قصة غش الحليب قديمة جداً، وتتجدد اليوم في عدد كبير من المعامل الخاصة والمشاغل غير المرخصة التي تبدأ عملها في ساعة متأخرة من الليل .
وتنتهي في ساعات الصباح الباكرة ولأسباب تتعلق في الابتعاد عن عين الرقيب وفقاً لتصريحات مديرية حماية المستهلك في محافظة حمص، وإن لجاناً تعمل على كشف حقيقة المواد المالئة (مواد تضاف الى تصنيع الحليب بغية الغش) تستعملهامعامل الألبان والأجبان في معامل تصنيع الحليب وغيرها من المواد المجهولة حتى لخبراء التحليل هناك .
وقصة تصنيع الجبنة هناك لاتزال سراً يحتكره أصحاب المنشآت وغيرهم ممن يعرفون قصة تلك المواد التي عجز مخبريو مديرية الاقتصاد والتجارة في حمص عن معرفة ماهيتها وكل ما عرفناه منهم أن بعض تلك المواد تتطاير بعد الانتهاء من عملية التصنيع ومنها بعض المواد الحافظة التي لم يعد مسموحاً باستخدامها في هذه الصناعة وحتى الآن تعمل مديريات التجارة الداخلية وفقاً لنظام التحليل وليس بقراءة النتيجة.
ما توصل إليه المعنيون في هذا الأمر في محافظة حمص هو أنه إذا كان هناك في السوق 50% من المواد مخالفة فإن ما تبقى هو مطابق، علماً انه لا توجد أي مادة مطابقة مئة بالمئة ووصل ببعضهم القول : حتى نصل إلى الكمال في هذه الصناعة فإننا نحتاج إلى بيوتات خبرة.
- كانت البداية في خبر همس به أحدهم وقال ل«تشرين»: إن مادة مالئة يتم تهريبها من بلد مجاور يستطيع من خلالها أصحاب منشآت الحليب صناعة كيلو جبن واحد من 2 كيلو حليب، وهذا الأمر يحتاج إلى 6 كغ حليباً في الحالة الطبيعية، وتوقع هؤلاء أن تكون المادة مالئة أو قد يكون لها تأثير كيميائي على الحليب فيؤثر على الجمادية، ولكن السيد نبيل السباعي مدير المخبر في مديرية الاقتصاد والتجارة بحمص لم يؤكد هذه المعلومة ولم ينفها في الوقت نفسه، ولكنه أشار إلى مادة النشاء في بعض العينات المصادرة من بعض المنشآت المخالفة وهي من المواد المالئة، وباستثناء المواد المسموح بها في صناعة الجبن فقد تم اكتشاف مادة بلجيكية مجهولة التركيب ومكتوب (عليها مكون غذائي وكوستيك الصودا) وهي مادة غير مسموح بها في صناعة الحليب ومشتقاته، إضافة لكيس يحوي مواد مجهولة، وهناك الماء الأوكسجيني، وكربونات الصوديوم المنظمة للحموضة وبنزوات الصوديوم وهي من المواد الحافظة غير المسموح بها.
- مخبريو مديرية الاقتصاد والتجارة في حمص قالوا: إن المادة البلجيكية المجهولة ولعدم احتوائها على بيانات فهي مخالفة حتماً، واستخدام الكربونات يتم في معامل الحليب المجفف، علماً أنه لا توجد لدينا معامل للحليب المجفف، أما كلوريد الكالسيوم فغير مسموح به إلا أن يكون من الصنف الغذائي وليس الكيميائي وبالنسبة لكوستيك الصوديوم فهي غير مسموح بها غذائياً وتستعمل للتنظيف في دارات الغسيل، أما الماء الأوكسيجيني فضرره يكمن في إتلافه للفيتامينات من الحليب، وهو مادة غير مسموح بها في سورية، واستخدامه يتم لتسريع عمليات الغليان للحليب (توفيراً للمحروقات)! وتستخدم أملاح الفوسفات في الجبن المطبوخ، شريطة أن تكون غذائية والبيكربونات الخاصة بتعديل الحموضة فهي ممنوعة، أما اكياس نشاء الذرة فالغرض منها زيادة وزن المنتج على حساب النوعية وبنزوات الصوديوم هي مادة حافظة، وممنوعة إلا في الجبن المطبوخ ويجب ألا تزيد نسبتها عن الواحد بالألف!
وأضاف المخبريون: أما المنتجات التي تم سحبها من السوق فقد وجدت بها جراثيم الكوليفورم وجراثيم العنقوديات الذهبية.
- السيد بسام الحسن مدير حماية المستهلك في حمص قال: إن ما تم ضبطه من مواد وعلى أساسه تم إغلاق المنشآت التي تتعامل بها كان من أماكن غير خاضعة للرقابة، وهي أقرب للمشاغل منها لمعامل الأجبان ومعظمها غير مرخصة، ومنذ أن بدأت الحملة في 18/12/2010م فإنه من أصل 103 ضبوط عينات أجبان مختلفة، فإن 85 منها مخالفاتها جسيمة و18 مطابقة، وهي غالباً ما تكون حليباً أو لبناً، ولم يطرأ عليها بعد أي عملية تصنيع، وأغلق نتيجة ذلك 24 معملاً بعضها مرخصاً.
وأضاف: إنه الغش، وعلى اختلاف أسماء المواد التي تمت مصادرتها فإنها تستهدف حفظ الحليب ومنتجاته من ارتفاع الحموضة وزيادة المردود أيضاً، ويهدف أصحاب المنشآت المخالفة إلى استبدال مواد الألبان غالية الثمن بأخرى رخيصة، وبعض المواد التي يراد بها حفظ المنتج من الفساد، كان الاولى بهؤلاء التعامل معها حرارياً وبعضها يريدون إيجاد البديل للمواد الأساسية داخل الحليب!.
- الدكتور رمضان عطرة مدير عام شركة ألبان حمص رفض إقحامه في هذا الموضوع نظراً لحساسية الموضوع، ولكي لايفهم رأيه خطأ قال: إن المواد الحافظة التي تم ضبطها ينتج عنها مواد مخالفة للمواصفة ومتدنية القيمة الغذائية، ولها أضرار مباشرة على الصحة، ولبعضها أضرار تراكمية كالبنزوات على سبيل المثال فهي تترك على المدى البعيد شوارد في الجسم ومعلوم ان الحليب يقي من شوارد الرصاص وهو مع البيض من عناصر الوقاية فإذا وضعنا تلك المواد فيه فإننا نكون قد ضربنا الأثر الوقائي والإيجابي، أما الجراثيم التي وجدت بكميات كبيرة في العينات التي تم تحليلها مخبرياً فتعود بتقديري إلى إجراءات البسترة والتعقيم الضعيفة نسبياً المتبعة في المعامل والورش التي تتبع لها المواد، وبالطبع فإنها تتباين في تأثيرها حسب نسبتها ونوعيتها.
- الدكتور رمضان قال: إن هناك ضوابط يفترض بكل المنشآت التي تعمل في صناعة الألبان اتباعها وهي إلزام العاملين بالتحاليل الصحية الدورية للكشف عن الأمراض السارية وإلزامهم باللباس الصحي وغسل الأيادي وتعقيمها قبل العمل والالتزام بالحد الأدنى من المعدات والتجهيزات اللازمة لضمان سلامة المنتج مع استخدام الكروم الغذائي الستانليس ستيل /316/ وإجراء تحاليل أولية على الحليب قبل استلامه للتصنيع في الورش (لايتم تحليله غالباً) وإجراء تحاليل على المنتجات قبل تسويقها، واستخدام عبوات غذائية نظامية، لأن العبوات غير النظيفة سوف ينتج عنها مواد غير نظيفة فالحليب ومشتقاته من لبن وجبنة هي مواد ماصة، وأعتقد أن العبوات الجيدة لن تزيد كثيراً على سعر المنتج، كما يفترض إكساء الأرضيات والأسقف بالسيراميك، وفصل أماكن الإنتاج ببرك معقمة وعدم التدخين لأن الحليب وكما قلنا شره لامتصاص الروائح كما يفترض إيجاد شركات خاصة لمراقبة الجودة، ولكن كل ذلك ينضوي تحت اسم (الضمير) الذي يفترض به أن يكون يقظاً دائماً.
- الأستاذ عماد ندور معاون مدير الاقتصاد والتجارة في حمص قال: إن هناك ضوابط إدارية سيتم من خلالها تفادي الغش وحصره بالجهة صاحبة العلاقة ومنها إلزام نوافذ البيع بعدم عرض أي منتج للألبان ومشتقاتها إلا مغلفاً وعليه لصاقة، وإلغاء ترخيص المعامل التي تمارس العمل يدوياً والمتابعة الجدية من مديرية التجارة والاقتصاد لهذا الأمر، وأضاف: نظراً لأن الدخول إلى البيوت يحتاج إلى اذن المحامي العام وهو أمر صعب، فالمشاغل الخاصة لا يمكن ضبطها بشكل دائم فإن إلزام نوافذ البيع باللصاقة التي توضح مكونات المنتج هو الحل، وعن بعض المواد الكيميائية المصادرة قال: هناك استدعاءات في التموين لبعض تجار المواد الكيميائية يقولون فيها: إن استيرادهم لهذه المواد يتم لغرض معين وهو التنظيف وإذا كانت هذه المواد تستخدم لأشياء أخرى فلا ذنب لهم.
- الأستاذ حليم الأخرس مدير الاقتصاد والتجارة في حمص قال: إن إجراءاتنا الإدارية تتم حسب الأصول، وعليه ترغب مديرية الاقتصاد والتجارة من كل المواطنين الذين لديهم معلومات عن وجود منشآت غير مرخصة وتقوم بإنتاج الأجبان ومشتقات الحليب بشكل سري ودون رقابة بإعلام المديرية عن ذلك، لأن هدفنا هو صحة المستهلك، ومعلوم أن معظم المستهلكين لهذه المادة هم من الأطفال الذين نحرص عليهم كل الحرص ، وأشار السيد الأخرس إلى أن الطرق المؤدية إلى المنشآت المخالفة التي تم رصدها حتى الآن هي ترابية ويصعب الوصول إليها وقد تم إغلاقها حتى يتم ترخيصها أصولاً، وأضاف: لقد قمنا بمراسلة محافظة حماة، والتي يتم استجرار الجبنة الفاسدة ومنتهية الصلاحية منها لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وقمنا بمتابعة الأشخاص الذين يقومون بتصنيعها في حمص.
مكونات غذائية "مجهولة" استعملها 24 معمل أجبان بحمص
تشرين
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية