دكتوراه في الاعلام - فرنسا :
سيذكر التاريخ أن هذا الرجل لم يكتف بقتل المدنيين العزل ومطاردة الثوار وتدمير المدن في بلاده، بل ذهب أبعد من ذلك، فكان سبباً لتدخل غربي بقصف ليبيا.. ولا أعتقد أن مسلماً واحداً ولا عربيا واحداً سيكون سعيداً بقصف مناطق في ليبيا من قبل قوات ما يسمى بالتحالف الخماسي، ولكن ماذا نفعل لهذا الطاغية الذي جلب الجيوش الغربية لتقصف بلاده.. لا نعلم إلى أي مدى سيذهب التدخل الغربي في ليبيا وعند أي حد سيتوقف، وهل سينصرف الغرب عن ليبيا مستقبلا، في حال سقط القذافي أم لم يسقط. أم سيختلف أصحاب الكعكة على تقاسمها، وكم ستدفع ليبيا من نفطها ثمناً لهذا الغرب الذي لا يبحث إلا عن مصالحه..
كنت شخصاً شديد الهدوء، حتى أصبحت أدرك تصريحات بعض القادة العرب وأرى الكذب الذي فيها، بل ولنقل مع الاعتذار للقارئ الكريم الوقاحة التي تتفجر في كل كلمة يقولونها.
لقد استطاع القذافي وعلي عبد الصالح، ومن قبلهما حسني مبارك وشخصيات أخرى مثل أبو الغيط، أن يخرجونني عن إطار الوقار والهدوء الذي أتمتع به، وأعترف اليوم أن الدم يغلي في عروقي كلما استمعت إلى أحد من هؤلاء الذين ذكرتهم. ويزداد الدم غلياناً ويرتفع الضغط والسكر كلما ألقى القذافي كلمة جديدة، أو أمر وزير خارجيته أو زبانيته بالحديث لوسائل الإعلام.
الكذب والوقاحة، ظاهران في كل كلمة يقولونها وفي بعض الأحيان في المقاطع الصوتية للكلمات، بل لنقل في كمية الهواء المرافق للحروف التي ينطقونها.
القذافي يقتل الآمنين بالأسلحة الثقيلة، يقفل البوابات عليهم في طرابلس وغيرها، ثم يبدأ بإبادتهم جماعياً وهو يستمتع بذلك بكل تجبر وطغيان. ثم يظهر أمام وسائل الإعلام ليقول ليس هناك مظاهرات في ليبيا ونحن لا نطلق النار على أحد.
تسقط مدن الشرق بيد الثوار، وتعلن بنغازي انتصارها على العقيد، وتطرد فلول كتائبه، فيظهر الزعيم على الشاشات ليقول، إن بعض المسلحين من القاعدة يأسرون بعض العامة في بنغازي، وكل المظاهرات هناك مظاهرات تأييد لنا ولثورتنا.
عندما أشاهد المحطات الفضائية، وهي تبث الصور الإجرامية القادمة من ليبيا وأفعال العقيد ودمويته ضد شعبه من أبناء عمومته وخؤولته، ثم أسمع ما يقوله هذا المأفون، أخاف على الرجل أن يموت قبل أن تتم محاسبته أمام المحاكم والاقتصاص منه.
لا أعتقد أن التاريخ عرف قاتلاً كهذا الرجل يستمتع بقتل أبناء بلده. نعم كان هولاكو وكان جورج بوش وكان الصهاينة، ولكنهم كانوا يقتلون غير شعوبهم ليحتلوا الأرض ويحققوا المصالح، فهم يقاتلون، بنظرهم، عدواً لا بدّ من التخلص منه بكل ثمن.
أما أن ترى حاكماً يقتل الآلاف من شعبه، ويهدد بإبادة مدن بلاده كما قال بلا رحمة، فهذا ما يجعل الدم يغلي في العروق، ويتجاوز كل حدود الفهم البشري.
تحالفَ القذافي مع أوروبا وأمريكا ضد القاعدة، ودفع لهم الأموال لشراء ذممهم، والوقوف معه وقت الحاجة، وظن أنه تحت غطاء دولي بقطع النظر عن أفعاله، ومد يده الإجرامية لتضرب الشعب الليبي في كل مكان، واليوم ها هو الرجل نفسه يهدد أوروبا بأنه سيتحالف مع القاعدة.
لم يفهم القذافي اللعبة السياسية الاستعمارية لأمريكا والغرب، فهم يستخدمون العميل حتى يعطيهم كل ما لديه، فإذا أصبح هرماً لا يفيد، انقضوا عليه فتخلصوا منه، تماماً كما يتخلص سائس الخيول من دوابه المتعبة الهرمة.
اليوم تسهم أوروبا في محاربة القذافي بكل الوسائل الممكنة، بعد أن ظن الرجل بأنه اشتراها وحكامها. فهذه إيطاليا صاحبة أكبر استثمارات في ليبيا، تضع قواعدها العسكرية في خدمة القصف الجوي لجيش العقيد. ولم تقم روما كما ظن القذافي باحترام اتفاقياتها المعلنة والسرية للدفاع عن عميلها في طرابلس. تركت إيطاليا القذافي وحيداً وانضمت إلى أصدقائها في أوروبا، تماماً كما تفعل الدول كلها مع الجواسيس إذ انتهت صلاحياتهم.
وهذه فرنسا التي استقبلت القذافي يوماً وخيمَته في قلب باريس، تتخلى عن الرجل مع كل ما قيل عن مساهمته بتمويل حملات ساركوزي الانتخابية.
بلغة أخرى، خان العقيد شعبه إذ دفع أمواله لساركوزي، وها هو الأخير يرد الدَّين بقصف مرتزقة العقيد. وبين ليلة وضحاها انقلب السحر على الساحر واستخدمت أموال القذافي التي أنفقت لتحميّه، في سبيل التخلص منه.
لن أكون سعيدا، ولا أعتقد أن مسلماً واحداً ولا عربيا واحداً سيكون سعيداً بقصف مناطق في ليبيا من قبل قوات ما يسمى بالتحالف الخماسي، ولكن ماذا نفعل لهذا الطاغية الذي جلب الجيوش الغربية لتقصف بلاده.
فليبيا لا تعنيه، والشعب الليبي لا يعنيه أيضاً، فهو إما أن يحكم البلاد أو يبيد الشعب عن بكرة أبيه. فلعله لا يراهم بشراً يستحقون الحياة، أ وليس هو القائل عنهم جرذان وفئران؟.
سيذكر التاريخ أن هذا الرجل لم يكتف بقتل المدنيين العزل ومطاردة الثوار وتدمير المدن في بلاده، بل ذهب أبعد من ذلك، فكان سبباً لتدخل غربي بقصف ليبيا.
لم يحاول القذافي أن يجنب بلاده هذا القصف، فأعلن كاذباً موافقته على قرار مجلس الأمن الدولي 1973 وأنه قرر وقف العمليات العسكرية، في الوقت الذي بقيت فيه كتائبه تدك المدن المحررة براجمات الصواريخ والأسلحة الثقيلة، مستهدفة بشكل لا تخطئه عين الناظر المباني السكنية وأحياء العزل من أبناء شعبه.
لا نعلم إلى أي مدى سيذهب التدخل الغربي في ليبيا وعند أي حد سيتوقف، وهل سينصرف الغرب عن ليبيا مستقبلا، في حال سقط القذافي أم لم يسقط. أم سيختلف أصحاب الكعكة على تقاسمها، وكم ستدفع ليبيا من نفطها ثمناً لهذا الغرب الذي لا يبحث إلا عن مصالحه.
كل هذا يتم بسبب القذافي وحماقاته التي لا تنتهي، ولتفده أمواله اليوم، أو أبناؤه الثمانية الذين ملؤوا الأرض فساداً واستباحوا الحرمات وانتهكوا الأعراض.
إن غداً لناظره قريب وأرجو الله ألا يعجل في موت هذا الرجل حتى يرى بأم عينيه ليبيا وقد تحررت من طغيانه وجبروته، وليعلم أنه الله لا يضيع أجر الصابرين. "فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية