في الجبهة ,
ومن يحق علينا تقديره في هذه المناسبة البطريرك صفير , رغم التباين معه في الموقف السياسي, الا أنه كان رجلا عاقلا في الحياة الكهنوتية وترك المجال لغيره قي الوقت المناسب وكما نرجوا من خلفه أن يحذو حذوه في السنوات القادمة, وفيما عدا هؤلاء الثلاثة وما عدا لبنان برؤسائه , لم يبق رئيس أو زعيم عربي يمكن العودة اليه واستشارته والاستفادة من خبرته لأنهم إما في السجون أو القبور .
مقدمة لابد منها للحديث عما يدور في عالمنا العربي منذ مطلع العام , وبعد إبعاد رئيسين عربيين عن مركزيهما واثنين يقودان حربا أهلية لايعلم الا الله متى يمكن أن تنتهي لأن الأعمار بيد الله كما يقال .
الثورتان اللتان قامتا وانتهتا في إبعاد الرئيسين عن السلطة في تونس ومصر , ولم تستقرا حتى اليوم , ولا تزالا في حراك مجهول المصير والنتائج , بين تفاعلات الحاضر وتركات الماضي الثقيل من غياب الحراك السياسي .
لم يحمل المتظاهرون أي شعارات وطنية أو قومية بقدر ما كانت الشعارات تعبيرا عن حاجة المواطن واهتماماته بحياته الخاصة من حرية رأي وتعبير وتوفير مستوى أفضل من العيش الكريم .
وكما أن الشعوب العربية تعلمت من ثورتي مصر وتونس , وتحركت لنيل حريتها بعيدا عن الشعارات القومية والوطنية , لأن تلك الشعارات محسومة بمدئيتها بالنسبة للمواطن العربي الذي لم ولن يساوم على قضاياه المبدئية الكبرى .
كذلك يتعلم الحكام الذين يعانون من أوضاع داخلية متحركة مما يجري من محاكمات لزملائهم في الدول التي بدأ التغيير فيها أن الخيارات بالنسبة للقادة الكبار هي من الصعوبة بالوصول الى نهاية غير إما الموت أو السجن .
ومن هنا يمكننا القول ان المحاكمات التي تجري بحق الرئيسين مبارك وزين العابدين هي محقة مبدئيا ولا غبار عليها بالمفهوم الثوري وهي محاكمات عادلة على مستوى الحياة والممارسات الداخلية ولم تحمل أي مسائلة عن القضايا الوطنية , التي لم يزل البعض يعتبرها أساسية في الحراك والمواجهة .
ولابد من تذكير الأخوة المنتفضين في كل من تونس ومصر , أن هناك شعوب عربية تريد الوصول الى الحرية والعدالة الاجتماعية لذلك عليهم اعادة النظر بما يقومون به من محاكمات لرؤسائهم السابقين ويتركوا هامش من الأمل لرؤساء آخرين أن يفكروا ان تنحوا أن تنتظرهم حياة حرة كريمة بعد مصادرة ما نهبوه من شعوبهم وأن يتم وضع معايير لاسترداد ما تم نهبه واستمرار هؤلاء المقالين بحياة كما يطلب بها الشعب اليوم .
فكل المحاكمات التي تتم ليس فيها أي اتهام حول الدور الوطني لهذه الرئاسة أو تلك فكل الأسئلة تدور حول المسائل الاجتماعية والاقتصادية والحرية والكرامة الانسانية .
وعلى ذلك يمكننا اقتراح ان يتم وضع كل رئيس تمت تنحيته بمكان امن وهادئ وتأمين كل وسائل الحياة الحرة الكريمة له ولعائلته , وترك باقي أفراد الأسرة يعيشون كباقي أفراد الشعب بعد ترك شيء لهم يمكنهم من ممارسة حياتهم العادية وذلك يجعل الرؤساء يفكرون بالتخلي عن السلطة بنهاية سعيدة كباقي رؤساء العالم , وأن لا ندفعهم الى القتال حتى آخر قطرة دم ليس فقط في حياتهم بل بكل المحيطين بهم والمستفيدين من وجودهم بالسلطة .
رفقا أيها الأحرار العرب في مصر وتونس بباقي مكونات الشعب العربي الذي يسعى الى حياة حرة كريمة وتبادل سلمي وسلس للسلطة في البلاد العربية ونرسي قانون عادل يحفظ حقوق الشعب والقائد المتنحي .
دمشق 2262011

(86)    هل أعجبتك المقالة (86)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي