أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين الطائفية و الحرية و العلمانية .. مازن كم الماز

لأن النقاش انحط إلى مستوى طائفي مقيت أصبح من الضروري وضع بعض النقاط على الحروف , أولا الشبيحة هم في الحقيقة أيضا قوى تكفيرية طائفية , و ما يفعلونه هذه الأيام و ما فعلوه في الماضي يؤكد أنهم قوة خارجة على القانون فوق المجتمع بما في ذلك العلويين أنفسهم و هم ممتلئين حتى الثمالة بكراهية الآخر و يمارسون هذه الكراهية بأقذر الطرق و أخسها , أما مسؤول الأمن السياسي في بانياس نفسها التي تحدث عنها أبي حسن و الذي يفترض أنه أقيل تمهيدا لمحاسبته لا يختلف عن الزرقاوي في شيء , إنه مثل الزرقاوي لا يمكنه أن يفكر بالآخر إلا و هو ميت أو مسجون أو مسلوب الإرادة كالحيوان , لنتحدث بوضوح , من يرفض الطائفية يرفضها بكل مظاهرها و أشكالها , أيا كان من يمارسها و من يدعو إليها , عندما يتحدث أبي حسن عن ما جرى في بانياس على يد القوى الأصولية المرفوضة بكل تأكيد و المدانة بسبب كراهيتها للآخر و بسبب ممارستها العنف ضده فقط بسبب انتمائه الطائفي , نجده في نفس الوقت يبرر بصمته و سكوته الذي يشبه صمت الموتى الذي قتلتهم مجموعات الشبيحة عما فعله أولئك الشبيحة هناك و في اللاذقية هذه الأفعال التي لا يقل فظاعة عما فعلته و دعت إليه القوى الطائفية الأصولية , إن الحروب الطائفية لا تجري أبدا بين قوى علمانية و طائفية بل تجري بين قوى طائفية متعادية لمصلحة فرض هيمنة أحدها على المجتمع , و هذا الذي يقول معظم الناس الذين في الشارع اليوم برفضه لأنه يشوه قضية الحرية كقضية مركزية في التغيير أو الإصلاح لا فرق , اليوم الشعب السوري قوي لدرجة يمكنه إيقاف اي عنف طائفي سواء مارسته القوى الظلامية أم قوى الشبيحة , من المؤسف أن أصحاب المنطق الطائفي يفرضون علينا أنت نتحدث مثلهم هذه الأيام لكن هذا ضروري لكي نبين أنهم إنما يقولون نصف الحقيقة لسبب واضح هو أنهم يريدون تجريم الحرية كحق مطلق مقدس لجميع السوريين ايا تكن طائفتهم أو دينهم , لذلك لا بد من السؤال هنا , كم علوي مات منذ 15 آذار و كم سني مات منذ بداية المظاهرات , عدم طرح هذا السؤال مسبقا مرعب لأنه يعني أن كل تلك الدماء التي سقطت اعتبرت في أفضل الأحوال بلا قيمة أمام دماء أعزاء آخرين سقطوا فيما بعد لا يصل عددهم إلى عشر من سقط في دوما و درعا , هذا بالضبط هو تعريف التقسيم الطائفي المقيت و المرفوض بين بشر يجب قتلهم أو لا بأس بقتلهم و بين بشر يحرم قتلهم , هذا كان منطق كل الأديان و الأفكار و الإيديولوجيات التي استنستختها , هل أن قتل العلوي طائفي و قتل السني غير طائفي , أو أن قتل العلوي حرام و قتل السني حلال , ماذا عن الرصاص الذي أطلق في درعا و ماذا عن الرصاص الذي اطلق في دوما , عندما تسقطون كل هذه الدماء من حساباتكم فإن حساباتكم هي بالضبط أكثر من خاطئة , إنها تخفي الحقيقة عن عمد , اتدرون ما هو تعريف الطائفية أو التجييش الطائفي , إنه هذا بالذات , أي أن تتحدث فقط عن طائفية أعدائك لتبرر طائفيتك أنت , هذا ما يفعله الزعماء الطائفيون في لبنان منذ عقود و هم بهذا التجييش يسوقون اللبنانيين ورائهم من حرب مدمرة إلى أخرى و بينهما سلام قائم على المحاصصة و تقسيم السلطة و الثروة بين هؤلاء الزعماء , إن التجييش الطائفي الراهن يريد تمزيق البلد و المجتمع , و هو يخدم كل من يريد أن يحكم سوريا حكما استبداديا , لأنه يعرف الحكم الأمثل بطائفة الرئيس لا بمشروعه السياسي و الاقتصادي , أنا شيوعي و سوري و مسلم و سني , أنا لا أخجل من هذه الهوية التي فرضت علي بحكم الولادة , ما عدا انتمائي فيما بعد للفكر الشيوعي التحرري , لكني أرفض الاستسلام لها دون تفكير , لذلك أصبحت شيوعيا و لذلك أنا مستعد اليوم لأفدي أصدقائي العلويين بروحي , هذا يختلف بالكامل عن الشعار الذي يردده معظم السوريين في المظاهرات المليونية , لأن من يريد أن يمسه بسوء بسبب انتمائه هذا إنما يريد أن يدمر إنسانيتي و في المحصلة الأخيرة أن يسرق صوتي و حياتي و حريتي و لقمة عيشي أيضا , أنا أعتقد أن الشعب السوري قوي اليوم بما فيه الكفاية ليمنع أي جنون طائفي , و المطلوب من القوى العلمانية الحقيقية أن ترفض و تدين و تنبذ كراهية الآخر و ممارسة العنف ضده و قمعه أيا كانت طائفته او طائفة من يهدده لأنه ببساطة يهددنا جميعا , و لأنه فقط يمارس الخداع ليذبح إنسانيتنا جميعا , و حريتنا جميعا لصالح جنون قواه و استباحته لنا و لكل شيء ...

(93)    هل أعجبتك المقالة (97)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي