أني مازلت أتذكر تلك الانغام الجميلة ,فقد جسدت معالم الحب والصدق والوفاء ,حركت في داخلي مشاعر الاشتياق والعودة لماض بقت أجزاؤه مدفونة داخل صدري,حتى بقاياه مثلت عند الآخرين صورة البطولة والكفاح المرير والعيش مع أناس خلوا من الرحمة والعفو والتسامح,بذلت قصارى جهدي لتجميع ماشتت من ذاكرتي من لحظات انتقلت بها من رمال الشواطيءوبين قيض الصيف وبرودة شتاء قاتل ,وتحت ظلال النخيل عند الجنوب ومع ينابيع الماء في أعالي الشمال,وبين حطام الموت والحياة,وبين زهور الربيع وذبول الأوراق عند الشتاء واصفرارها في الخريف,ألا أن الأمل المنشود سيحيى رغم كل شيء ,وعاود مع حلمي الذي فارقته في وقت ليس ببعيد,كان الاختيار صعبا وقاسيا واعتبرته شاذا لما يفتقر من المفاهيم وانعدام الرؤيا لذا ساترك كل أوراقي المبعثرة على الأرض حتى تأكلها النار يفعل عود ثقاب سقط من يدي بعد ان توهج النور بسكارتي,النار تأكل كل شيء بنهم ,لينتهي المطاف ان يختفي كل مادونته في السابق,لااحدا يرحم سطوري ,ولامتذكرا يعيد كلماتي ,وصلت أخيرا الى حقيقة واحدة لاغير بأنني رجل انهزامي عشقت الهروب عند المواجهة,مافائدة أن تعاد الذكريات بأنواعها مفرحة اوحزينة كانت,وأنا واقف في مكاني بلا حراك,فلتأتي هذه الساعة وعقاربها تباغتني وصدى صوت تكتكتها يملا راسي,ويوعز لي بان الموت المفاجئ قد حان ولامفر منه,فقد مضى ستين عام,وزارتني مرحلة الشيخوخة منذ وقت مبكر,وغزى الرأس شيبا وبدى لونه الكلي ابيضا ,ورافقني وسواس الرحيل وخصوصا بعد انتصاف كل ليلة وتعانقها مع فجر حزين,ما أن رأيت باب غرفتي مفتوحا على مصراعيه حتى ركلته بقدمي المتعبة وقلت
_متى تغلقين بلا فتح,ليعلن الصوت المبهم للزائر الجديد..
سيصرخ في الجسد بصوت عالي بعدها سيتوقف كل شيء بداخله,والقلب سيرتاح قليلا ويتعطل مثل أية ماكنة تعمل ليل نهار,اه وأنت ياسجادتي هونا من السير عليك بقدماي الثقيلتين ,وياملابسي القديمة كفاك تحملا عني البرد القارص والحرارة المرتفعة,الم تملا من تعليقك بالمسامير في الجدار الرطب والهش,العرق يتصبب من جبهتي ,وليس باستطاعتي كبح أنفاسي وان انفجارا سيحدث في جسمي ,وستنهشه النار وعقوبتي هذه شديدة فلم ارتكب أي ذنب كبير,بل استحق اللطف والرأفة والرحمة منك ياخالقي العظيم,فالصداع تمكن مني والحمى سرت بدواخلي,لعلي أعلنت الاستسلام,مالذي جرى لي فقد ضربت جبهتي في الحائط حتى تفجر الدم من راسي, لماذا لاادري,فلن أذق طعم النوم منذ ليلة أمس الأول,أني سار الى المجهول,وحتى باقة الورد التي اشتريتها قبل أيام لم تعد تليق بان أوصي بها أن توضع فوق قبري, لأنها بدت ذابلة ,لكن موقعها عند راسي جميلا يزيد يوم الغد الصافي وشمسه الربيعية ستكون باهرة المنظر,حتى نسائم الهواء ستعزف ألحانا موسيقية تطرب الجميع ومن سيحظر مأتمي ودقائق تشيعي,ستستقبلني من أحبها قلبي بجنون ,والتي سافرت مع الغروب البعيد ,كل يوم مر بعد رحيلك كنت تدعونني للقدوم أليك,أيتها الروح الباكية لقد حان المجيء واقترب الأجل المحتم,لم تشغل فراغك أية أنثى وليدة فأنت كنت عقيمة افقدتيني حلاوة العيش مع الأولاد وهذا كان إثبات حبي لك وتعلقي بك,وحينما سالتيني يوما
_تزوج ...ما ذنبك..؟
كنت رائعة أكثر مني وتشجعيني بالتحلي بالصبر ,ألان اتجه إليك ببطيء,لاتختبئي خجلى من ابتعادك عني فلاذنب لك فيه,فموعدي اقترب كثيرا,فلم استطيع الوصول الى سريري وان عيني أصابها العمى فأصبحت رؤيتي لكل شيء بياض في بياض,أقدامي صارت شديدة البرودة ولا اقدر المشي بها,وحشرجة مخنوقة داخل صدري,وتوقف لساني عن النطق فبالرغم من صراخي الشديد لااجد من يسمعني,لااستطيع أن أتقدم خطوة واحدة ,فاني أتحسس النار أكلتني كما التهمت كل كتاباتي,صرخاتي مكتومة بين أضلع صدري ,أنها ميتة لاصدى لها,ومن كثرة حركاتي شعرت باني سقطت على الأرض من فوق سريري,انه كان موتا إجباريا .......
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية