تحقق أخيرا حلم الشعب الفلسطينى فى المصالحة بين حركتي فتح وحماس من خلال التوقيع على الورقة المصرية فى القاهرة, ويعتبر هذا الاتفاق خطوة أولى بالاتجاه الصحيح لإنهاء انقسام السنين السوداء بين ابناء الجلدة الواحدة, ونأمل ان يكون بمثابة انطلاقه لواقع فلسطيني جديد, يؤسس لمرحلة جديدة برؤية وطنية قائمة على التفاهم والبناء, والعمل المشترك لانجاز المشروع الوطني0 لقد تمت هذه المصالحة نتيجة لوجود القناعة لدى كافة الأطراف بضرورة إنهاء الانقسام, والتوصل لرؤية وطنيه لمواجهة التحديات والاحتلال, ويعتبر التوقيع عليها إنجازا مهما لأنه سيحقق الشراكة الحقيقية, وإعلانا عن تحرر القرار الوطني الفلسطيني, وتغليبا للمصلحة الوطنية, والاستعداد لمرحلة نضالية جديدة مغلفة بالوحدة الوطنية,تدعم المواقف السياسية الفلسطينه القادمة فى تحقيق طموحات الشعب وأهدافه فى التحرر, وانجاز الدولة والاستقلال0 ولكي يتم تحقيق كل هذا علينا أن نبدأ بسلسلة من الإجراءات تعطي الثقة والأمان للشعب, خاصة ان أعداء المصالحة كثر سواء كانوا من بيننا أو من المحيطين بنا, ولعل هذا يفرض علينا أولا وقبل كل شئ ان نبدأ مصالحتنا بإعادة اللحمة للنسيج الاجتماعي, وتسوية المشاكل العائلية, وهذا يعتمد على دور وتأثير لجان إلاصلاح وإلاعلام والمثقفين, والشخصيات الاجتماعية والوطنية, بدعم وإسناد من مؤسسات المجتمع المدني لنشر وزيادة الوعي وثقافة التسامح, والمحبة والعفو, والتالف والمسامحة, ونبذ العنصرية والحقد والفصائليه, بين ابناء الشعب الفلسطينى لخلق الأجواء الايجابية بين فئات الشعب, ثم محاسبة القتلة وكل من ساهم فى تدمير مقدرات الشعب حسب القانون, ومعهم مصاصي الدماء وكل من استغل الانقلاب أو فترة مابعد الانقلاب لنهب خيرات البلاد, واستغلال الشعب ومص دماء أبنائه متسلحا بتنظيم أو أشخاص من تنظيم, أو من روجوا تجارة المواد المخدرة, أو من استغل الوضع للمتاجرة بمساعدات الشعب التى كانت تصل لمساعدته وقت الحصار, أو الأدوية التى كانت تصل لعلاجه0 ان متابعة هذه القضايا أمر مهم ويجب ان يأخذ فى الاعتبار حتى لاتنفجر الأوضاع مرة ثانيه بسبب عدم محاسبه كل من ساهم بها0كذلك يجب الالتزام بكل بنود الاتفاق لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية وأولها الاحتلال الاسرائيلى, والبدء باتخاذ خطوات إجرائية لتشكيل حكومة قادرة على فك الحصار وتكون حكومة توافق وطني من قبل جميع القوى والفصائل, تضم شخصيات مستقلة مشهود لها بالكفاءة والنزاهة حتى تنال ثقة الشعب والعالم, وعند بروز اى خلاف بين الفصائل والقوى عليهم ان يحتكموا للقانون الاساسى الفلسطينى, أو الورقة المصرية تحت إشراف لجنه عربيه بقيادة مصريه0أما فيما بتعلق بمهام الحكومة والأمن, والانتخابات والمجلس التشريعي, والحريات العامة والمعتقلين, ودمج المؤسسات فى الضفة وغزة, يجب ان يكون التزام من كافة الفصائل التي وقعت الاتفاق بالورقة ألمصريه, لأنها تشكل خطة عمل وإطار قيادي مؤقت للجنة الانتخابات ومحكمتها، وإعمار غزة، والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني0لقد وضعت المصالحه إسرائيل فى حالة إرباك شديد وكانت بمثابة صفعة قوية على وجهها, وهذا سيدفعها لارتكاب حماقات لإفشال المصالحة, لذلك هددت إسرائيل باتخاذ سلسلة من الإجراءات والانتهاكات ضد القيادة والشعب الفلسطينى، فأوقفت تسليم أموال السلطة الوطنية، وشنت حملة تحريض واسعة ضد القيادة الفلسطينية, وسيزداد عبثها بالضفة الغربية من زيادة للاستيطان وضم الكتل الاستيطانية, وسحب بطاقات الشخصيات المهمة, ناهيك عن جولة نتنياهو إلى أوروبا والولايات المتحدة للضغط علي عدم الاعتراف بحكومة الوحدة مع حماس والدولة الفلسطينية0لذلك نحن اليوم بحاجة للإعلام الفلسطينى لمواجهة إسرائيل وإعلامها الذي يحاول التشكيك فى المصالحة الوطنية, ووصف حماس بأنها منظمة إرهابية, ولتسويق المصالحة بأنها ضد السلام 0ان طريقنا ليس مفروشا بالورود وهناك الكثير من المشاكل ستواجهنا, ويجب أن نقابلها ا بالعمل والصبر والمرونة والإسراع فى خطواتنا لإنجاح المصالحة والتخلص من الضغوط والسيطرة الخارجية, لان أساس الانقسام واستمراره هو سعي أمريكا والغرب وإيران وبعض الدول العربية للسيطرة على القرار الفلسطينى ليكون فى خدمتها وخدمة إسرائيل, وليس لتحقيق مصالح الشعب الفلسطينى, بالإضافة إلى إطلاق الحريات والمعتقلين0لاشك أن هناك تحديات قاسيه ستواجه المصالحة وأهمها التدخلات الأمريكية والاسرائلية واعتمادهم على الدعم المسيس, والتدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي, ولكن شعبنا قادر على التحدي وتغليب مصلحة الوطن, والوقوف فى وجه كل من سيقف فى طريق حريته واستقلاله0ان قضية المصالحة لم تعد اليوم قضية حزبية، والكل يعرف ما هو مطلوب منه لإنهاء الخلافات نهائيا مع استخلاص العبر من الما ضى الاليم لتعزيز الوحدة الوطنية, وتغليب المصلحة العامه على المصلحة الذاتية, وإنجاز هذه المرحلة بأقصر فترة زمنية ممكنة بحيث لا تتجاوز ستة أشهر، على ان تختتم بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسة, وانتخابات المجلس الوطني وفق قانون التمثيل النسبي الكامل، وسد كافة الثغرات التى يمكن ان تفجرا لاتفاق أو الدفع به إلى الانهيار. وأخيرا نتقدم بخالص الشكر والتقدير إلى مصر حكومة وشعباً على ما بذلته من جهود مضنية من أجل تجاوز عقبة الانقسام الفلسطينى, وان هذه المصالحه ماكانت تتم لولا ان مصر تعتبر مركز ثقل وقائده ألامه العربية, ولها دورها الفاعل والمؤثر فى المنطقة والعالم, ومارست دورها المعهود والمميز بكل أمانه في التوصل إلى توقيع المصالحة التى كانت احد ثمار ثورتها العظيمة0
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية