لولو طفلةٌ صغيرةٌ بريئة لا تتوانى عن تجربةِ كل جديدٍ والسؤال عن كل قديمٍ بحسها العفوي البريء الذي أودعهُ اللهُ بها لتستمرَ الحياةُ وتتطور ويتم عمران الأرض .
أحدِ الأيامِ أرادت لولو الذهاب إلى بيت جدتها التي تلازم الفراش منذ عقود لتتفقد أحوالها ،وضَّبت لولو اللابتوب الخاص بها ،استودعت أمها التي لم تدخر جهداً في ثنيها عن هذه الزيارة المجهولة العواقب قائلةً : يا ابنتي أنصحك أن تبقي في المنزل وتتركي الجدة العجوز راقدة على فراشها حتى لا تنزعج ،أخاف عليكِ يا ابنتي من الذئب الذي يتربصُ بكِ إذا ذهبت من الطريق الطويل أو القصير أو حتى لمجرد خروجك من المنزل أو التفكير بذلك ،لكنَّ لولو من أبناء الجيل الجديد الذي لا يلتزم بنصائح الأهل ويبقى مصراً على موقفه.
"روحي يا بنتي الله يحميكي" ودَّعت الأم لولو والدموع تنهمر من عينيها لعدم معرفتها بمصير ابنتها ،سارت لولو حتى وصلت لمفترق طرق وقرأت لافتة كتب عليها "هنا المفترق اتجه نحو اليمين أو نحو اليسار أينما ذهبت فلا فرق في الغابة" ،تابعت لولو سيرها بأحد الطرق ،وعيون الذئاب الحمراء تلمع من خلف الأشجار متابعةً خطوات لولو.
طرقت لولو باب الجدة ،انتظرت طويلاً لكنَّ الجدة لم تفتح الباب ،فأمسكت لولو هاتفها المحمول وتفقدت إيميلها وقامت بإرسال بعض الزقازيق عن طريق موقع تويتر (الجدة لا تفتح الباب ،الجدة لا تسمع) ،ذهبت لولو إلى النافذة لتسترق النظر فإذا بالجدة تداعب الذئب وعندما طرقت لولو على النافذة نظرت الجدة بلا مبالاة إلى لولو ثم التفتت مرة أخرى إلى الذئب ،عادت لمداعبته ،ولولو في الخارج لا تعرف ماذا يجري ،قامت لولو بوضع ستيتس على الفيسبوك عن طريق الموبايل (الجدة والذئب يلعبان وأنا وحيدة في الخارج).
نظرت لولو خلفها ،الظلام بدأ يخيم ،أصوات الذئاب بدأت بالتعالي ،الجدة في بيتها الدافئ تداعب أحد الذئاب ،فشعرت لولو بالخوف ،بدأت دقات قلبها بالتسارع ،عادت إلى منزلها راكضة وهي تسمع أصوات الذئاب وترى بريق عيونهم الحمراء من وراء الشجر ،لولو تابعت الركض بدون توقف وصادفت أثناء ركضها الكثير من الحيوانات (أرانب – غزلان – حمير – بقر – سناجب – كلاب – طيور – أفاعي – دببة - فيلة) كلها تجلس بهدوء فوق الأشجار لا تتكلم حتى لا تسمعها الذئاب.
فجأةً وجدت لولو نفسها خارجَ الغابة ونظرت إلى الخلف لترى ناراً كبيرة تقترب باتجاه الغابة ستحرق الشجر وما فوقه وما تحته وما خلفه ، ففتحت اللابتوب فوراً وشرعت بكتابة تدوينة عنوانها "أيها الغابة احذري يجب عليكِ البدء بإطفاء النيران" ، فبدأت التعليقات على لولو بين متهم لها بالتعاون مع الذئب للنزول من فوق الشجر وبين متهم لها بالحقد على الجدة العجوز.
حماك الله يا لولو وحما الغابة وكل من فيها
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية