أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إلى فناننا الكبير على فرزات...هناك فرق بين وزير الزراعة وإله المطر

لانشك بإبداعاتك الفنية الكبيرة التي طالما فخرنا بها كرسالة موجهة إلى العالم باسم كل عربي وسوري. وهذا ما جعل كل مثقف يأسف ويغضب لإغلاق " الدومري" التي شعر كثيرون أنهم خسروا بإغلاقها صوتا كان يمكن أن يساهم في إيقاظ كثير من الضمائر، وفانوسا ينير كثيرا من الدروب المعتمة.


ولكن يبدو أن الإبداع الفني شيء، والحديث في السياسة شيء آخر، وخصوصا من موقع المعارضة الذي يغري المرء بكثير من الشعبوية مثلما يحمل مخاطر دفع الثمن الباهظ في بلداننا. لكن العمل السياسي، سواء من موقع المعارضة أو الموالاة، يجب أن لا يلغي الموضوعية ورؤية الأخطاء مثل رؤية الجوانب الصحيحة، أو على الأقل عدم تحويل السياسة إلى شكل من الانحياز الكامل لجهة معينة وضد جهة أخرى.


المعارضة السياسية ضرورة وطنية في كل بلدان العالم لتصحيح الأخطاء عند الحكام أو منع حدوثها. ويمكن أن تعترض المعارضة على أي خطوة تتوقع أن تكون خاطئة من جانب الحكومة، أو على أية خطة تراها غير مناسبة. ولكن أن نحمل وزير الزراعة مسؤولية الجفاف في الجزيرة السورية، فهذا أمر مضحك أو أن هناك أشياء كان بإمكان الوزير فعلها لمنع حدوث التغيرات المناخية في العالم كله.


وبهذا الشكل ستطول قائمة الذين يجب محاكمتهم في العالم لتشمل وزير الزراعة الباكستاني بسبب السيول التي دمرت مواسم باكستان السنة الماضية، ووزير الزراعة الأسترالي لأن السيول دمرت مقاطعات عدة في بلاده. وعلى هذا الأساس يمكن محاكمة جميع وزراء الزراعة في كل دول العالم لأن بعضهم مسؤول عن السيول والبعض الآخر مسؤول عن الجفاف في بلده، ومحاسبة إمبراطور اليابان على الزلزال المدمر في بلاده.


ولكن أي وزير زراعة سنحاسب بسبب موجة الحر التي اجتاحت قسما كبيرا من بلدان العالم ودمرت كثيرا من المواسم وقتلت المئات من سكان العالم. نحن نعرف أن الإنسان القديم كان يعرف إلها للمطر لكن لا نعرف أن اسمه الجديد صار وزير الزراعة، وبات من واجبنا محاسبته.


وبالطبع هذا لا يعني الدفاع عن وزير الزراعة عادل سفر الذي سيصبح رئيسا للحكومة أو غيره، وإنما دفاعا عن عقولنا وعن الموضوعية التي يجب أن يتحلى بها كل معارض، وتحديدا إن كان بمكانة كبيرة مثل علي فرزات. إن فنانا كبيرا مثله لابد أن يدرك أن تراجع زراعة القطن مرتبطة بتراجع مستوى المطر في كل المناطق التي يهددها الجفاف ، وأن آلهة المطر أو التغيرات المناخية هي المسؤول، وليس وزراء الزراعة الذين يمكن أن يكون لديهم من الأخطاء والممارسات الفاسدة ما لغيرهم.

وهذا ما يمكن محاسبتهم عليه بدلا من تحميلهم أخطاء إله المطر. أما تراجع مخزون القمح في سوريا، فكل من يريد التفكير موضوعيا، يعلم أن تصدير القمح واستيراده ليس من صلاحيات وزارة الزراعة. وقد كنت ممن انتقدوا وزارة الزراعة في السنوات الأخيرة، ومن هذا المنبر( موقع زمان الوصل) على تحويل منطقة مصياف الزراعية والحراجية إلى مقالع للرخام على حساب الزراعة.

وهو ما أعتبره جريمة بحق الزراعة ومئات العائلات المظلومة التي أصرت وزارة الزراعة على إنكار حقوقهم وعدم الرد عليهم لتقف في صف المستثمرين والرخام. ولكن هذا شيء، وتحميلها مسؤولية التغيرات المناخية ونقص الأمطار شيء آخر.

محمد جمول
(101)    هل أعجبتك المقالة (113)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي