4 جزائريين أحرقو أنفسهم و3 مصريين وتونسيين وموريتاني ، أعداد قليلة رياضيا ولكنها خيالية وكبيرة اجتماعيا ، لعل جهنم لم تعد تخيف أو أن نارها أصبحت أرحم بهم من هذا الواقع ،بالطبع هذه الأرقام هي التي نقلت لنا من قبل الإعلام وما خفي أعظم،
البوعزيزي الذي يمثل الغالبية من سكان العالم بما فيها غالبية سكان بلدك "بغض النظر من أي قطر كنت" ،البوعزيزي الذي لم يعد يحتمل الانتحار بالشكل البطيء الذي تمرسنا عليه كجماعات وكأفراد ،آثر أن يحرق نفسه وأشك أنه أستخدم المحروقات أو أداة ليضرم النار في نفسه ،آثر ذلك على أن يحتمل إهانة شرطي"ة" وتاء التأنيث هنا للإشارة إلى أن المرأة كانت قد نالت حقوقها في المجتمع التونسي وعلى الرغم من ذلك أحرق البوعزيزي جسده،
من أين سيعيش؟! حتى عربة الخضار تم مصادرتها بعد أن تعب لسنوات في إنهاء الدراسة ورضي بالتنازل عن شهادته حتى لا يمد يده للغير فعمل بائع خضار وبعدها لقي جزاءه لأنه رضي بأن يبقى "مواطن صالح" وكان جزاؤه صفعة من شرطية لعلها لا تتقن اللغات التي يتقنها ،تجرع مرارة حرمانه من لقمة العيش ونار إهانة كرامته وذهب ليشتكي للمسؤول "كمواطن صالح" وكوفئ أيضا بالطرد فما كان منه إلا أن أحرق جسده لينجح بما عجز عنه كل سياسيو العالم ومفكروه وقام بصهر كل قوى الشعب وتوجيهها لهدف واحد.
هرم ماسلو للبقاء انهار بعد أن أحرق البوعزيزي نفسه فكرامة الإنسان قبل وجوده "هناك استثناء لمن يرضى بالذل"، نظرية الحكم بالقوة والرعب انهارت بعد أن حرر الشعب التونسي نفسه فكرامة الإنسان قبل أمنه "هناك استثناء لمن يرضى بالذل" ، أفكار ميكافيللي بالسيطرة على العنصر البشري سحقت تحت أقدام التونسيين فعزة الإنسان قبل مصالحه "هناك استثناء لمن يتمتع بالذل" ،نظرية المؤامرة تهتز وبقوة لدى كل خبر عن تحسن الأوضاع بتونس والتوصل إلى حلول لملئ الفراغ الذي أحدثه غياب الآلهة البشرية التي كانت تسير شؤون العباد.
ليت من ينتقد البوعزيزي يملك الجرأة لينتقده أمام عائلته ،فهم أقدر للدفاع عنه مني.
ليت من ينتقد البوعزيزي تتاح له الفرصة ليجتمع بأهالي 100 شاب قضو بنيران القناصة ،فهم أفقه مني بالسياسة والجدال.
ليت من ينتقد البوعزيزي يشعر بهم بدون أن يتجرع ما شربوه أم لعله لن يشعر فالفقر لديه هو عدم تمكنه من شراء سيارة والظلم لديه نشرة أخبار لا يريدها أن تعكر صفو مزاجه.
لعل مكاتب الإحصاء يجب أن يعمل بها الشعراء والأدباء لا خريجو أقسام الرياضيات حتى يصيغوا لنا أرقام الفقر والجوع والبطالة بطريقة بليغة وشاعرية تحرك ساكنا أو على الأقل تنبه غافلا.
ليست كلمة "كأمثالك" انتقاص من شأنك ،بل هي إشارة ما يفتقده البوعزيزي (مادي ومعنوي) وأمثاله غفر الله لهم.
Shackow.wordpress.com
إلى كل منتقد - البوعزيزي ليس كأمثالك ... محمد شكو
الجزائر - كاتب سوري
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية