تعود الكوميديا لتتسيّد المشهد الدرامي هذا الموسم، في محاولة لاستعادة الألق الذي افتقدته. في الموسم الماضي، شهدت الأعمال الكوميدية تردّياً وتكريساً للاستسهال، لكنّ الموسم الحالي يسجل عودة قوية لأيمن زيدان في «يوميات مدير عام» الذي قدّم جزءه الأول عام 1997.
يومها، كان النجم السوري يدير «شركة الشام للإنتاج الفني»، وقد حقق المسلسل نجاحاً مدوياً وجماهيرية كاسحة، إذ تصدّى للفساد الإداري عبر قصة طبيب يتسلّم إدارة مؤسسة حكومية، فيقرر التنكر لكشف كل أنواع الفساد المستشري في مؤسسته. وقد نجح زيدان في تقديم عشرات الكاراكترات الكوميدية المتقنة، وها هو يعود ليقدّم جزءاً جديداً من مسلسله الشهير، رغم أنّ هناك من يرى أنّ الفساد الإداري لم يعد مادة كفيلة بإضحاك الجمهور، ولا يمكن التعويل على الأسلوب الذي نجح فيه الجزء الأول في التسعينيات، ولا سيّما أنّ موضوع التنكر كان بمثابة مفاجأة وعنصر تشويق صار معروفاً للجمهور. في المقابل، يرى النجم السوري أنّ الفساد لا يزال على حاله ولو تغيّرت الأساليب. ويبقى الرهان على تحقيق الإثارة في التنكر الذي سيكون الخط الكوميدي العام للمسلسل، علماً بأنّ الجهة المنتجة وفّرت كل التقنيات الحديثة، واستقطبت فريقاً من «الماكييرية» الإيرانيين المحترفين.
كذلك، سيكون الموسم الجديد فرصة ربما أخيرة أمام «كوميديان» سوري معروف هو ياسر العظمة، الذي توقفت سلسلته الشهيرة «مرايا» منذ أربعة أعوام، وحين قرّر العودة، عانى صعوبة في إيجاد جهة إنتاجية، لكنّه أبرم أخيراً اتفاقاً مع «شركة قبنض» وبدأ تصوير جزء جديد قيل إنّه تجاوز عثرات الأجزاء الأخيرة التي اتسمت بتكرار الأفكار. وهذه المرة، أخذ العظمة وقته لإعداد نص محكم وبدأ تعاونه مع المخرج سامر البرقاوي، لكن الأخير لن يتمكن من ترك بصمة خاصة به كمخرج، طالما أن الخيار يكون غالباً للعظمة في اختيار الممثلين وتحديد الملامح والشكل العام للمسلسل، الذي يواظب الكوميديان السوري على تقديمه منذ الثمانينيات، من دون التخلي عن الطريقة ذاتها في تناول المواضيع الاجتماعية، وانتقادها بطريقة اللوحات المنفصلة. المشاكل ذاتها يعانيها «بقعة ضوء»، الذي عُدّ من أهم المسلسلات الكوميدية السورية عندما أطلقه باسم ياخور، وأيمن رضا والليث حجو وتبنّته «سوريا الدولية»، لكنّ الشركة المنتجة قدمت جزءَين على مستوى لائق ثم بدأ التراجع حتى بلغ درجة كبيرة من الابتذال، وخصوصاً في العام الماضي. مع ذلك، ما زالت «سوريا الدولية» تصرّ على إنجاز جزء جديد يحمل توقيع المخرج عامر فهد. وقد أعلنت أخيراً رغبتها في شراء اللوحات الكوميدية ممن يرغب في المشاركة في الجزء الجديد، لكنّ النتيجة ستكون غالباً مخيّبة للجمهور، الذي ارتبط نجاح العمل لديه بصنّاعه الأساسيّين، سواء من نجوم التمثيل أو الكتّاب الذين يغيبون عن الجزء الجديد.
على الضفة الأخرى، قرر الممثل سامر المصري تدعيم ما يقدمه من دراما بمكتب صحافي يتولى الرد على منتقديه، بعد الهجمة التي شنها الصحافيون والنقّاد السوريون على مسلسله «أبو جانتي... ملك التاكسي» بسبب تردي مستواه. وكان أولَ ما أصدره المكتب الصحافي لـ «أبو جانتي» بيانٌ يؤكّد النية الأكيدة لدى صنّاع المسلسل الكوميدي لإنجاز جزء جديد.
أخيراً، بعد شراكة ناجحة مع نجدت أنزور في إنتاج «ما ملكت أيمانكم»، يعود المنتج محمود المصري ليتفرّد بإنجاز مسلسل كوميدي كتب نصه رازي وردة، ويخرجه صفوان نعمو. في حديثه لـ «الأخبار»، رأى نعمو أنّ «صايعين ضايعين» مستوحى من قصص شبّان عاطلين من العمل ويناقش مشاكلهم بطريقة كوميدية. وقد استقطب نجوماً عرباً منهم حسن حسني، وطلعت زكريا (مصر)، ورولا سعد، وطوني أبو جودة وأحمد الزين (لبنان)، إضافةً إلى النجوم السوريين وهم: عبد المنعم عمايري، وأيمن رضا، وزهير عبد الكريم، ونضال سيجري، وديمة الجندي، وجرجس جبارة. يعلّق نعمو بأنّه أراد من ذلك تكريس فكرة أن الدراما السورية صارت عربية.
ومن جهته، رأى الممثل أيمن رضا أنّ «صايعين ضايعين» من الأعمال القليلة التي تسلّط الضوء بوضوح على الشباب العاطل من العمل، بعيداً عن تحميل المسؤولية كاملةً للدولة.
وبمواجهة الدعاية الكبيرة التي يحظى بها «صايعين ضايعين»، فإن أحد النجوم السوريين الذين تسنت لهم قراءة النص، همس لـ «الأخبار» بأن العمل سيكون بمثابة فشل جديد لكاتب السيناريو، بعد الفشل الذي حقّقه في «أبو جانتي»، لأنه يعتمد على النكتة الدارجة المكرّرة والكاراكتير المبالغ فيه، لكن يبقى الحكم على هذا العمل وكل ما ستقدّمه الدراما السورية من كوميديا، رهناً بوقت العرض، رغم أن الدلائل باتت تشير إلى أن الفشل سيكون حليف الكوميديا السورية في موسمها الجديد.
حسن حسني كويس أوي
مسيرة طويلة خاضها الفنان المصري حسن حسني مع الكوميديا، سواء في التلفزيون أو السينما، لكنه اختار هذه المرة أن يتوّج هذه المسيرة بعمل سوري يتشارك بطولته مع نجوم سوريين وآخرين لبنانيين كأحمد الزين، وعبد المنعم عمايري... إذ يرى أنّ الفن لا حدود له، وأن كل الفنانين يمتلكون وسيلة واحدة لتسويق ثقافتهم. وعن سبب مشاركته للمرة الأولى في الدراما السورية من خلال مسلسل «صايعين ضايعين»، اختصر حسني الجواب بالتعبير أولاً عن سعادته بالوقوف أمام الكاميرا السورية، ثم قال إنّه يشارك في هذا العمل لأنّه «كويس أوي»، ولأنّه كوميدي بامتياز، ودمه خفيف!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية