أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

علي فرزات : لست سياسيا و لا حزبيا ولا انتمي لتيارات معارضة


لو تأملنا الإنتاج الغزير لفنان الكاريكاتير العالمي السوري علي فرزات اليوم لظننا أنّ له من الأيدي مايفوق عدد الوزراء والحكومات العربية ، فيداه اللتان لم تعودا تستطيعان مواكبة سيل أفكاره حول الأحداث المتسارعة الأخيرة، بدأتا برسم الكلام ونشر أقوى التعليقات ورسم أفكار متابعيه والمطالبة بتزويده بأي وثيقة عن الفساد ليتولى هو التتمة كما صرح مؤخراً.


الشأن المحلي لم يجعل الفرزات في معزل عن السخرية بحرقة من جرائم القذافي ومن التهكم برسوماته على الأنظمة التي تبارك ثورات الشعوب.
يقول الفرزات في أحد التعليقات " بالنسبة للجرأة فهي أولاً جينات ثم أنني قد سرّحت الشرطة من دماغي قبل أن يغلقوا لي جريدة الدومري وحتى الآن ...." ، فبعد أن خسر معركة السلطة الرابعة المحلية استعان بقوة السلطة الخامسة (مواقع التواصل الاجتماعي، وموقعه الشخصي ) لينقضّ على كل التابوهات .
حبل الخط الأحمر الثخين لم يعد له اعتبارعند الفرزات ، فصرّح في ردوده على متابعيه أنه يقود عملية لمحاربة الفساد والخوف والصمت المفروض منذ 1963 تاريخ استلام البعث للسلطة .


لم يسلم أحد من ريشة الفرزات، فحتى المعارضة كانت ضمن رسوماته وتعليقاته، فبرأي الفرزات  أن النظام يمتلك نسخ موالية عن كافة التخصصات الثقافية والعلمية والمعارضة والاقتصادية بعد أن رمى الشخصيات الأصلية في الحاوية المحلية أو إلى الخارج عن طريق المطار.


الجنس والسياسة ، أهم ما يميز رسومات علي فرزات التي رصدنا تصاعد حدتها حتى وصلت في اليومين الأخيرين إلى السقف (رامي مخلوف)، الكاريكاتير القاتل والذي يصور شركة "سيرياتل" المملوكة من رجل الأعمال السوري رامي مخلوف وهي تسرق من جيب المواطن السوري بسلاح التكنولوجيا، أدى إلى ارتفاع التعليقات على صفحة الفرزات على facbook من متوسط مئة تعليق  للوحة إلى أكثر من ألف تعليق . يصف هذه التعليقات بأنها تعبرعن الواقع أكثر مما تعبر أرقام الحكومة الإحصائية. كثير من التعليقات تحول في الرسوم الأخيرة إلى " الله يحميك " ، " الله يقويك ".


ما يجهله كثيرون ويعطي الزخم للرسومات الأخيرة أن علي فرزات  -المعارض-  يحظى بالاعتراف الحكومي بوجوده.  يدل على ذلك وجود عشرات الأخبار والمواد عنه في وكالة الأنباء والصحف الرسمية المحلية في حين أن أسماء أخرى تناولت هذه " المحرمات السورية "  بالصريح والتلميح ولم تلقَ أي اهتمام من الشارع السوري!


يقول الفرزات في أحد تعليقاته : " بينما الدردري يلتقي وفداً بريطانياً ويحدثهم عن التطورات الاقتصادية وأية تطورات وأي هذا الاقتصاد الذي تحول إلى اغتصاب للمواطن ولدخله وأصبح كالمنشار يفرم جيوب المواطن ... يبدو المواطن مشغولاً بالهتاف والتضامن مع الليبين، فإلى متى سيبقى مشغولاً ومتى سيفكر بحل جذري لمشاكله؟"


العطري يسحق المواطن ويسكته مرة بإطعامه ورقة وأخرى بإطعامه فردة شحاطة. الدردري يسهل اغتصاب الشركات الخاصة للمواطن. وزير الداخلية يهدئ الجماهير ويحاور الإعلام مخفياً العصا الغليظة المعهودة. وزارة السياحة فتحت البلد للسياحة الجنسدية (بالنون والدال). وزير الكهرباء كنطك بتناقض التصريحات. وزارة النفط أصبحت شركة عائلية خاصة للوزير. وزارة الصحة مرتع للحيوانات والحشرات الأليفة والمتوحشة. التعليم العالي يمكنك من تجاوز الامتحان بهبات مادية أو جنسدية .


ذلك كان من آخر ما نشر علي فرزات الذي تحول في الأيام الأخيرة من الفن السياسي إلى المعارضة السياسية التي ولأول مرة تقوم بها شخصية تعترف بها الحكومة السورية بزيارة وزير الثقافة لمعرض الفرزات وعشرات الأخبار عن الفرزات ومعارضه العالمية في وكالة الأنباء السورية والصحف الرسمية .


يقول الفنان علي فرزات لزمان الوصل : الزوبعة التي أثارتها أعمالي على موقعي الشخصي وعلى " الفيسبوك " وآثارها الايجابية بين الجماهير .. لم تكن من باب الاستعراض ..إنما جاءت امتدادا لمرحلة طويلة من " المناطحة والمتايسة " ضد الظلم والقمع..على الصعيد المحلي والعربي والعالمي الإنساني...

ويتابع فرزات : أنا لست سياسيا و لا حزبيا ولا انتمي لتيارات معارضة سياسية لأنها في هذه الأيام هي أيضا مشروع سلطة..لقد أتيت إلى هذا العالم مشاغبا مشاكسا لأختلف مع الحاضر والماضي والآتي...!!!؟؟؟ . ان ما قمت به عادي وطبيعي بالنسبة لكوني فنان ناقد ملتزم ولكن بدون إلزام ؟؟؟


كما نفى الفرزات تعرضه لأي مضايقات - بسبب نشر الرسوم- من أي جهاز أمني أو حكومي  .


الحكومة السورية كلها مواضيع لسخرية وكوميديا الفرزات السوداء التي ختمها أخيراً بتجاوز السقف والكلام في المحرمات برسمه عدة كاريكاتيرات تتناول رئيس الوزراء السوري ناجي العطري والنائب الاقتصادي عبد الله الدردري الذي يقول عنه الفرزات: "بعد مضي 56 عاماً مازالت الحكومة تخطط لكن دون فائدة.

 مئات المشاريع قيد الدراسة ومئات الخطط والخطب والخبط حتى اللحظة لم تستطع أن تنفذ الشيء المطلوب منها ولو 1%، وبكل ثقة يتجرأ وزير التخبيط لأن يقول إن الحكومة تفكر بالتخطيط لمدة 15 عاماً مستقبلاً ممايدل على ثقة الحكومة العالية بأن هذه ستعيش 15 سنة أيضاً، ومن ينظر بحالة التخبيط يجد أن الحكومة حولت معظم الشعب إلى شحادين وجففت المناطق وشفطت الأموال لخارج البلد وعملت على تجويع المواطن وإفقاره ولو كان بيدها لمنعت الهواء أيضاً".


تناولُ الفرزات هذا يعتبر الأول من حيث الاقتراب من شخصية حكومية بهذه الصفة والوزن ومن حيث التوقيت في ظل التطورات الإقليمية الأخيرة وقانون الإعلام الإلكتروني الذي بدأ يطرق أبواب المواقع السورية ومنها موقع فرزات الذي ينشر الرسومات .


أثارت رسوم الفرزات -والذي اعتبره مهرجان "مورج" في سويسرا أنه من أفضل الرسامين الخمسة الموجودين في العالم -الكثيرَ من اللغط والإشكالات مع الحكومات العربية. شرع بنشر جريدة الدومري وهي أول جريدة سورية مستقلة منذ عام 1963 والتي تم إيقاف ترخيصها عام 2003 في ظل حكومة مصطفى ميرو .

كُرّم الرسام علي فرزات في معظم الدول الغربية ونال الكثير من الجوائز العالمية منها جائزة الأمير كلاوس الهولندية عام 2002 ( وتأتي بالتصنيف بعد جائزة نوبل للأعمال الإنسانية ) .

ظهر للفرزات كتاب "قلم من الفولاذ الدمشقي" الذي صدر عن دار النشر العالمية Cune ليضم أكثر من 350 لوحة من أعماله .

 

مرهف مينو - زمان الوصل
(214)    هل أعجبتك المقالة (164)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي