مهداة لعمار ديوب , جلال نوفل و ملك الشنواني , و لكل من ضرب أو أهين في ساحة عرنوس
لا ريب أن الفلسفة التي تسترشد بها أجهزة الأمن في "مواجهة" السوريين العاديين هي فلسفة تعود إلى العصور الوسطى , عندما كان الناس مجرد أشياء تستطيع هذه الأجهزة , أو أسلافها ( انتبه جدا جدا هنا لكلمة سلف , هناك "سلف صالح" لهذه الأجهزة أيضا : الحجاج و غيره من الحراس ) أن تفعل بهم ما يحلو لها , الحقيقة الأخرى فيما يتعلق بأجهزة الأمن هي أن تعاملها و موقفها من "المواطن" يكاد يتطابق مع من يسمون بالسلفيين أو الأصوليين أو التكفيريين , أي أنها تعامل هذا المواطن من منطق الفرض و الإكراه , منطق سلبه حريته و ربما حياته عند "اللزوم" , كلاهما يعاملان هذا الإنسان العادي بمنطق أو لغة العصا أو الرصاص , هذه الأجهزة أيضا تكفر المجتمع على طريقتها , تكفر حريته أو حتى أي حراك مستقل داخله , هناك في كلتا الحالتين : التكفيري الجهادي و الآخر الأمني , سلطة عليا مطلقة , فوق الإنسان , فوق المجتمع و فوق البشر , حرة تماما في فعل ما يحلو لها و هذه الحرية في القمع و القتل تنسبها هي لنفسها دون الحاجة لرأي الناس أنفسهم الذين يكونون في هذه الحالة مجرد ضحايا فقط , هناك إذن مقدسان في الحقيقة يتنازعان السيطرة على البشر , على المجتمع , مقدس السلطة و مقدس الأصوليين , كلاهما تكفيري تجاه المجتمع , تجاه البشر العاديين , فهما لا يعترفان بالإنسان العادي , بالناس العاديين , إلا و هم في وضعية التبعية الكاملة , أو الاستسلام المطلق في حقيقة الأمر لإرادتهما , كلاهما يستبيح هذا الإنسان العادي و يستبيح المجتمع دون أن يكون هناك حدود لهذه الاستباحة , نقطة رئيسية في الحراك الحالي في الشارع بالمقابل تمثلت في التركيز على الحد من هذه الاستباحة غير المشروطة للسوريين العاديين , تذكروا أن أول هتاف ردده الناس في الشارع كان "الشعب السوري ما يبنذل" , سؤال برسم النظام , هل يمكن إجراء أي إصلاح , بل الحديث عن الإصلاح بأي شكل أو أي طريقة , من دون "إصلاح" أجهزة الأمن , إذا كان من المطلوب مشاركة السوريين الفعالة في شؤون حياتهم فهل يمكن حتى الحديث عن أية مشاركة و أجهزة الأمن مطلقة الأيدي في فعل ما يحلو لها ضد هؤلاء السوريين العاديين ؟
أليس من نافل القول هنا أن نؤكد أن هذه السلطة المطلقة بالكامل لأجهزة الأمن تتعارض , إن لم تتناقض , مع أية مشاركة جدية للسوريين في إدارة شؤون حياتهم , فعندما تقرر المخابرات كل شيء عن أي مشاركة للبشر العاديين في إدارة شؤون حياتهم يمكن أن يدور الكلام ؟ بل ربما , كما يجري اليوم في حمص و درعا , أي بشر يمكن أن يوجدوا حتى أو أن يعيشوا , في ظل هذه السلطة المطلقة لأجهزة الأمن ؟
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية