مشروع مدرب كبير ، استقبل أسئلتنا بكل صدر رحب واستفاض بالحديث عائداً إلى ماضيه الكروي وحاضره الاحترافي ، دون أن يغفل عن إطلاعنا بآخر مشاريعه المستقبلية.
الكابتن سامر بستنلي لاعب الشرطة السابق ، أفاض علينا بالحديث من خبرته التدريبية الحديثة العهد قبل أن نتطرق لبعض الحديث عن الذكريات وعن البيت الأول "نادي الشرطة" ، ومن يستمع لحديث بستنلي يعلم بسرعة أن سنوات الغربة أثرت عليه وأكسبته المزيد من الخبرة وجعلته مشروع مدرب يستحق أن يطمح بعمره الصغير ، أن يصبح بالمستقبل أحد أبرز الأسماء التدريبية التي مرت علينا.
في بداية الحديث تركنا المجال للكابتن سامر ليتوسع لنا بالحديث عن الفترة التي قضاها منذ اعتزاله اللعب عام 2005 حتى عام 2011 قتحدث لنا قائلاً:
"لقد استمريت في الملاعب رفقة نادي الشرطة منذ 1990 وحتى 2005 ، ثم خرجت للإمارات وأنا أضع ببالي أني أريد زيادة خبرتي لدخول العالم التدريبي ، إلا أني اكتشفت أني لا أفقه شيئاً في عالم كرة القدم.
الاستفادة الحقيقية لي كانت عندما بدأت التعلم تحت إشراف الخبير اليوغوسلافي "طاهر هيلغا" وهو المسؤول عن وضع الخطة التطويرية لنادي دبي والمسؤول عن القواعد من (6-18 سنة) وأنا أعمل حالياً تحت إشرافه منذ حوالي العامين والنصف ، و"طاهر هيلغا" قدم لي كل خبرته الأوروبية وهو سبق وأن لعب أيام يوغوسلافيا المتحدة ودرب فيها ، وهو علمني كيف أمرن وأتحدث مع الفريق ، في حين أننا عندما كنا نلعب كنا غالباً نسمع نفس الكلام بين لاشوطين (لماذا لم تخرج لهذه الكرة؟لماذا لم تزيد الضغط على هذا اللاعب؟) ، وهذا يجعلنا بعيدين عن علم كرة القدم ، لأن كرة القدم باتت علم يدرس ، والجري ببداية التمرين أصبح موضوع قديم وهو لا يفيد إلا بإعطاء اللياقة التي تحصل عليها بشكل أفضل بآلات الآيروبيك ويجب أن ينقسم أي تمرين إلى 4 أجزاء أساسية هي: رفع لياقة اللاعب-رفع تكنيك اللاعب-رفع تكتيك اللاعب-تجديد عقل اللاعب."
الأساليب الحديثة اليوم التي نتعلمها في التدريب ونحاول تطبيقها ، هي ان نحول لعب الكرة والتكتيك من سلوك متعلم إلى سلوك فطري ، فينضبط اللاعب في مركزه دون أن يفكر وكأنه فعل طبيعي كالأكل والشرب.
معظم أنديتنا المحلية ومعظم فئاتها العمرية تلعب بنفس الخطة (3-5-2) فمن الصعب أن يلعب المنتخب بخطة (4-4-2)
4-4-2 اليوم هي الخطة الأفضل دفاعيا وهجومياً ، لكننا نعاني من مشاكل احترافية كثيرة ، فالكثير من الفرق لا تلمك أطباء خاصين ويتم العلاج مع معالجين فيزيائيين ، فأين دور الإدارات بهذا الموضوع؟ إضافة إلى أن رجال الأعمال يصرفون الملايين لبناء فريق قوي ويحقق بطولة ، لكن يجب أن يعرف رجل الأعمال أن مكانه لا يجب أن يكون على الخط بل أن يجلس في الأعلى ، وأن يسلم الفريق للمدرب ليكون مسؤولاً عنه ولا يتدخل بعمله ، وعندما يخطئ المدرب يحاسب على أساس عمله ، وهو عليه أن يجلس في الأعلى ويتابع من بعد وأي شيء غير هذا يخفض من قيمته وتقديره.
واللاعب في الإمارات يدخل النادي بعمر 6-7 سنوات في حين يدخل اللاعب إلى أنديتنا المحلية بعمر 13-14 سنة ومنذ دخوله وحتى وصوله إلى فئة الرجال لا يتعلم إلا خطة واحدة فقط ، لذلك من الاستحالة أن تغير له ببساطة فكره التكتيكي.
النادي الأم والدوري المحلي...
أتواصل دائماً مع العقيد حاتم الغايب وأتمنى من كل قلبي أن يحقق الفريق اللقب هذا الموسم ، إلا أني لا أتوقع حدوث ذلك لأن الفريق لم يلعب بأسلوب جماعي حتى الآن وهو يعتمد فقط على المهارات الفردية بشكل خاص لقصي حبيب ، لكن لابد على الفريق أن يبدأ ببناء الهجمات بشكل أكبر ، معظم أنديتنا تلغي دور الخط الدفاعي في بناء الهجمات وتبدأ برمي الكرات بشكل عشوائي إلى الأمام وهذا يجب ألا يحدث إلا بحال الضغط ، وأي مدرب يملك شهادة فهذا لا يكفي والعمل الميداني أهم بكثير من الشهادات ، واللاعب السوري يؤدي أفضل المباريات الودية وفي المباريات الرسمية يدخل جو الضغط والعصبية يجب أن يظهر مستواه تحت هذا الضغط ، إلا أن لاعبنا تحت الضغط يضيع ، للأسف اللاعب السوري ذكي ومهاري ونشيط وفي الخليج لا تجد هذه الصفات لكننا نعمل بشكا خاطئ.
بعد خروجنا من أمم آسيا ، الكل كان يلوم علي دياب ، لكن السؤال ما الذي أفدت به علي دياب لأنتظر منه الأفضل؟ عندما يخطئ اللاعب لابد أن أعطيه تمرين إضافي لكن إن سألت أي لاعب محلي تعلم أنه ليس هناك تمرين لتجاوز الأخطاء ، والمشكلة الأساسية أن معظم المدربين لا يطورون أنفسهم والدورات لا تغني ، فقد أجريت العديد من الدورات وكانت عبارة عن تعليم نظري ، والاستفادة الحقيقية التي نلتها كانت من الكابتن طاهر فنحن بحاجة للتعايش مع أندية أوروبا ، لكن مدربنا لا يرض أن يقوم بتعايش يستمر لأشهر بل يريد إنهاء دورة سريعة بـ15 يوم.
مستوى الدوري غير معروف لأن بطل الدوري يخسر مع صاحب المركز الأخير ولا تجد أسلوب معين في اللعب وهذا الأمر يجب ألا يحدث إلا بحال وجود خلل لكنك تجد أن هذه الحالة باتت أمر طبيعي ، والكل يقول "نلعب مع فريق كبير" وفي الواقع اليوم التاريخ غير مهم وعليك أن تكون كما أنت فنحن مازلنا نعيش على إنجازاتنا الماضية وأجيالنا الذهبية ونتحدث عنها أكثر مما نبني ، فاللاعب السوري يملك مقومات كثيرة لكنه بالغالب يظلم لأنه لا يجد من يطوره ، ولاعبنا باتت لديه القدرة المادية وليست الفنية ، وهذا طبيعي نظراً إلى عدم تطور مستوى معظم المدربين.
أنديتنا سرعان ما تشتكي من ضغط المباريات ، إلا أن هذا الضغط ضروري ومفيد فعندما تشارك ببطولة كأمم آسيا عليك أن تلعب كل يومين أو ثلاثة مباراة ، لا يمكن أن ينخفض مستواك من ثاني مباريات البطولة.
وعن دوره حالياً بنادي دبي...
عملت مع فريق 9 سنوات وأحرزت معه المركز الثالث فرفعني الكابتن طاهر وسلمني فريق "13 سنة" وأنا منذ 7 أشهر أعلمهم خطة (4-4-2) وحتى الآن اللاعبين لا يجيدوها بشكل متقن وهم بحاجة للمزيد من التحضير وهذا أمر طبيعي بالنسبة لخطة كبيرة كهذه وهذا موضوع عالمي ، حصتي التمرينية تمتد ل(175) دقيقة تمرين فعلية أبرز التمرين عادة تقسم إلى 15 دقيقة للاعبين في المنتصف حولهم 4 لاعبين ، ثم 20 دقيقة مباراة (4×4) ثم 45 دقيقة تمرين تكتيك يكون بداخله الكثير من التوقفات التي تتعب اللاعب وتشعره بنوع من الملل بسبب كثرة التعليمات فيحصل بالنهاية على نصف ساعة يلعب فيها مباراة حرة.
ولا يختلف تمرين الفئات العمرية عن تمرين الرجال إلا بطول الملعب المستعمل فنحن نمرن (6×6) في نصف ملعب وبمساحة أكبر من ذلك قليلاً نمرن (8×8) ، وفي التمرين لا يجب أن تستلم عدد أكبر من اللاعبين فاليوم المدربين العالميين كجوزيه مورينيو لا يستلم أكثر من 16 لاعب بالتمرين ليتمكن من التركيز على رفع تكتيك كل لاعب ، وفي تمرين التكتيك لا نعط الطفل المعلومة جاهزة عندما يخطئ بل نعلمه أنه أخطأ ونطلب منه استنتاج الخطأ ومعرفة الصواب ونثني على من يعرف خطأه وهذا الأمر يساعد بترسيخ المعلومة في عقل اللاعب الصغير.
وفي الدوري نحن وصلنا للمرحلة النهائية (8 فرق من أصل 25) وفريقي يملك مقومات جيدة ، لكن حديثاً صدرت لوائح جديدة في الإمارات تسمح لنا بمشاركة 3 محترفين في كل نادي في الفئات العمرية لذا نحن بصدد ضم محترف مصري عالي المستوى للفريق سيساعدنا على المنافسة من أجل تحقيق اللقب.
لقاءه مع نجوم كبار...
في الدورات السابقة التقيت مع العديد من الشخصيات الكبيرة مثل فابيو كابيللو ولويس فيغو وساندرو روسيل إضافة إلى مدير عام نادي بايرن ميونخ والرائع الهولندي مارك فان باستن وبلقاءي مع كل شخص كنت أتحدث معه وأبقي حديث ذكرى خاصة عندي.
فبلقاءي مع فابيو كابيللو سألته عن كيفية معرفة مستوى لاعبيه وهم يلعبون في الأندية فأجابني أنه كل أسبوع يتلقى يوم الخميس تقرير عن كل اللاعبين إن كانوا يلعبون بشكل جيد وعن حالة اللاعبين النفسية والرضية ولدي 14 طبيب يلاحقون الجميع.
أما لويس فيغو فقد سألته إن كان يعرف شيء عن سوريا فأجابني أنه لا يعرف أي شيء عنها ولا حتى مكانها ، فاليوم هناك العديد من البلدان التي وضعت نفسها على الخارطة العالمية بفضل نجاحها الرياضي كما فعلت قطر حين فازت بشرف استضافة كأس العالم ، في حين أننا حتى الآن لم نتأهل إلى كأس العالم ولا حتى مرة واحدة في تاريخنا.
أما ساندرو روسيل رئيس نادي برشلونة فقد سألته عن كيفية استقدام نجوم الفريق في الصغر وبأسعار قليلة فأجابني أن الفريق يملك 300 مدرسة حول العالم ومنذ حوالي الشهرين وقعوا مع نادي الوصل وأتوا بالمدرب الذي اكتشف ميسي (مدرب 7-12 سنة) ليكون مسؤولاً عن كادر مؤلف من 14 مدرب إسباني وبهذه العملية كم من الممكن أن تعد فريق قوي للمستقبل ، فكل نادي بحاجة لخبير فني في القواعد وهذا التنظيم ضروري ودونه لا يوجد تطور.
مستقبل قريب...
أنا حالياً لدي عقد موقع مع نادي دبي لمدة 3 سنوات لكن يحق لي بأي وقت أن أترك النادي لمصلحة ناد آخر وهذا اتفاقنا ، وسأركز حالياً على أن أنال جميع الشهادات الآسيوية ، وبعدها سأخطط للعمل مع أحد الأندية التي تقبل بوجود مدرب عربي ، فبالخليج جواز السفر الأجنبي مهم لكن قد تدرب أندية صغيرة في دبي مثل بني ياس ودبي وتتقاضى أضعاف ما تناله في سوريا ، وحتى هم يصرفون أموال طائلة على مدربي الفئات العمرية.
وفي شهر أيار لدي دورة آسيوية للحصول لى شهادة B
والعام الماضي كنت في دورة مع مدرب منتخب إيطاليا للياقة البدنية وشرح لنا كيفية التعامل مع اللاعبين والاستفادة من الناحية البدنية وأجريت دورة C مع مدرب ألماني اسمه برنار وهو يضع خطة العمل في الاتحاد الإماراتي ويضع استراتيجية العمل لكل الفئات العمرية.
وحالياً ليس بتفكيري العودة للعمل في سوريا فهنا الفرص كبيرة لإجراء الدورات والاحتكاك مع الشخصيات الكبيرة ، إضافة إلى أني أعتبر أن الكابتن طاهر هيلغا هو ألماسة وجوهرة كبيرة لا يمكنني تركها أبداً لذا علي أن أبقى قريباً منه أكتسب من خبرته بأكبر قدر ممكن.
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية