انتفاضة الشعوب العربية ستنعكس ايجابا على المنطقة
وثائق ويكيليكس أربكت الوضع الداخلي الفلسطيني
مع اندلاع الانتفاضات الشعبية في عدد من الدول العربية وعلي رأسها مصر وتونس أقدمت إسرائيل علي استغلال تلك الفرصة لزيادة نشاطها الإستيطاني في القدس والضفة الغربية في الوقت الذي استخدمت فيه الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع القرار العربي بإدانة عمليات الاستيطان الإسرائيلي، ووسط تلك التطورات اسئلة عديدة توجهنا بها الى الدكتور واصل أبو يوسف (عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية بحوارلـ (الزمان ) تناول فيه وجهة نظره إزاء تلك التطورات:
* ما مدي تأثير الانتفاضات التي شهدتها كل من مصر وتونس وعدد من البلدان العربية الأخري علي القضية الفلسطينية؟
ـ انتفاضة الشعبين التونسي والمصري وعدد من البلدان العربية ستنعكس إيجابيا علي المنطقة وستفتح احداث تغيير وعدالة وخاصة أن شعوب المنطقة أثبتت أنها قادرة علي الإصلاح في نفس الوقت الذي ترفض فيه الاملاءات الخارجية واعتقد ان هذا الانجاز سيسهم في دعم الكفاح الوطني لشعبنا وهذا يتطلب الشروع فورا في حوار وطني شامل لبحث الخيارات والبدائل بعد فشل المفاوضات والتفرغ لمقاومة الاحتلال وكافة أشكال الغطرسة الإسرائيلية ومواجهة سياسات الاحتلال في القدس والبحث في كيفية مواجهة التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية وبلورة استراتيجية جديدة قادرة علي النهوض بالشعب الفلسطيني مجددا وتوحيد قواه وفاعلياته وطاقاته.
* هل تري ان ما جري الآن من انتفاضات في الدول العربية جزء من مخطط اسرائيلي لتفجير الدول العربية من الداخل لالهاء العالم عن المخططات الاسرائيلية في فلسطين؟
ـ ان ما يجري الان من متغيرات في الوطن العربي يأتي في سياق التراكمات الهائلة من المعضلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغياب الديمقراطية، وبالتالي فان النتيجة الطبيعية لهذه المشكلات المزمنة تترجم علي شكل انتفاضات تتطور باتجاه ثورات غضب عارمة لها اهداف تمس مباشرة اسس النظام القديم، متجاوزة المطالب الاصلاحية في حدها الادني، ولم تعد تقبل هذه الشعوب العودة الي المعالجات السطيحية للامور، والسبب يعود في ذلك الي تجاهل الانظمة الرسمية خلال عقود طويلة لاماني وطموحات الشعوب بالاضافة الي القهر والحرمان والاذلال وازدياد نسبة الفقر والبطالة المتفشية بين اوساط الشباب، ولاشك ان هناك عوامل وقوي خارجية اخري تحاول استثمار حالة الغليان الشعبي لصالح مخططاتها الاستعمارية وفي مقدمة هذه القوي كيان الاحتلال الاسرائيلي الذي يسابق الزمن من اجل تنفيذ سياسة الامر الواقع بالاستيطان والاحتلال وبناء الجدران وعزل القدس عن محيطها الفلسطيني.
* وهل تري ان سياسة مصر تجاه تعاملها مع بعض الاطراف الفلسطينية كحماس يمكن ان تتغير بفعل الاوضاع الجديدة؟
ـ اعتقد أن الاولوية ستكون في المرحلة القادمة لإعادة بناء وترتيب البيت المصري من الداخل إلا إنني لا أعتقد بحدوث تغيير في سياسة مصر تجاه القضية الفلسطينية والتي تحملت مصر عبئها منذ البداية لانها تمثل جزءاً من الامن القومي المصري ولا شك أن زيارة الوفد الأمني المصري منذ أيام للأراضي الفلسطينية لبحث كيفية استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام يؤكد أن الموضوع الفلسطيني يشكل أولوية السياسة المصرية رغم الظروف التي تمر بها.
* ما مدي صحة الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس عن تنازلات السلطة الفلسطينية في المفاوضات مع اسرائيل؟
ـ وثائق ويكيليكس ليست وثائق بالمعني الرسمي وهي عبارة عن مجموعة مواقف ومخاطبات بين السفارات الامريكية ووزارة الخارجية ولا يمكن البناء عليها، وفي حقيقة الامر لم يحصل اي اتفاق بين المفاوض الفلسطيني وحكومة الاحتلال، وان ما تسرب عن ما يسمي وثائق لا تتسم بالمصداقية، ربما تكون عبارة عن افكار تفاوضية لا أهمية لها طالما لم يحصل اتفاق بين الطرفين.
* وهل تري ان نشر تلك الوثائق افقد ثقة الشارع الفلسطيني في السلطة؟
ـ من نشر الوثائق بالطريقة المجتزئة التي رأيناها له اهداف باتت واضحة للجميع، واهمها ارباك الوضع الفلسطيني الداخلي، وفي كل الاحوال فان منظمة التحرير الفلسطينية شكلت لجنة تحقيق وخرجت بنتائج تم الاعلان عنها، وتحمل مسؤول لجنة المفاوضات نتيجة تسريب هذه الاوراق من مكتبه واستخدامها في خدمة اجندات اقليمية وخارجية الهدف منها التشكيك بمصداقية القيادة الفلسطينية وبالتالي استهداف منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده، وقد جاءت ردة الفعل الشعبية الفلسطينية مخيبة لامال من نشر ما سمي بالوثائق السرية وكشف المستور حيث يمتلك شعبنا الوعي العميق لاهداف هذه القوي مما ادي الي مردود عكسي ادي الي التفاف وطني حول الثوابت الفلسطينية وتعزيز الصمود الفلسطيني علي ارضه.
* في حالة اصرار حركة حماس علي رفض الانتخابات كيف سيكون الموقف خاصة ان حماس تسيطر علي قطاع غزة؟
ـ القيادة الفلسطينية تري ان الخروج من مأزق الانقسام يكمن بالذهاب الي الانتخابات العامة، المحلية والتشريعية والرئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني باعتبار ان الشعب يمثل الفيصل في المسائل الخلافية وبالتالي فان صناديق الاقتراع تشكل العامل الحاسم لاي خلاف كان، وهنالك محاولات تجري الآن من اجل عقد حوار وطني شامل للذهاب الي الانتخابات ونحن نري في جبهة التحرير الفلسطينية ان المتغيرات الجارية في المنطقة تحتم علي الجميع ضرورة استعادة الوحدة الوطنية بشكل فوري وتحشيد كل الطاقات في مواجهة مخططات الاحتلال الرامي الي شطب الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، كما نعوّل علي الدور الجماهيري الضاغط لانهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وهناك بدايات مشجعة تتطور باتجاه تحقيق ذلك الهدف، من جهة اخري هنالك من يحاول الانتظار لما ستؤول اليه الاوضاع في المنطقة وهذه نظرة ضيقة للامور تعيدنا الي الوراء من اجل تحقيق مكاسب فصائلية ضيقة علي حساب المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني.
* في ظل الاحداث التي تشهدها المنطقة العربية هل تري ان الاهتمام العربي والعالمي بالقضية الفلسطينية سوف يتراجع في المرحلة المقبلة؟
ـ بكل تاكيد فان الاحداث التي تعصف بالمنطقة العربية ستتمحور حول الاوضاع الداخلية لكل دولة من الدول في المدي المنظور وبالتالي فان الاهتمام الرسمي العربي بالقضية الفلسطينية سوف يشهد حالة من الانتظار خاصة ان موعد انعقاد القمة العربية يحوم حوله الشكوك والاجواء العاصفة في المنطقة لايبدو انها علي وشك نهايتها.
* وما البدائل المطروحة في ظل استمرار التعنت الاسرائيلي والانحياز الامريكي الكامل للموقف الاسرائيلي؟
ـ الخيارات الفلسطينية تستند اولا وقبل كل شيء الي التمسك بثوابت الشعب الفلسطيني في مقدمتها الحرية لشعبنا وبناء دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس وضمان حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وثانيا انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة العدوان والاستيطان، وثالثا تعزيز الصمود الفلسطيني علي كل شبر من الاراضي الفلسطينية المحتلة من خلال التمسك بالارض وبناء المؤسسات وركائز الدولة الفلسطينية المستقلة، ورابعا الذهاب الي مجلس الامن الدولي والجمعية العامة للامم المتحدة والمؤسسات القانونية الدولية لوقف الاستيطان وازالته والمطالبة بالحرية لشعبنا اسوة بما يطالب به المجتمع الدولي الان من الدول التي تشهد التغيير، ودولة الاحتلال ليست مستثناة من ذلك الوضع مهما حاولت الولايات المتحدة الامريكية من حماية لاسرائيل واعتبارها دولة فوق القانون ونعتقد ان المناخ الدولي العام ملائم لأن تنصاع امريكا واسرائيل لمتطلبات الاجماع الدولي.
* بعد استخدام امريكا حق الفيتو ضد مشروع قرار جديد للاستيطان ما هو البديل امامكم لمواجهه استمرار الانشطة الاستيطانية الاسرائيلية؟
ـ ان استخدام الولايات المتحدة لحق النقض الفيتو في مجلس الامن الدولي ضد قرار يدين الاستيطان والزام حكومة الاحتلال بوقفه يشكل جريمة وانحيازا سافرا للاحتلال ووصمة عار في جبينها في الوقت الذي تنادي به ليل نهار بالحرية والديمقراطية للشعوب واظهر مدي ازدواجيتها بالتعامل مع قضايا الشعوب عند تعلق الامر باسرائيل، كما شكل تفردا للمرة الاولي ضد ارادة الاجماع الدولي حيث صوت لصالح القرار اربع عشر دولة من اصل خمسة عشر دولة عدد اعضاء مجلس الامن، كما تؤيد القرار اكثر من 137 دولة في العالم، ولم تفلح الادارة الامريكية في مساعيها من اجل سحب القرار باستخدامها شتي انواع الضغوط علي القيادة الفلسطينية، تارة بالترغيب وبالترهيب تارة اخري، وقد اثبتت القيادة الفلسطينية انها الامينة والحريصة علي مصالح الشعب الفلسطيني واسقطت اوهام ورغبات الذين كانوا ينتظروا لحظة سحب القرار للانقضاض علي منظمة التحرير الفلسطينية بعد ان فشلت محاولات الوثائق المزعومة النيل من صمود شعبنا ومؤسساته الوطنية.
ولدينا الثقة المطلقة بجماهير شعبنا المتمسك بأرضه وحقوقه من خلال تصعيد مقاومته الشعبية ضد الحصار والجدار، وبات عازما اكثر من اي وقت مضي علي ضرورة انهاء الاحتلال وانهاء الانقسام، ولديه مخزون نضالي هائل يستطيع به الوصول الي غاياته النبيلة.
* كيف ترون الاحداث التي تشهدها ليبيا، وما هو موقفكم منها؟
ـ ان شعبنا الفلسطيني يقف الي جانب مطالب الشعوب العادلة والتي تؤكد علي اشاعة مناخ الديمقراطية والتحول الاجتماعي والحريات العامة وتداول السلطة بشكل سلمي، ويدين كافة اشكال القمع والاعتداء علي المواطنين الآمنين وخاصة ما يقوم به النظام الليبي من استخدام اساليب غير مسبوقه بحق المواطنين من ابناء الشعب الليبي.
* في النهاية ومع استمرار الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في القدس والانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل. ما المطلوب من الدول العربية والإسلامية في المرحلة المقبلة؟
ـ أطالب الدول العربية والإسلامية بتحمل مسؤوليتها تجاه القدس وأهلها وتبني مشاريع التثبيت والدعم علي مستوي المباني والأراضي والسكان وتوفير مقومات الصمود للشعب الفلسطيني ومقاومته في القدس والضفة في مواجهة الاستيطان الاستعماري والمشاريع التوسعية والانتهاكات لحقوق شعبنا الوطنية والدينية والثقافية والتاريخية وهناك سلاح فعال لدي العرب قادرين علي استخدامه وهو وقف التطبيع مع الكيان الصهيوني وفرض ضغوط اقتصادية حقيقية مثل استخدام النفط والغاز وسحب الأرصدة المالية من البنوك الأمريكية وتوظيف ثرواتهم وقدراتهم كسلاح مقاوم ضد المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية والامة العربية إضافة إلي مشاركة الشعب العربي بفاعلية في مساندة الشعب الفلسطيني في معركته الوطنية.
واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لـ (الزمان):
جبهة التحرير الفلسطينية
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية