أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

احذروهم...الحكومة التونسية تسرق الثورة .. د. عوض السليمان

دكتوراه في الإعلام - فرنسا :


أعلن محمد الغنوشي اليوم الاثنين، تشكيلة الحكومة التونسية الجديدة، وهي حكومة زين العابدين بن علي نفسها، إلا في تغييرات طفيفة لا معنى لها عند كل ذي عقل ودراية.

فقد احتفظ الحزب الحاكم، أي حزب بن علي، بوزارة الداخلية والدفاع، والخارجية، وبقي محمد الغنوشي رئيساً للوزراء. فماذا جنت تونس من ثورتها.
لا شك أن الثورة بحد ذاتها، كانت أعظم إنجاز عربي تحقق منذ انتصار القوات العربية على الصهاينة عام 1973، ولا شك بأن الإطاحة بزين العابدين بن علي من أروع وأطهر اللحظات التي مرت على أمتنا العربية والإسلامية. ولكن، وعلى ما يبدو، من تشكيلة الحكومة الجديدة، فإن الذي سقط، هو ابن علي ولم يسقط نظام حكمه أبداً، فوزراء الخارجية والدفاع والداخلية والوزير الأول أيضا احتفظوا بمواقعهم نفسها التي كانت لهم إبان حكم الرئيس الهارب.
هل سيقبل التونسيون الذين رفعوا رأس الأمة العربية والإسلامية في السماء، أن يبقى" أحمد فريعة" في منصبه كوزير للداخلية، ووزارته هي المسؤولة عن ملاحقة أحرار تونس وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وهو المسؤول، مع من عينه بالطبع، عن الزج بآلاف الأبرياء في السجون التونسية.
ماذا كان يعمل هذا الوزير في تونس ، غير مراقبة الملتحين والمحجبات، وأقوال الصحف ونكات الناس في المقاهي، وماذا كان يفعل أكثر من مراقبة مرتادي الانترنت، والضغط على التونسيين والتنكيل بهم، فكيف يصح بعد هذا أن يبقى في منصبه. إن أهم عمل أمام الشعب التونسي بعد التخلص من رأس النظام هو التخلص من بقاياه التي قد يكون بمقدورها الالتفاف على الثورة وجني ثمراتها. إن التخلص من وزير الداخلية هذا على وجه الخصوص ورئيس الوزراء هو عمل يوازي في الأهمية الإطاحة بالرئيس الهارب زين العابدين بن علي نفسه.
مساء هذا اليوم، وعلى قناة فرنسا 24 أعلن الغنوشي أنه تهاتف مع الرئيس المخلوع في السعودية، وهذا إدانة لرئيس الوزراء بحد ذاته وبقطع النظر تماماً عما جرى في هذه المحادثة.
لا أريد أن أكرر ما ذكرته في بداية المقال، ولكنه لن يكون مفهوماً، أن يبقى رموز النظام السابق في حكومة، لا يريدها الشعب التونسي وضحى بالكثير من دمائه للإطاحة بها.


ومن عجائب الأمور أن محمد الغنوشي، أنكر في مقابلته مع التلفزيون الفرنسي أي علم له، بفساد زين العابدين بن علي وزوجته وأصهاره، وقال أنه لا علم له بالإثراء السريع والفساد الذي تفشى في أجهزة النظام، وأنه سيتم تشكيل لجان للتحقيق في كل ذلك. ولعمري فإن هذه فضيحة ما بعدها فضيحة، فإن كان رئيس الوزارة في دولة لا يعرف بما يجري فيها، فهو لا يستحق أن يكون لا رئيساً ولا خادماً للوزراء، وإن كان يعرف، وهو لا بد أنه يعرف وبالتفاصيل، فالمصيبة هنا أعظم، ولا بد من محاسبته واتهامه بالتواطؤ مع الرئيس السابق في كل ما عمل.


لقد كان الغنوشي طوال الوقت واحداً من أركان النظام السابق، ولم ينتقد ذلك النظام، ولم يختلف مع الرئيس ولم يقدم استقالته ولم يدافع عن الشعب التونسي المضطهد، فكيف يقول هذا القول الذي لا يقبله عاقل.
تذكرون كما نذكر، أن الغنوشي هذا، أعلن نفسه رئيساً للجمهورية التونسية بمجرد معرفة الناس بهروب زين العابدين، وقد تجاوز في ذلك الدستور التونسي، ومن الواضح، أنه كان يطمع بذلك المنصب لإبقاء الوضع كما هو عليه، أو ربما لتمكين بن علي من العودة إلى البلاد، ولولا انتباه الشعب التونسي ويقظته، لكان هو الرئيس اليوم، ولكن الضغط الشعبي أبعده في صباح اليوم التالي. ولكن الرجل لم ييأس وهاهو من جديد، رئيس للوزارة مع أصحابه في الداخلية والخارجية والدفاع. فماذا بقي من الثورة.


الشعب التونسي، نزل إلى الشوارع وقاتل فيها واستشهد عدد من أبنائه، فعليه اليوم أن يبقى في الشوارع ثائراً حتى تسقط رموز النظام السابق كلها، وأدعو الله، ألا يُغرر بالشعب التونسي بالكلمات المنمقة التي ذكرها الغنوشي وقال فيها أنه ضد الاستبداد، وأنه لا عودة لابن علي إلى السلطة فالغنوشي نفسه وزمرته هم ابن علي آخر ولكن في صورة مختلفة، والذي أسقط ابن علي عليه أن يسقط باقي أركان حكمه، وعليه أن يتخلص من إرث الظلم والاضطهاد التي عانى منه على مدار عشرات السنين.
مرة أخرى نحيي الشعب التونسي وثورته، ونأمل ألا تتوقف هذه الانتفاضة حتى يتم التخلص من أسباب الظلم ومن نتائجه أيضاً و"إن تنصروا الله فلا غالب لكم".


التهبت تونس واحترق الجلاد



(99)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي