بعد الحمد لله ثم تحية الشعب التونسي على لوحة الحرية التي خطها بدماء الشهداء وصرخات المقهورين وفحم جسد البوعزيزي المحروق ،أبدأ...
الثورة أصبحت سلعة فكرية
تصدير الثورة مصطلح لا يخلو منه برنامج وثائقي أو تحليل سياسي لأي حركة شعبية قامت أو تقوم في بقعة ما من العالم ، فإيران مثلا متهمة حتى اللحظة بمحاولات التصدير وكثير من الدول الثورية كذلك ، حتى يظن البعض أن الثورات تتبع لوزارة التجارة أو للمؤسسة العامة للاستيراد والتصدير ، ففي حين يتكلم الاقتصاديون عن اقتصاد المعرفة ،ما يزال كثيرين - وليسوا قلة - يتكلمون عن اقتصاد الثورة واقتصاد الثروة.
منذ أشهر كتبت مقال بعنوان الموضة الفكرية وأن مفكرينا يعشقون التقليد والتشبه إلى حد الثمالة ،وهذا ما حصل! ، فقد تحولت تونس إلى موضة فكرية وجد الكثيرون فيها ضالتهم.
الموضة التونسية تكتسح العالم
تونس تركيب ثقافي وواقع اجتماعي وخصائص معينة (تقنية وزمانية ومكانية) تكاتفت لتصنع ثورة شعبية وتقص الشريط الحريري لمؤلفات جديدة في تاريخ وحاضر ومستقبل المنطقة بل العالم ، وبدأت الشعوب كما المفكرين بالتشبه بالغالب -شعب تونس- فبدأت عمليات الحرق - أكثر من عشرين حتى الآن - والدعوات للمظاهرات وتشكيل مجموعات على الفيسبوك على أمل الحرية والعدل وتأسيس المدينة الفاضلة.
ولم يؤدي ذلك إلى شيئ سوى تعميم قائمة على منافذ الاستيراد بالمنتجات التونسية التي يجب مقاطعتها وعلى رأسها الثورة باعتبارها أصبحت منتج استهلاكي تُسخَّر الكثير من الطاقات لاستيراده.
الشعب والمجتمع لا يموت ولا يفنى ليوم القيامة
الضرب المبرح على المفاصل الفكرية والاقتصادية وبعض المراكز الحساسة في المجتمع يؤدي إلى حالة من الإغماء ولكن "الضرب مهما كان قويا لا يصيب المجتمع بالعقم" ، وهذه هي الحقيقة الوحيدة التي أحب أن أستنتجها من مجموع الثورات الشعبية ومنها تونس ،أما ما يحيط بالثورة فهو يتغير بتغير الزمان أو المكان ومقارنة بسيطة بين الثورات الشعبية (وما أكثرها) كافية لإثبات ذلك. فثورة الشعب الجاهزة لن تناسب مقاساتها أي شعب آخر.
المجتمع والشعب يبقى قادراً على إنجاب التغيير بشرط أن تتوفر الرائحة الناخزة المناسبة التي تستفزه ليقوم من حالة الإغماء التي يعيشها - رائحة احتراق البوعزيزي في الحالة التونسية- ، وقد يتلقى ضربات أقوى وأقوى حتى يعود لغيبوبته أو تكون الظروف قد استكملت ليتم تداول أسهم شركة الشعب في بورصة الثورات الشعبية.
المجتمع بحاجة إلى تبرع بالدم
في كثير من الحالات يتم مخالفة قوانين الاتحاد الرياضي العام وبدل الكاراتيه (تعريبها اليد الفارغة) يتم استخدام فنون قتالية تعتمد على أسلحة حادة وفتاكة تسبب نزيفاً حاداً في الطاقات والأدمغة ويصبح المجتمع بحاجة إلى تبرع بالدم ليبقى على قيد الحياة ،كانت مهمة التبرع بالدم وظيفة الأنبياء وأتباعهم وبعد ختم النبوة بدأ عصر جديد من عصور التغيير كانت تشارك فيه الفلسفات البشرية بقوة في التبرع بالدم لإبقاء الحياة في المجتمعات المقهورة.
في بعض الأحيان قد تقطع إحدى الضربات شرياناً (دول العالم الثالث وأوربا في العصور الوسطى) فيؤدي ذلك إلى نزيف حاد وقد يؤدي ذلك إلى التحول إلى حالة دموية وفي أحيان أخرى تكون الكاراتيه سيدة الموقف (أوربا الشرقية في العصر الحالي) فيتم الضرب والصراع بدون دماء ويكون عبارة عن كدمات بسيطة.
قال أحد الأصدقاء: "أتمنى أن تعدي إنفلونزا تونس الجميع" قال آخر: "ما عاد يمشي الحال الأنظمة أخذت لقاح ضد انفلونزا الثورة التونسية"
Shackow.wordpress.com
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية