أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فتش عن المخابرات خلف "فبركات" لمياء شكور والسحاقية أمينة عبدالله

على مواقع الإنترنت يتم تداول تقارير مؤثرة، لكن الحذر مطلوب بشدة فيما يتعلق بالأخبار القادمة من سورية نظرا لحملة التعتيم التي تقوم بها الحكومة السورية على الأخبار الواردة من هناك حاليا.
 
وفي الوقت الذي تتحرك فيه الدبابات السورية على الطرق الزراعية ويهرب المئات من معارضي النظام إلى تركيا، تنشر الصحف في جميع أنحاء العالم على صفحاتها الأولى قصة امرأة سحاقية من دمشق لها مدونة
على شبكة الإنترنت.
 
إن قصة أمينة عبد الله عراف العمري هي نموذج للكيفية التي تتلاشى بها الحدود الآن بين الحقيقة والفضاء الافتراضي في غرف التواصل الاجتماعي .
 
فبرغم التقارير التي نقلتها وسائل الإعلام الجادة في جميع أنحاء العالم عما قيل بشأن إلقاء القبض عليها يوم الاثنين الماضي - وهي بالمناسبة امرأة لم يلتق معها أي صحفي غربي من قبل - وبرغم أنه ليس هناك أدنى شك في أن سلطة الدولة تتعامل مع معارضي النظام في سورية بصورة وحشية خالية من أي ضمير، فإنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن شخصية المرأة التي يعلن عنها في مدونتها الإلكترونية بأنها "أجاي جيرل أوف دامسكوس" (سحاقية من دمشق) موجودة بالفعل.
 
فهناك أولا الحقائق الشحيحة التي تقول: في وسط الربيع العربي كون شخص ما مدونة تتحدث بضمير الأنا عن حياة امرأة مسلمة تمارس السحاق. وذكرت المرأة المزعومة أنها تحمل الجنسيتين الأمريكية والسورية وتعيش في دمشق، وتتفاعل مع غيرها من معارضي النظام لتأييد التحول الديمقراطي في سورية.
 
يوم الاثنين الماضي ظهرت على المدونة رسالة من "ابنة عم" المدونة المزعومة، تقول فيها إن أمينة اختطفت على يد ثلاثة رجال مسلحين أثناء توجهها إلى لقاء مع النشطاء الآخرين.
 
إلا أنه ليس بهذه البساطة يمكن التوصل إلى شخص يعرف أمينة، فقد قال أحد أعضاء منظمات حقوق الإنسان في سورية "لم أعلم بهذه الحالة إلا من وسائل الإعلام ، وأنا لا أعرفها ، كلا لا أعرف هذه السيدة شخصيا".
 
واعتذر هذا الشخص هاتفيا عن الضعف الذي بدا على صوته المنهك، قائلا: "أنا مرهق لأنني لم أخرج من السجن إلا قبل ثلاثة أيام".
 
كذلك يتحسس العاملون في السفارة الأمريكية في دمشق طريقهم في الظلام للتوصل إلى حقائق عن هذه المرأة ، حيث يقول متحدث باسم السفارة: "لم يتقدم لنا أحد على الإطلاق ليخبرنا عن اختفاء سيدة بهذا الاسم. كما أن البحث في قوائم الأمريكيين المقيمين في سورية لم يوصل إلى شيء، وتبحث السلطات الأمريكية في واشنطن حاليا عن حقيقة وجود هذه السيدة."
 
اتخذت الحالة منحى أكثر غرابة ، حيث ظهرت امرأة على شاشة قناة (بي بي سي) البريطانية مساء أمس الأربعاء تحمل اسم جيلينا ليسيك ، وقالت هذه الشابة إنها في لندن، وتشكو بمرارة من أخذ بعض وسائل الإعلام الخاصة صورا نشرتها على صفحات موقع "الفيسبوك" للتواصل الاجتماعي، مبينة أن من بين تلك الصور صورة لأمينة عراف المدونة المختفية.
 
في هذه الأثناء علق مسئول حقوق الإنسان بالحكومة الألمانية ماركوس لوننج على هذه الواقعة ، حيث كتب يقول "يبدو أن المدونة السورية المعروفة أمينة عبد الله اختطفت على يد جهاز الأمن السوري في دمشق". وقال متحدث باسمه أن مكتب المسئول الألماني علم بالواقعة من منظمات غير حكومية، إلا أن أحدا لم ير داعيا للشك في هذه المعلومات نظرا لأن القصة لا تبعد عن نمطية الوقائع التي تحصل يوميا في سورية.
 
أما النشطاء السوريون الذين ينشرون على موقع "الفيسبوك" الإلكتروني أفلام فيديو عن العنف الذي تمارسه السلطات وعن الدبابات التي تتحرك في طرق سورية وعن المظاهرات المحتشدة المنادية "الله أكبر" ، فلم يرد فيها شيء مطلقا عن موضوع "أمينة".
 
وهكذا يبقى العديد من الأسئلة بلا إجابة: فمن الذي كتب المدونة: سحاقية سورية من دمشق ، أم معارضة سورية في الولايات المتحدة ، أم ربما أحد رجال المخابرات السورية؟ وكيف تسنى "لابنة عم" المدونة التي تكتب بانجليزية رصينة ومتقنة أن تنشر أخبارا عنها في المدونة الخاصة بأمينة.
 
ومن بين الأسئلة التي تبقى بلا إجابة: من هي تلك المرأة التي ظهرت هذا الأسبوع في لقاء على الهواء مباشرة مع قناة فرانس 24 الفرنسية مدعية أنها السفيرة السورية في باريس معلنة استقالتها احتجاجا على سياسة العنف التي تتبعها الحكومة في سورية، ثم تقوم السفيرة الحقيقية بعد ذلك بقليل بفضح تلك المرأة وإعلان أنها كاذبة.
 
المؤكد فقط هو : حتى في زمن مواقع التواصل الاجتماعي مثل "تويتر وفيسبوك ويوتيوب" فإن المبدأ القديم ما يزال هو السائد: "في الحرب تكون الحقيقة أول ضحية".

DPA - كلنا شركاء
(174)    هل أعجبتك المقالة (162)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي