أنا خجل منك ياجدي أحمد الصياصنة، فمنذ اللحظة التي شاهدتك فيها مكسوراً على شاشة التلفزيون السوري، وهم يجرعونك المهانة ويذيقونك الذل، ويلقنونك مايريدون أن ينطبق به لسانك، وأنا في حالة ذهول من هؤلاء القساة اللا آدميين، الذين كانوا يعيشون بيننا ويتقاسمون معنا الهواء، ويمزحون ويضحكون، وقد يتحدثون في الثقافة والفكر والتاريخ، من دون أن ننتبه لحجم الاجرام والعنف والسادية الذين يخفونهم داخل بذلاتهم الأنيقة، وخلف ابتساماتهم المجاملة..
أنا خجل منك ياجدي، واعذرني لكوني فرضت نفسي ابناً أو حفيداً على عائلتك بدون استئذانك، فالشرف يُتمسح به، والكرامة يُلتجأ إليها.. أنا خجل منك ياجدي، فمنذ اللحظة التي رأيتك فيها تتألم وترتبك وأنت تجهد لكي تحتفظ ببقية عزة نفس، فيما يتلذذ جلادك علاء الدين الأيوبي ويتفنن محاولاً سلبك إياها، ووجهك لايغيب عن عيني، ولايختفي من رأسي، وأنا أكتم دمعة قهر لا أملك غيرها لأتعاطف بها معك، واشد بها أزرك..
أإلى هذا الحد وصلت البهيمية بهم وهم يعتدون على شيبتك ويمرغون شيخوحتك بوحلهم، أتستحق كل كراسي السلطة في العالم وخزائن أموالها إذلال رجل بحجمك قدراً وعمراً ياجدي..
شاهدت الدماء الغالية تجري في شوارع سورية، وأبكتني صور الرؤوس المتفجرة في درعا، وفجعني مشهد السفلة الذين داسو على كرامات وأجساد الناس في البيضا، ولكن وجهك على شاشة التلفزيون السوري كان الأقسى والأبلغ في فضحه حالة الحيونه التي تعيش فيها بلدي سورية اليوم.. كيف يستطيع هؤلاء المجرمون ارتكاب كل هذه المجازر والاذلال والاهانات ثم يعودون إلى بيوتهم وكأن شيئاً لم يكن، وكأنهم قضوا يوماً عادياً؟ كيف يستطيع من يدعوا الحياد ويتشدقوا بالحفاظ على الوطن أن يبقوا صامتين وهم ينظرون إلى وجه جدي الشيخ الضرير أحمد الصياصنة، فيما ينوّع جلاده علاء الدين الأيوبي في أشكال ابتساماته؟ وأي وطن هذا الذي لايحافظ عليه إلاّ بقتل أبنائه وإذلال شيوخه؟
أنا خجل منك ياجدي، سيمر وقت طويل قبل أن تغيب صورتك الحزينة من أمام عيني، ولا أظنها تغيب، وأتمنى أن يأتي يوم أرجوه قريباً أستطيع فيه أن أذهب فيه إلى بيتك، وانحني مقبلاً يدك اعتذاراً عن إذلالك وإهانتك، فمثلك من ينحنى له، وأنت وحدك من تُقبل يده..
رسالة متأخرة إلى جدي الشيخ أحمد الصياصنة... حكم البابا

زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية