أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

يائسة من الدنيا ... هادي عباس حسين


أنا باقية وأنت اليوم أو غدا سترحلين إلى دنياك الثانية ملبية نداء ربك الأعلى ,بعد أصابتك بهذا المرض الشنيع انه داء السرطان وفي أي مكان في الدماغ ,الذي كسر محطما كل غرورك وكبريائك الذي عيشك في مقام بقيت تتوهمين به طوال معرفتي بك ,لكنك أيقنت أن كل شيء لن يدوم ,وأنت بحاجة لي أنا ابسط إنسانة في الكون خادمتك الوفية .,رغم كل ما فعلتيه مع كل من يعمل تحت أمرك لكن أكثرهم رفعوا أيديهم إلى السماء داعين لك بالشفاء المستعصي وأما تكون موتتك سريعة لترتاحي من العذاب الذي تشعرين به ,أن مرضك لم يبقى سرا أبدا بل علم به الداني والبعيد عنك ,وحتى زوجك الذي دفعتيه أن يهاجر مبتعدا عنك إلى بلاد الغربة بعد نشوب خلاف بسيط بينكما كان من الممكن أن يحل لكن تعنتك وإصرارك كانت نتيجته الافتراق والهجران ,لماذا كل هذه القسوة داخل قلبك ,بللت شفتي بلعابي وقلت
_لماذا الستائر مخيمة على الشباك ..؟دعي ضوء النهار يعقم كل الأشياء ..؟
لم ترفض ويدوي صوتها كالسابق بل رايتها مستسلمة محدقة في وجهي أصابها شيء ما ,انه العجز الكلي حتى حاولت النطق بصعوبة بكلمات متقطعة
_سا....مح...يني...
عرفت قصدها من نظراتها التي استقر مداها عند وجهي فابتسمت لها قائلة
_لا عليك مني ...ستقومين بالسلامة إنشاء الله ..
هذا ما ظلت الاعتقاد به أنها ستشفى بعد أن أكدوا أشهر الأطباء خبرة واختصاص بأنها راحلة اليوم غدا وان ما يقولوه سوى أمنيات تطلق على امرأة يائسة ,لهجتي العادية والبسيطة والخالية من صفات المدام السيدة الأميرة الابرنسيسة,أنها أكدت لها بان الخطوة الأولى باتجاه سلم الموت ,وما عليها ألا الرضوخ للأمر الواقع والأيمان بكل جزئياته وما السبيل سوى الاعتراف بما سيكون ,كل من في القصر قد غادره وحصل على حريته وتخلص من قيود هذه المرأة العنيدة والجبارة في وقت واحد ,انه كان بمثابة سجن كبير مفاتيح أبوابه بيديها وباللحظة أراها ممددة على الفراش كارهة نفسها وحتى أي نور يدخل مارا عليها لئلا يكشف كل خفاياها ,أو يطهر كل خلايا جسدها ويبعد العفونة عنها فهي لم تغتسل طوال الأسبوع المنصرم وحتى منتصف الأسبوع الذي نحن بين أيامه الأخيرة ,لم أنسى أخر صيحة صرختها في وجهي قائلة
_ماذا تفعلين طوال اليوم وهذا التراب متراكم فوق أشياء القصر ...
ماذا افعل والجو كان منذ ليلته الفائتة محملا بالتراب وعاصفته صارت معلومة للكل ,سكوتي هو طابعي الوحيد حتى لا تحدث مشكلة وحتى لا اترك المنزل أتحمل كل شيء منها ,فقد عاهدت زوجها الدكتور عامر بان لا أغادر البيت بتاتا ومهما جرى ,وقد عرفها حادة الطبع متقلبة المزاج ,وان بقائي اعتبره مجازفة ومغامرة مجهولة النتائج ,استغفر الله اليوم شعرت بنشوة الانتصار على كلامها لما فتحت الستائر جميعها مخالفة رأيها القاطع والذي باتت أهميته معدومة ,وصفة الحيرة والريبة منتشرة على تقاطيع وجهها ففتحت فمها بصوت خافت
_أين كل الذين يعملون في القصر ..؟
_(.....)(....)
لا جواب عندي بل عرفت أنا الوحيدة معها ,متحملة كل شذوذها الفكري ,بالصبر والإرادة ,بقت صامتة لحظات وقالت لي
_أذا أنا على أبواب الافتراق ...
اخفت دمعاتها عني مستديرة وجهها إلى الحائط ,واليأس بدا ينخل قواها العقلية ,فهي نادمة بان لا أحدا يقول لها
_أوامرك مطاعة ...
اقتربت لها ومن جهتها قائلة
_أمريني يا أميرة ,أن كانت لك ذنوبا استغفري ربك ...وان عليك حقوقا أديها قبل فوات الأوان ..
قاطعتني بسرعة ناسية نفسها وما تعانيه قائلة
_ما زال الدم سار في عروقي ....
_أن لا اقصد شيئا ...
تابعت كلامها بلغة شديدة
_قصدتي أم لم تقصدي ...
نوبات السعال انتابتها مثل الليلة الماضية,وبدأت في هيذان تام
_أنا الأقوى ...
حاولت النهوض لكنها لم تستطيع فالتعب واضح عليها ,وان وهن الجسد سيطر عليها ,أنها فهمتني بالخطاء وأنا عاذرة إياها ,عادت بالكلام
_لماذا لم يأتي الدكتور نزار ..
أجبتها على الفور
_سيأتي قبل الظهيرة ..
لم يعجبها كلامي بل لن ترضى على تصرفات دكتور نزار التي كانت تطلق عليه صفة الأرعن ..غضبها لم يفارق عينها وسرت بداخلها شعورا مبهما لذا تحركت بحركات عشوائية وغير لائقة وغير متزنة ,حتى دفعتني بالتخفيف عنها
_ارتاحي أيتها الأميرة ...
لم يعجبها حديثي فقالت على الفور
_أنا جدا مرتاحة ..واليوم اذهبي فأنت في إجازة ..
كظمت الأمر حتى لا اراى نهايتها المؤلمة ,ولم اعترض ما بدى منها وقررت أن أبيت ليلتي هذه في بيت الخدم الذي احتل الزاوية اليسرى من القصر ,لن تكتفي بهذا القول بل أضافت
_خذي أجرتك لمدة ثلاث شهور ..اعتبريها مكافئة نهاية خدمة ...اهتمي بنفسك ..
الحقيقة أعطتني من المال الكثير وفرحتني للمرة الأولى ,لذا اختليت بنفسي عند غروب نفس اليوم ونمت في دار الخدم بعد عناء طويل استيقظت عند الصباح على أصوات العصافير المتجمعة على اكبر الأشجار ,هرعت مسرعة متأملة وبشوق لرؤيتها تلك المرأة الحديدية لكني وجدتها متسمرة عند الحائط قرب الشباك المطل على الحديقة وأسراب من النمل خارجا من فمها ومن أذانها ,صرخت بأعلى صوتي
_أنها ميتة ...
كانت عيناها مفتوحتان ويداها ممدودتان وشفتاها يابستان وعلى عينها ثبات أزلي تقول قولها
_أني ميتة ولكن موتي أفضل من موته الباقين ...........


قصة قصيرة ( الفرصة الضائعة )
اليوم نمت مبكرا ولم أجد إي قصة أدور بين ثناياها حتى ابقي وقتا اكبر,أذا مقاومتي انتهت واستسلمت عيني وروحي إلى الإبحار في عالم اجهله تماما عند يقظتي,عدة مرات دق جرس الباب ولم انهض عندما كنت يقظا,شعرت بالتعب ينهك قواي ويقودني إلى خمول جسدي كامل,رغم ازدياد الضربات على الباب وانأ نصف نائم لا أتحرك من مكاني بل دسست راسي في وسادتي الزرقاء,هذا اللون لم يكن من اختياري بل من اختارته إنسانه عزيزة على قلبي,طوال الليلة الشتوية الممطرة قد استفقت على قطرات الماء تدق على زجاجة النافذة القريبة من راسي, وصدى صوت الرعد يوقظى لحظة وأعود بعدها غارقا ومستكملا نومي,كل أحداث الليلة الماضية تطن في إذني وجعلتني ابقي ساعة زيادة عن الموعد المقرر لنهوضي لان الساعة المحددة أعلنت من قبلي,السادسة صباحا بل السابعة حركت نفسي عن سريري متخطى بقدم متعبة أصابها الخدر,وكل شيئا بدى ينبض في دواخلي,أصوات العصافير والبلابل المتجمعة عند الشجرة الكبيرة,رمقتها بنظرة طويلة واتكأت على الحائط وأخذت افتح رجلي مساعدا إياها بالمسافة تشعرني بالراحة,السماء فوق راسي باقية ملبده بالغيوم المبعثرة فيها,كانت بيضاء مستسلمة أن ترحل مع أول نسمة هواء تسري لكن الصمت المطبق قد خيم في إرجاء البيت لم اصدق أن الذي يهمس في أذني شيطانا مريدا يريد أن يقودني إلى الرذيلة التي أجزمت يوم أمس أن لا أمارسها بتاتا,وان انسي ما سمعته من مديحه بان المجال مفتوح حينما يخرج زوجها أبو سعد متجها إلى عمله ستبقى وحيدة الدار الذي يجاورني,أصابني شيئا من الرعب والخوف,لا أريد أن اذهب إلى دار جاري أبدا,لكن ما فعله الشيطان يوسوس لي ويدفعني بل يقودني كالضرير إلى مبتغاة لا افعل أبشع الذنوب,وحينما تكتمل الرذيلة أجده يمزح ويستهزئ بي قائلا لي
_ أنت الذي ذهبت ... وفعلت جريمتك ... لا شان لي في أمرك ...
فأدور هاربا من جانبها كالمعتوه,وأحس بفشل يملؤني لكن ما أراه إمامي يشدني للعودة إلى ارتكاب الذنب ثانية وثالثة و ... حتى اقفز من فراشي مذعورا قائلا لها
_ حان وقت عودة زوجك ...
_ أجبتها بالحنان والشوق
_ بعد ساعة ... وقت عودته ...
أجبتها بصوت متعب
_ آبا غائب ليس لديه وقت محدود لعله يأتي وقت ما يشاء ...
عند نهاية الساعة المتبقية بقليل أعود إلى البيت محملا بذنوب كثيرة,آه مطر الليلة الماضية بلل كل الأرض التي تصلني إلى الباب الرئيسي,ورائحة الفواحة تملي الإرجاء,مضى على الوقت الذي تركته في مسا معي اليوم الماضي حينما قالت لي
_ صباح الغد ... أنا في انتصارك ...
حاولت أن أعود إلى فراشي متعذرا باني مريض جدا,قلت مع نفسي
_ انك مريض وعليك الاستراحة ...
أكدت هذا الكلام بصوت خارجا من فمي
_ نعم ... أنا اشعر بتعب ينهش قواي ...
الشمس بدأت ترسل خيوطها الواهنة لتدخل من الفضاء الواسع إلى داخل البيت وبالأخص عن أشيائي المثبتة عند راسي,رفعت بصري بصعوبة,وانتبهت إن الريح بدأت تحرك ستائرها,وانأ باحثا في دواخلي عن منفذ للهروب من عملي اليومي الذي أقوم به مع تلك العاهرة,الناقصة هي من تشجعني أن أكون معها كالتائه والجائع والظامئ إلى عطش يملؤني يكبر يوم بعد يوم فاضعف لأكون ثاني رجل تحتضنه بعد زوجها,أنها قوية عتيدة مهما قاومتها أجد أنها تكورني تحت إبطها,كانت مربوعة الشكل,طويلة القامة,عريضة الشفتين,لها نهدان بارزان,وشعر طويل يبهر الناظر أليه, مفاتنها وكل ما تملكه من مثيرات للنفس تمارسها معي,لذا ما علي ألا أن أكون اضعف ما يكون أمانها,لحظات صمت تمر كأنني أحصي بها ذنوبي التي افعلها صبيحة كل يوم أن كان نائما أو صاحيا,أنها لم تمل ولن ترتاح ولو لصباح واحد,نظرت لحظات إلى مرآة الدولاب الخشبي الذي بقى ذكرى من زوجتي التي فارقتني منذ سنين,ماذا أرى,,؟ إني أراها بكل تقاطيع جسدها,تتمايل وتتراقص وبين فينة وأخرى تقرص لي بشفتيها الغليظتين,استدرت متعوذا من الشيطان وجهي إلى الجهة الثانية وجدتها خرجت من المرأة ثانية وصارت أمامي انتابتني سعادة لم اعرف مصدرها في نهاية المطاف وجدت نفسي امشي بخطوات مجهولة الاتجاه,وعيني تتغير نظراتها متنقلة بين الأشياء الموجودة في الغرفة, استقرت روحي أخيرا أن أجد روحي مستجيبة ة إلى ابتسامتها وهي تضمني بقوة قائلة لي
_ لو تأخرت قليلا ... لكنت أنا النائمة جوارك وفي بيتك وعلى فراش من لم تنساها ألا وأنت تكون معي ...
مر الوقت وأعلن منتصف النهار,وحقيقة شعرت بالذنوب تطوقني من كل جانب,أحاول الهروب لكن إلى أين أنها نهاية حكايتي أن اسمع صوت أبا سعد في البيت قائلا
_ هيا ... احضري لي الغذاء ...
لم يصبها خوف ما بل فتحت باب الغرفة المطل على الحديقة الخلفية وقالت لي
_ هيا اخرج ...
شعرت بأنني سجينا أطلق سراحه,بلبلا اخلي سبيله من قفصه الذي مل من سماع صوته وتغريده,سمعتها لملمت فستانها وشددت أزراره وقالت
_ الغذاء جاهز ... ادخل إلى الحمام وبعد خروجك تجد كل شي كما تريد ...
وانأ اقفز الحائط الذي ربطنا وجدت ضحكتها الشيطانية تملا إذاني حتى سقطت في دار المجاور لبيتها انه دارى ... بعد أن اغتنمت فرصتي الضائعة ...


(107)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي