أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ميتافيزيقا المازوت .. محمد شكو


بعد نظر وتأمل عميق في الحكمة من رفع أسعار المحروقات لم يسعفني عقلي المتواضع كإنسان بسيط بأي تفسير ميتافيزيقي بعد أن رفض فطريا فكرة نضوب النفطش حيث اقرأ بمعدل خبرين بالشهر عن اكتشاف بئر جديد وبدأ شركة جديدة التنقيب في موقع جديد دونا عن المشاريع الجديدة التي تكلف ملايين الدولارات لمحطات معالجة الغاز والنفط لمضاعفة الطاقة الإنتاجية من النفط والغاز وهي أخبار مبشرة لا تؤدي بطريقة التفكير الفطرية إلا إلى رخص أسعار المحروقات إن لم نقل استقرارها وفي دول ملكية وليست اشتراكية وبالتأكيد لا نرفع العين فوق الحاجب ونقارن احتياطي النفط والغاز بها ولكن في تلك الدول سعر المحروقات أرخص من سعر الماء فنحن لا نقول ذلك ولكن حتى دول تعاني من انفجار سكاني وأنضب منا نفطيا فسعر البنزين أرخص من بلدنا المدعوم.
لم أستطع تفسير هذا الارتفاع المتضاعف إلا قبل يومين وبعد سماع خبر إحراق أحد خريجي التعليم العالي لنفسه في إحدى المدن التونسية لأنه عومل بطريقة غير لائقة أثناء كفاحه لاستخراج رخصة لبيع الخضراوات (وهو خريج تعليم عالي) عاكسا حالة اليأس التي يمكن أن يصل إليها الإنسان جراء البطالة والظلم الاجتماعي فيؤدي به الأمر إلى إحراق نفسه عافاه الله وشفاه
سبب رفع سعر المحروقات الميتافيزيقي بعيد المدى وهو لجم الطبقة الفقيرة عن التفكير في مثل هذا الفعل بمخاطبة العقل الباطن أن البنزين والمازوت وكافة المحروقات شأنها شأن المرافق الترفيهية الخمس نجوم أو حتى شأن المكسرات على الطعام ليست بمتناول اليد وبالتالي يتناسى العقل الباطن خلق الله سبحانه وتعالى لهذه المواد كما تناسى في بعض الفترات مخلوق الموز وكما لا يدري كثير من المواطنين وجود مخلوقات كالكيوي وبداية كثير من العوائل بنسيان وجود مادة لحم الخروف العضوية
فعندما سيرتفع معدل البطالة لدينا (8,4%) للمعدل الموجود في تونس (14%) والأمر ليس بهذا البعد وخصوصا إذا علمنا أن التقديرات الغير حكومية (20%) أي ضعف تقديرات المكتب المركزي للإحصاء ستكون النتيجة نفسها وهي أن يموت شاب التعليم العالي ولكن هذه المرة بحرقة داخلية تؤدي إلى جلطة دماغية وسيكون وقع الأمر من باب التسليم لقضاء الله وقدره ولن يكون له وقع إحراق شاب من حملة الشهادات العليا لنفسه من شدة اليأس الذي وصل له -حكمة مدروسة-
بالطبع نتائج قرارات رفع الدعم عن مقومات الحياة الرئيسية (الدفء والحركة) التي انعكست على الطعام والشراب والكساء لن تظهر على المدى القصير فظهورها يكون بشكل خمسي كما الخطط فسوف نبدأ قريبا بسماع أضرار سوء التغذية والبدء برؤية أجيال يتضاءل مستوى ذكاؤها طبعا من سيسمع هذه المحاضرات ومن سيلقيها كما هي حال معظم البرامج الإنمائية للأسف لم يعايش احتراق والد لتأمين الدواء لابنه المريض ولا احتراق أرملة لتأمين آجار منزل فلن تأتي الأفعال بحرقة وبعجلة بل ستأتي شأنها شأن الأرقام الإحصائية لعدد المشاريع التنموية وقوة العمل الجبارة (1,6 مليون قطاع عام) المسؤولة عن تسيير المعاملات الذين بنسبة 5% منهم تستطيع شركة خاصة كمايكروسوفت الربح سنويا بما يساوي ميزانية سورية لهذا العام (18 مليار $)

 

(92)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي