أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مواقع التواصل الاجتماعي تنقل الاحتجاجات من فضاء الإنترنت إلى الشارع المصري

لم يكن في وارد أحد من المتابعين أن يكون لمواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية هذه الفاعلية في التأثير على المصريين للنزول إلى الشوراع والميادين العامة للاحتجاج على أوضاعهم المتردية والمطالبة بإسقاط النظام.

البداية كانت من دعوة أطلقها شباب مصريون على "فيسبوك" بعد يوم واحد من الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي، تقول "فعلها الشعب التونسي في 14 يناير، وسنفعلها في 25 يناير".

الدعوة، التي أطلقها شباب مصريون لا ينتمي غالبيتهم إلى أي أحزاب سياسية، كانت مرفقة بمجموعة من البوسترات التحريضية والتي تدعو المصريين للنزول إلى الشوارع في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، وأعلنت عن شبكة من نقاط التجمع للتظاهر عبر مختلف المحافظات المصرية، وطالبت الناس بالاحتجاج السلمي.

حركات سياسية إلكترونيةوفي هذا الإطار نشطت "حركات سياسية إلكترونية" مثل "شباب 6 أبريل" في الدعوة إلى التظاهر، وحشدت في بضعة أيام الآلاف من المؤيدين، الذين قاموا بدورهم بإنشاء صفحات إلكترونية جديدة تتبع مناطقهم في مختلف المحافظات المصرية، ووجهت المتظاهرين إلى أماكن التجمع، ورسمت خريطة لأماكن تجمعهم، وكانت البوسترات والشعارات التي أطلقتها هذه الصفحات هي ذاتها التي رفعها المتظاهرون حين نزلوا إلى الشوارع.

ويشرف على مثل هذه الصفحات جيل جديد من الشباب المصري، يقولون إنهم "يريدون التغيير" و"إسقاط نظام الرئيس المصري حسني مبارك"، ووصفت بعض هذه الصفحات الرئيس مبارك بـ"الدكتاتور"، فيما طالبت أخرى بـ"رحليله عن الحكم"، وعنونت إحداها اسمها بـ"25 يناير يوم الثورة على التعذيب والفقر والفساد والبطالة"، وأرفق ببوستر حمل شعار "وتستمر ثورة مصر" رسم أسفله قبضة يد يعلوها رأس صقر.

ومنذ اليوم الأول للاحتجاجات، وبعد أن أدركت السلطات التأثير القوي لقيادات "الثورة الإلكترونية" ودورهم في تأجيج الشارع، حجبت موقعي تويتر وفيسبوك عن البلاد، كما عطلت شبكات الهواتف المحمولة في محاولة لقطع التواصل بين المتظاهرين الذين كانوا يتلقون المعلومات بخصوص التحركات والتجمعات عبرها.

وكانت إدارة موقع فيسبوك قد أصدرت بياناً قالت فيه إن موقعها في مصر شهد هبوطاً حاداً في معدلات النفاذ إليه، في حين أصدرت شركة فودافون العالمية للاتصالات الخلوية بياناً قالت فيها إن فرعها في مصر طلب منها بناء على طلب من السلطات المصرية وقف خدماتها في مختلف أنحاء البلاد لقطع الطريق على تواصل المتظاهرين.

وعلى ما يبدوا، فإن هذه الخطوة التي أقدمت عليها السلطات دفعت الكثيرين من مستخدمي الإنترنت للنزول إلى الشارع بكثافة أكثر، ونقل المعركة من "العالم الافتراضي" إلى الشوارع والميادين العامة.

وتناقل الشباب المصري ممن أتيح لهم استخدام البروكسي في محاولة للالتفاف على الحجب، طرقاً وأساليب متعددة للنفاذ إلى المواقع المحجوبة من أجل التواصل، ونشروا أكواداً ومواقع تشير إلى كيفية كسر الحجب عنها.

تغطية إخبارية آنية"شبكة رصد" الإخبارية والتي أطلقت صفحتها بالتزامن مع انطلاق التظاهرات في الشارع المصري على موقع "فيسبوك"، هي الأخرى واحدة من الصفحات التي يتابعها حتى إعداد هذا التقرير نحو 346 ألف مشترك.

وتنقل هذه الصفحة أحداث التظاهرات لحظة بلحظة، وتغذي الصفحة بمعلومات تتضمن صوراً ومقاطع فيديو للاحتجاجات تصلها من مختلف محافظات البلاد، مستندة على شبكة واسعة من المراسلين في غالبيتهم هم مواطنون يتواصلون مع المشرفين على الصفحة عبر أرقام هواتف وإيميلات معلن عنها في واجهة الصفحة.

وكتب المشرفون على الصفحة في تعريفها نصاً يقول "راقب وصور الأحداث وأرسلها لنا مباشرة وفي أسرع وقت"، مرفقاً بإيميل وأرقام هواتف يتم من خلال التواصل مع المشاركين بملفات الفيديو والصور الفتوتغرافية وآخر المعلومات بشأن التطورات في أماكن تواجدهم.

وقد بدأت الصفحة اليوم نقل الأحداث باللغة الإنجليزية بعد أن شهدت إقبالاً متزايداً في عدد المشاركين فيها، لا سيما من خارج مصر. ودأب القائمون عليها على ترجمة الأخبار التي تنقلها عبر وسائل إعلامية مختلفة تتابع الأحداث في مصر، إلى اللغة الإنجليزية.

وتتلقى الصفحة يومياً عشرات المشاهد المصورة والصور الفوتغرافية، بالإضافة إلى أخبار الأحداث من مختلف المحافظات المصرية، فضلاً عن مئات المشاركات التي يحملها المشاكون على واجهتها "الحائط".

أما اليوتيوب فقد عج بالمئات من مقاطع الفيديو التي تظهرت مشاهد الاحتجاجات الشعبية من مختلف مناطق البلاد، بعضها نقلتها الهواتف النقالة، وأخرى التقطها مصورون هواة، وثالث تناقلته وسائل الإعلام العالمية المتلفزة.

ولم يقتصر عمل الشبكة على متابعة الأحداث في الشارع المصري، بل نقلت أيضاً بالنص والصورة أصداء الاحتجاجات التي نظمها المصريون في عواصم عالمية مثل لندن وباريس وبروكسيل أمام سفارات بلادهم.

وعلى خلاف كثير من الثورات التي شهدتها مصر تحت شعارات كانت تقودها أحزاب سياسية، وفي بعض الأحيان تحت شعارات دينة، يقود هذه الاحتجاجات شباب مصريون لا ينتمي غالبيتهم إلى أي أحزاب سياسية، بل إنهم من جيل ممن تفتحت أعينهم على نظام مبارك، وشهدوا صباهم في عهده، وشبوا في عصره، ولم يجدوا إلا في التكنولوجيا وسائل للتعبير عن مطالبهم بعد أن حرموا من وسائل النزول إلى الشارع منذ زمن.

العربية
(121)    هل أعجبتك المقالة (112)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي