أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

المعجزة السورية تتحقق على يد دوروثي بارفاز ... محمد جمول

مبروك للشعب السوري اعتراف خصومه وأعدائه بحياة ديمقراطية لا ينعم بها الأمريكيون أو البريطانيون. فما نُسب للصحافية الإيرانية بعد خروجها من إيران الذي تلا تسفيرها من دمشق يؤكد ما لا يريد أعداء سوريا الاعتراف به، بل يؤكدون عكسه إذ يروون حكايات يشيب لها الولدان عن المعاناة التي يعيشها كل من يدخل أحد فروع الأمن السوري.


وهنا أنا لست في صدد تأكيد أو نفي الممارسات السيئة لفروع الأمن، وإن كنت أعرف أن أي جهاز أمني في العالم الثالث لا يستضيف ضيوفه في فنادق من فئة النجوم الخمس، ولا يأتي بهم للتحاور معهم أو لتركهم يجرون مقابلات مع بقية النزلاء، وخصوصا حين يكون الضيف أجنبيا وصحفيا متهما بالتجسس.
لكن يبدو أن سوريا تغيرت جذريا حسب رغبة البعض وبالشكل الذي يخدم غاياتهم المحددة، لكن بطريقة غبية لا ترى أبعد من النقطة التي تريد إثباتها مؤقتا. وهنا في حالة الصحفية دوروثي بارفاز المقصود أن هناك ممارسات وحشية داخل المعتقل الذي استضافها.


فهل تريد بارفاز أن نتخلى عن عقولنا ونصدق كل ما تقوله من دون التشكيك أو التساؤل عن معقولية ما تقوله لمجرد أنها تحمل الجنسية الكندية والأمريكية. وبالتالي هي تنتمي لعالم متحضر لا يجوز لأمثالنا من المتخلفين التشكيك بما يأتي عنه.
إذا كانت أجهزة الأمن السورية لم تتغير جذريا خلال الأيام القليلة الماضي، وإذا كانت سوريا لم تصبح واحدة من الدول الاسكندينافية خلا شهر أو شهرين، سيكون من الصعب التصديق أن الصحفية دوروثي بارفاز تمكنت من إجراء مقابلات مع المعتقلين والمعتقلات داخل المعتقل في بلد يقال إن العصافير فيه لا تستطيع إخفاء أفكارها عن رجال الأمن.

ومع ذلك تتمكن بارفاز من إجراء مقابلات مع فتيات معتقلات ومعرفة كل شيء عن ظروف وأسباب اعتقالهن وظروفهن العائلية. وحتى الآن يمكن اعتبار هذا الكلام مقبولا إذ ربما تكون وُضعت مع هؤلاء النسوة في غرفة واحدة لضرورات لا نعرفها. ولكن ما يصعب فهمه هو قولها:" ما شهدته رجل يتعرض للضرب ويداه مكتفتان خلفه على مدى ثلاثة ايام، وسمعت ما يمكن أن اصفه "ضربا وحشيا" ومن صوته بدا انه من اواخر سني المراهقة وكان يبكي ويغمى عليه ويتعرض للضرب لساعات ولم افهم لماذا". فهل كانت في فندق فخم تديره المخابرات السورية ويستضيف صحفيين محترمين أم في معتقل يعرف أكثر الناس سذاجة وبساطة أنه من الضروري عدم ترك صحفية أجنبية متهمة بالتجسس تتحرك فيه بمثل هذه الحرية بين معتقلين قيد التحقيق يفترض أن لا يحتكّوا بالآخرين في الأيام الأولى على الأقل لضرورات التحقيق.


إنها أسئلة في منتهى البراءة. والقصد منها معرفة إن كان الأمن السوري صار ديمقراطيا إلى هذه الدرجة ويستقبل ضيوفه في فنادق فاخرة ويتركهم يتحاورون ويتناقشون ويتبادلون الأفكار خلال فترة التحقيق في مثل هذه الفترة الصعبة من حياة سوريا، أم أن من يأتونا من الغرب يفترضون أن من الوقاحة أن نتساءل عن أي شيء يقولونه. فكل ما يقولونه يجب أن يُصدق لأنه صادر عن "الفرنجي" الذي لا يكذب ولا يخطئ أبدا ولا يحمل أي نية سيئة؟ والسؤال الآخر هو: هل تشعر صحفية الجزيرة أن عليها أن تستغل أية فرصة، ولو داخل معتقل سوري، لمتابعة أكاذيب قناة الجزيرة وفبركاتها لصنع ثورة على مقاس ومزاج العم سام، كما حدث في ليبيا؟


أسئلة أسعى للإجابة عنها لأني سأظل مصرا على أحترام عقلي ولا أريد ا لتخلي عنه لصالح الآخرين ولو كانوا من المخابرات السورية أو في البيت الأبيض والإليزيه وقصر بكنغهام.

(96)    هل أعجبتك المقالة (96)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي