ارحـل؛ ارحـل؛ ما تفـهـمـش معـنى ارحـل: يـعــني امــش
* صـوت مـن مـيـدان الـتحـريـر*
المـتمـكن من اللغـة الـعـربية؛ والذي يـعـرف أسرارها وقـيمـتها التـعـبيرية والدلاليـة؛ وارتباطها بالعـلـوم
الإنسانية؛ يستطيع أن يفـكـك خـطاب الشباب الـثائر في مـيدان التـحـرير؛ بحـيث كلـمة واحـدة؛ كانت ترددعـلى كـل الألسـنة؛ وتنعـكس أو تـتجـسـد خـطيا؛ عـبر اللافـتات والـيافـطـات والأرصـفة والشارع الدائريالـميـدان [ ارحـل..... ارحـل] وهـذا يـعـد ( فـعلا)والـفـعـل:هـو حـدث اقـترن بزمان؛ حـسب الـمــنظورالـنـحـوي والـبلاغي؛ لكـن نـحـن أمـام فـعل/ أمـر؛ ولا يـستقـيم إلا في سـياق مـقـامي مـعين؛ ومـدى العلائق
بيـن طـرفـين( الآمـر/ الأمـور) بـغـية إنـجاز الـفـعـل؛ مـن الـطرف الأدنى؛ بـعد تـلفظه مـن الـطرف الأعلى لـكن الـحـدث التاريخي؛ الذي عـشـناه قـلبا وقالبا في مـيدان التـحـرير؛ أمـر مـن الأدنى (الـشبـاب/ الشـعب) للأعـلى( الـنـظام/ الـرئـاسة) فـسياقــه الـمـقامي: الالـتماس/ طـلب ولـيس أمـرا؛ ولـكـن ( الأمر):هــو الفعل الذي بواسطته نطلب حصولـه في الزمن المستقـبل، ولـفـظة ( ارحـل) التي عـمت فـضـاء كـل المحافظـات
لـيس طـلبا ولا مـلتمسـا؛ بـقـدر مـا هـو ( أمـر) في سـياق نـظرية ( الأفـعال) مـما ارتبط بالمسـتقـبل فـاعـله ( الـحـدث/ الثورة) التي أسست مـرتكـزين؛ لم يـنتبـه ( إلـيهـما) أغـلب المـحـللين السياسيين/ الأكاديميين/ النشـطاء/ الـحـقوقـييـن/.../ الـذين سـاهـموا بـتصريحاتهـم وتحـليلاتـهم في أغـلب الفضائيات؛ التي غطـت الأحـداث بـحذافـيرها؛ رغـم الاكـراهات والـملابسـات مـن الموقع والتشويش والتضليل الـمتـعمد مـن لدن أغـلب الإذاعات والمحـطات؛
* فالـمرتـكـز الأول: تـكافـؤ الـمقامات ( الـنـظام/ الرئـاسة)=( الـشـعـب/ الشـباب) مـما أدى لتوليد فــعـل
- الأمـر- بين الـطرفـين( خطب مبـارك / نـائبـه) ومـا يتردد مـن فـعـل( الـشباب) تـلفـظـا والـذي كـان يـمـثل قـولا ذي ( مـعـنى) لـم يـسـتوعـبه(الـنظام وبـطانـته والـمنـتظـم العـربي والـدولي) في بدايـة( الـحـدث) لـكن بالـتـحـدي والـصمود مـن أجـل تأسيس مبدأ التداول السلمي للسلطة، وتـرسيخ فــعــل - ارحـل ـ والتشـبت بـه؛ أو كمـا يسمـى في( نـظريـة الأفـعال) حـسب ـ أوستين- قـوة التـلفظ؛ التي أمسـت تـنـجز مـعـنى قـصـديا أو تـأثيرا واضـحا مـن خـلال تـزايد الـمحـتجين والـعـنوان المرفـوع كـل( جـمعة)كـمـقاصـد مـعـيـنة ؛ لـتـبـليغ الـرسالة؛ لإحـداث الأثـر؛ هـدفـه( أن) يـنـجـز- الأمـر- ولـيس الـطلب ، مـما
أمـست الـمقامات و الـموازن تتـغـير و تـخـتل؛ عـبر مـواقـف المنتـظم ( الدولي) و( البيانات / الـخطاب)الـحـامـلة لـلـتنازلات ومـحاولة تـحقـيق الـعـدالة الاجتمـاعـية/ الـقانونية/ الـدستورية؛ وكـل هـذا يـندرج في إطـار فـعـل ( الطـلب) لـكي لا يـتم إنـجازفـعـل( الأمـر)حـتى لايـوافـق مـقتضى الـحال/ الـحدث؛ فإنـجازه يـعـنى اقـتضاء الـسقـوط والانـهـيار مـن ( الأعـلى) إلى- الأسـفـل) وبالـتالي فـهـالة ( الأبوية) كـمعطى
فـطري وغـريزي؛ قـبل السلـطـة كمـعـطى هـلامي وتـطبـعي؛ سـتفـقـد مميزاتها وحـضورها الاجـتـماعي؛وهـذا مـا يـدفـعـنا أســاسا لاستـحـضار
* الـمرتـكز الثـاني: فـشباب ( الفايس بوك) أو كـما سميـناه ( نيل بـوك)فـهـاته الوسيلة التواصلية؛ أفـرزت بـعـدا أيـديولوجـيا؛ بين تـنايا ـ النيت ـ و في اللاشـعور الفـاعـلين/ المتـحاورين؛ تمـثـل في مـحاولة قــتل الأب ( الـرمزي) كسلـطـة سـياسيـة ورقـيب مـاضوي وآمر تاريخي/ أزلي؛ وبالتالي لـكي يـحـقـق الشباب
أو جـيـل مـا بـعـد الـحـداثـة أو الـتـكـنولوجيا؛ مشروعـيتهم في الحاضر وترسيـخ انـوجادهم الاجـتماعي والتاريخي؛ إلا ب( الـقـتل/ الـرمـزي) كـوازع لـخـلق قـطيـعة جـذرية مـع الـماضي المنغرس والـمـتحـكم في الـحاضـر؛ وهـاته الـعمـلية تـقـتضي أساسا الإقـدام عـلى إنـجازـ تراجـيديا – ممـكن أن تـكون دمـوية؛ وفـعلا كانت دمـويـة، مـن حـيث الأحـداث ( الاحـتجاج/ الـثورة) وهـاته الأخـيرة؛ بـالمـنطق الـخـفي لقـتل(الأب) استـطاعـت أن تتجاوز حتى أبوية( الأحـزاب) ولا أغـالي إن أشـرت: فالـعـديد من أعـضائـها ضـمنيـا ( كـانوا) رافـضـيـن لـهاته ـ التراجـيدية – لـيس مـن منطلق الـتجـاوز بـل مـن خـلال الـموروث السـلفي و الاعـتـقادي الـمسـتـنبت في الـبـنية الـذهـنـية الـعربيـة؛ والـمتجلي أساسا بتـضحـية الابـن (بـدل) الأب؛ ومن ثمة سـنـكون أمـام بـدعـة؛ لـكن تـيار الاحـتجاج ؛ قـلب الـمفـاهـيم ولـغة الـخطاب عـند الـعديد من الأعـضاء الحـزبيـين؛ وخـاصة مـفـردة ( الـفـضل للشـباب)( ثـورة الشـباب) .
فـهـل هـي ريـاء مـن أجـل إثبـاب وجـود( أم) قـناعـة مبـدئيـة وإيـمانية، فـرضتها الأحـداث ومـتغـيرات مـجـرى الـتاريخ؟؟ طـبيـعي فـالأيـام الـقادمـة ستـجيب لامـحـالة عـن التسـاؤل ؛
إذن؛ فـفـعل ـ الأمـرـ كـان مـلازما أو إحـدى الأسـس الضـمنية لاغـتيال الأب/ الـرمزي؛ وذلـك لإعـطاء نـفـس بـديل لصـفـحات الـتاريخ ؛ مـلغـيا الأطـروحـة الماضوية ؛ لـتحقـيق عـقـلنـة الحاضر والمسـتقــبل وذلـك لتـمظـهر العـقـل فـي أوجـه وشـعلـته وتـفعيـل الكفاءة بـعطائـها وديناميتـها ، لـتـرسيخ قـيم بـديـلة تـستجـيب ومـتطلـبات الألفـية الثـالثة؛ بـدل الـتقـليـد والوصاية؛ وفـعلا في مـعمـعان الـحـدث، بـرزت عـدة
أسـماء شـبابية؛ مـن الصعـب حـصرها والتي رسخـت شـرعـيتـها التاريخية؛ وأبـانت عـن طاقـتها وكفـاءتهـا؛ مـفـنـدة الـنعوت الـمبتذلـة التي ألصـقت بسـلوكها وتـصرفاتها الأخـلاقـية؛ التي حـولـتـهم كـذوات غـير فـاعـلة وخارج الـتاريخ؛ لـكن تـلك الأحكام الاسقـاطية؛ أجاب عـنها الشبـاب أنـه جوانيـة التاريخ بـكل وثـوقـية ومـتفاعل مـعه بأسلوب تـفكـيره؛ وبالتالي فالآخـرون هـم الـذين خـارج الـتفاعل الحـقـيقي مـع الـشعب؛والتاريخ؛ إذ مـن هـؤلاء الشباب مـن تربى في أحـضان الـفـعل السياسي والإيديولوجي الصادق ك/ نـوارة نـجم/ صـلاح مصطفى/ عـمرو كـريم؛ ومـنهم مـن في أحشائه روح إنسـانية صـادقة ونـضال فـطري فـعالك/وائل عـباس/ أسمـاء مـحـفـوظ/ شيـماء إسمـاعـيل، ومـنهم من ثار بشكـل ضمني عـن وضعه الاجتماعي الميسـور؛ ومـال لقضـايا مـنهم في أمس الـحاجة للقـمة عـيش؛ وحـرية غـير مشروطة ك/ حسام حـملاوي/وائل غـنيم؛ وهـذا الأخـيرأعـطى عـبرة تـاريخـية؛ بـوثيقـة مصـورة ( لـست بـطلا؛ وأرجوكم؛ ألا تـجعلوني بطلا؛ فالأبطال هـم الـذين كـانوا في مـيدان التـحـرير) إشـارة ديـمقـراطية/عـقلانية؛ لـمن يفـضـلون الظـهور وركوب الأكتاف؛ والتبجـح بما لـم يـنجزوه ( فـعلا) وبالقـول أنـجـزوه؛ وبالتالي فـالطاقة والإرادة الشـبابية
كشـفـت بأن المقامات أفـقيـة وليست عـمودية؛ تـلغي مـنظومـة( آمـر/ مـأمـور) وبالإمكان إخـضاع الضـعيف للسـقـوط؛ بـتوفـر الإرادة والـصـمود في القاعـدة؛ التي يـرتكز عـليها ـ الـنظام ـ وتأكيـدا أن النـظام المصري انـكشفت أوراق ضـعـفه؛ مادام لم يـستـطع خـلق تـدبير ومـقاربة ؛ لاحـتـواء الشارع وغـضبه؛ وبالتالي حقق الـمحـتجون ـ الثائرون ـ فـعل الأمـر( ارحـل) الذي غـير قاعـدته الـنحـوية( أي) حصولـه في الزمن المستقبل بـل في ظرف (ثمانية عـشر) يوما؛ تـحـول إلى فـعـل( مـاض)= لـقـد رحـل؛ ونـعلم بأن(قـد) حـرف تـحـقـيق؛ وعـمليـا تـحـقـق الرحـيل؛ ومـن لـم يصـدقه؛ فـتم إدخال اللام على الـتحـقـيق( لـقـد) إمـا تأكـيـدا لحـدوث الفـعل؛ ولـكن في سـياق التطورات؛ هـنا: اللام لام جـواب قـسـم محـذوف والمقـصود أن هـناك جملة قـسم مـقـدرة قـبل( لقـد)وتقـديرها= والله لـقـد رحـل؛ وهـذا مـايفـسـرالـفـرح الذي عـم مـحـيا الشـعب وعـيون الـعـدبد منهـم تنهمر دمـعا؛ تتـحدد بين التـصديق وعـدمـه؛ وبالتالي فالشباب الـذي تـجاوز كـل العـقـليات والفعاليات ؛ التي كانت تخطط وتناور سيـاسيا ؛ هـل استطاعـت عـملياقـتل الأب( الـرمزي) مـن خـلال قـتل سـلطة ( الماضي) ؟
هـنا فـمـجـريات الأحـداث وتـفاعـلاتـها المتـلاحقـة؛هي التي سـتجـيب عـن التسـاؤل؛ وعـلى ضـوئه؛
فـرحمى وطوبى لـكل الشـهداء الذين سـقـطـوا عـذرا؛ برصـاص الـجـبناء والـعـملاء في مـصرالـعامرةوتـونس الـخضـراء
[email protected]
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية